اعتمد السودان في السابق على العديد من الصادرات التي أسهمت بصورة كبيرة في الدخل القومي للبلاد، خاصة صادر القطن، حيث احتل مكانة رائدة بجانب صادرات الصمغ العربي، حيث تسهم البلاد بنسبة 80% من احتياجات العالم من تلك السلعة، بالإضافة لسلع أخرى، إلا أن هذه الصادرات ظلت تتراجع بشكل راتب عن المكانة الرائدة التى كانت تحتلها فى الزمان القديم، كما نشهد ذلك فى شأن القطن الذي كان سلعة الصادر الاولى، وكذلك الصمغ العربي رغم الهيمنة الإنتاجية التي خصَّ الله بها البلاد، وذلك لعدة أسباب أدت لتدهور تلك الصادرات، منها سياسة الدولة المتبعة خلال السنوات الأخيرة، بجانب ضعف البنيات التحتية، فصادرات السودان غير النفطية المتمثلة في القطن والصمغ العربي والحبوب الزيتية لم تشهد أي تطور نوعي في الوسائل أو الأدوات لتسويق تلك السلع. لذلك بقيت هذه السلع على وضعها السابق لم تراوح المكان على مدى المائة عام السابقة. وقد أوضحت بعض الدراسات من وزارة التجارة الخارجية تحصلت عليها «الإنتباهة»، انخفاض حصيلة عائد الصادرات الكلية بما فيها البترول من 11.442.621 مليار دولار في عام 2010 إلى 9.694.053 مليار دولار في عام 2011م بما يقل بنسبة 10%. وأرجع المختصون الانخفاض إلى انخفاض حصيلة عائد صادر البترول ومشتقاته خلال عام 2011م بعد انفصال الجنوب، حيث بلغ نصيب مساهمة البترول ومشتقاته حوالى75% من إجمالي الصادرات في نفس العام، حيث شهد العام انخفاض عائد صادر القطن بنسبة 7%، بجانب صادرات اللحوم بنسبة 27%. ولا يختلف عام 2012م عن الأعوام السابقة، حيث أكدت وزارة المالية انخفاض صادرات السودان خلال الشهور الثلاثة الأولى من عام 2012م بنسبة 83% مقارنة بنفس الفترة من عام 2011م، مرجعة الأمر بشكل رئيس إلى خروج النفط من هيكل الاقتصاد السوداني، حيث أبان تقرير صندوق النقد انكماش الاقتصاد السوداني خلال عام 2012 بنسبة 7.3%. إلا أن العام شهد ارتفاع صادرات السودان من الذهب في الربع الأول من العام بنسبة 130%، بجانب قفز صادرات المواشي إلى السعودية إلى 4 ملايين رأس بما يقدر ب 1.8 مليار ريال «نصف مليار دولار»، وارتفاع صادر الصمغ العربي إلى أكثر من 55 ألف طن، ولكن رغم ارتفاع تلك الارقام بالنسبة للصادر، إلا أنها لم يظهر إسهامها في الاقتصاد السوداني خلال السنوات الأخيرة. فحسب الدراسات فقد شهدت صادرات البلاد تدهوراً ملحوظاً في بعض السلع بجانب تحسن بعضها، ولكن المراقبين يرون أن قطاع الصادرات غير البترولية يعاني العديد من المشكلات المتمثلة في ارتفاع التكلفة المحلية وعدم منافسته الأسعار وارتفاع وتعدد الضرائب والرسوم، بجانب ارتفاع أجور خدمات الموانئ والنقل البحري ومعاناة الصادرات المصنعة، كما أن إسهام بعض القطاعات في عائدات النقد الاجنبي مازال محدوداً مثل المحاصيل الواعدة والصناعات الغذائية، ويرى بعض الخبراء باستثناء الصمغ العربي أن المنتجات السودانية تواجه منافسة حادة فى السوق العالمي، ليس فقط في جودة السلع ولكن أيضاً في الأسعار، خاصة أن إنتاجية الدول من هذه السلع عالية جداً بالنسبة للإنتاجية السودانية، بل حتى في الدول التي تقاربنا في وسائل الإنتاج في العالم الثالث، ورغم أن عناصر التكلفة قد تختلف إلا أن الفارق الكبير في الإنتاجية يجعل وضع الدولة التنافسي ضعيفاً، وهذا الشأن ينطبق على بقية السلع، لذلك فإن الاستراتيجية المطلوبة لتنمية الصادرات لا بد أن تضع فى الاعتبار هذه الأبعاد لضمان النجاح، وهذا ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي حسين القوني الذي أشار إلى ضرورة تحسين الأسواق المحلية بجانب الانفتاح على الأسواق الخارجية، وذلك بتحسين الصادرات كماً ونوعاً وتحسين العلاقات مع العديد من الدول، بالإضافة لتجهيز الموانئ لاستيعاب كميات كبيرة من الصادرات خاصة مع دخول بعض المحاصيل الزراعية في الصادر كالسنمكة والسمسم والحبوب الزيتية، وقال خلال حديثة ل «الإنتباهة»: «على الرغم من ارتفاع حجم بعض الصادرات غير البترولية لكن مازال إسهامها ضعيفاً»، مرجعاً الأسباب إلى اعتماد الدولة على الصادرات البترولية، وطالب بالتركيز على الصادرات الزراعية باعتبارها صمام الأمان. ويرى العديد من المراقبين أن الخروج من تدهور تلك الصادرات يتم عبر تبني برنامج للتصنيع يركز على الصادرات التي يمكن تحويلها لسلع مصنعة، بجانب تبني خطط وبرنامج بعيد المدى «جاد» لانتشال القطاعات الإنتاجية غير النفطية من وضعها الراهن.