غيّب الموت مطلع الشهر المنصرم الشيخ القاضي حسين أحمد الأمير السابق للجماعة الإسلامية في باكستان خليفة «أبي الأعلى المودودي»، عن عمر يناهز «74» عاماً، وقد كان القاضي حسين مهتماً بالقضايا المصيرية بالبلدان الإسلامية، لكن لم يكتب الكثير عن وفاته رغم أن حياته كانت زاخرة بالعمل، وكان قاضي حسين أحمد من أهم الرموز الإسلامية في باكستان والعالم الإسلامي، حيث ولد عام 1938 وحصل على شهادة الماجستير في علوم الجغرافيا، ولجأ إلى العمل بالتجارة، ثم انتخب نائبًا لرئيس غرفة التجارة والصناعة في إقليم خيبر بختونخواه في باكستان. انضم حسين لصفوف جمعية الطلاب الإسلامية في دراسته ، إلى أن انضم عام 1970 إلى الجماعة الإسلامية في باكستان التي أسسها الشيخ أبو الأعلى المودودي وانتخب أميناً عاماً للجماعة في عام 1978، وأصبح أميرًا لها عام 1987، وظل في المنصب خمس دورات، وانتخب عضوًا في مجلس الشيوخ الباكستاني عام 1985 و1992، وانتخب عضوًا في مجلس البرلمان عام2002، واختير رئيساً لمجلس العمل الموحد، وهو تحالف يضم الأحزاب الدينية في باكستان عام 2001، ليصبح مؤسس ورئيس تحالف الأحزاب الدينية مجلس التضامن الإسلامي. كان للشيخ قاضي حسين دور ريادي في القضايا المصيرية التي تهم الأمة الإسلامية وأهمها قضية فلسطين وكشمير وأفغانستان والبوسنة والهرسك والشيشان وبورما، وسافر للعديد من الدول الإسلامية للتباحث بشأن هذه القضايا مع الجماعات الإسلامية الأخرى، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين. قدم قاضي حسين أحمد استقالته من منصبه كرئيس للجماعة، لاعتبارات تتعلق بظروفه الصحية، وخلفه سيد منور حسين في انتخابات داخلية جرت بأبريل عام 2009 ، ولقد كان سيد منور حاضرًا بمؤتمر الحركة الإسلامية الأخير بالخرطوم في نوفمبر الماضي. علاقة الجماعة الإسلامية الباكستانية مع الإخوان بالعالم لم تنتهِ، فعندما أنشأ المودودي الجماعة في أوائل الأربعينيات بباكستان، نظر الإخوان المسلمون إليها فوجودوا مبادئها وأهدافها وقانونها يشابه أهدافهم ومبادئهم، فعملوا على مساعدتها والتعاون فيما بينهم كغطاء مشترك وأهداف واحدة غير أن المسميات مختلفة، ولم تنقطع صلة الإخوان في باكستان ولا بالجماعة الإسلامية فقد زارها محمد حامد أبو النصر المرشد العام للإخوان في مصر، وفي عهد قاضي حسين إبان توليه رئاسة الجماعة زار قاضي السودان مرات عدة أهمها في مؤتمر المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي الذي انعقد في الخرطوم في عام 1991، والثانية في مايو من العام2000 عندما وصل الخرطوم ضمن مبادرة علماء الأمة الإسلامية والدعاة التي تداعوا إليها من عدة أقطار منهم الشيخ القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والشيخ عبد المجيد الزنداني والراحل الشيخ الدكتور فتحي يكن رئيس جماعة الإخوان المسلمين التي كانت ضمن مبادرات عدة لرأب الصدع القائم حتى الآن بين حزبي المؤتمر الوطني والشعبي اللذين حتى اليوم كما هما بتلك الفترة، في حفل التأبين الذي انعقد بمدينة لاهور أمس الأول ألقى عدد من الرموز الإسلامية في الوطن العربي والإسلامي منهم راشد الغنوشي ومحمد مهدي عاكف المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين بمصر ومصطفى كمال رئيس حزب السعادة التركي كلمة في هذا الحفل، وكان عزاء السودان أن مثله في التأبين وفد برئاسة د. كمال عبيد لكن المؤسف أن قاضي حسين رحل ولم يلتئم صدع «الشعبي» و«الوطني» حتى الآن.