كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن انتشار الفساد بصور مختلفة مما حدا بوزارة العدل لتكوين آلية لمحاربة الفساد من قبل رئاسة الجمهورية والتي لم تسهم بالصورة المطلوبة في اجتثاث أصول الفساد المتجذرة على الرغم من اتخاذ عدة أساليب والتي شملت حتى كبار المسؤولين بالدولة عبر إقرار الذمة للحد من تلك الظاهرة ومؤخرًا قطع وزير العدل بتطبيق قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه بقوة وصرامة على كل من يثبت أنه أثرى ثراءً حرامًا وشدد بتطبيقه على كافة الفئات مؤكدًا عدم وجود مجال لأي انفلات من الناحية التشريعية بالبلاد، فرغم كل تلك التهديدات التي تطلقها الجهات المعنية في كل فترة إلا أن نسبة معالجة القضية ضعيفة، مما يفسح المجال لطرح العديد من الأسئلة هل التشديد في تطبيق القانون مجرد حديث فقط؟ وما هي مآلات القرارات السابقة في ذات الاتجاه؟ وحتى اليوم لم نسمع منذ صدور تلك القوانين بتطبيق القانون على المخالفين أو الكشف الصريح عن أسمائهم؟ وما هي الآثار المتوقعة في التشديد على تطبيق قانون الثراء الحرام لاقتلاع جذور المشكلة. فكثيرًا ما كشف تقرير المراجع العام عن وجود مخالفات واستغلال للنفوذ من قبل المسؤولين للكسب غير المشروع من المال العام وغيرها من السبل مما أحدث جدلاً سياسيًا واقتصاديًا وذلك لما يحدثه من ضرر على الوضع الاقتصادي في البلاد، وقد أظهرت بعض التقارير التي أصدرتها منظمة الشفافية باحتلال السودان المرتبة الثانية من بين الدول التي ترتفع فيها نسبة الفساد بأنواعه مشيرة إلى أنه في العام (2010) تم رصد مبلغ (8,9) مليار دولار خرجت من السودان مبنية على الفساد وجدت بالبنوك فالأمر بات يتطلب اتخاذ وسائل ذات فعالية، فحديث وزير العدل مؤخرًا إذا تم تطبيقه عبر تطبيق القانون فقد يكون له أثر واضح، ويرى المراقبون أن القضية أصبحت ذات أبعاد مختلفة ومن الصعب القضاء عليها بالصورة المطلوبة خاصة أن القوانين الصادرة من الجهات المعنية قليلا ما يتم تطبيقها على النحو الذي يجب وهذا ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي أحمد مالك في حديثه ل (الإنتباهة) أن قرار وزارة العدل بتطبيق القانون يعتبر ذا أهمية خاصة أن ما يهم المجتمع السوداني والحكم الراشد ملف الفساد، مبينًا أن المتهم الأول هم المسؤولون بالدولة.. مضيفًا أن الفساد أصبح مشكلة تسهم في تدمير الاقتصاد مشيرًا لضرورة تفعيل القوانين ومتابعتها بجانب إصلاح المؤسسات وضرورة الاعتراف بالمشكلة.. لافتًا أن التطبيق قد يواجه ببعض المشكلات مشيرًا إلى أن الشخصيات السيادية في السودان لديها حصانة وتملك القرار للخروج من القضية كمسألة التجنيب التي ساهمت في تفشي الظاهرة، منوها أن تلك القضايا يجب أن تعالج بتطبيق قانون الحرابة خاصة أن الاقتصاد السوداني يمر بالعديد من المشكلات كارتفاع نسبة الفقر بنسب كبيرة، ويرى بعض الخبراء بضرورة وجود هيئة رقابية للحد من التجاوزات ومن ثم الكشف عنها مع الأخذ في الاعتبار أن يشمل تنفيذ القانون كافة الجهات للحد من تفشي ظاهرة الفساد.