تضع أجهزة المخابرات العالمية، الصحافيين والكتاب ضمن أبرز قائمة المستهدفين للتجنيد كعملاء، وذلك يرجع للحرية التي يتمتع بها الصحفي في عمله ميدانياً، وشهدت الفترة الأخيرة تكثيف مخابراتي على الصحافيين بعدة أساليب أهمها عرض التجنيد المباشر أو بطريقة غير مباشرة أو عبر مراكز دراسات دولية أو منظمات تريدهم أن يعملوا معهم. وفي المقابل أيضاً تستفيد من الصحافيين في عمليات الاختراقات للمناطق المغلقة منها جبهات القتال ومناطق التوتر في عدد كبير من دول العالم، وفي عالمنا العربي والإسلامي نجد أن مخابرات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين تقوم بتجنيد صحافيين وكتاب آخرين بشكل غير مباشر تحت مسميات مراكز دراسات عالمية، ويحذر د. صالح النعامي الصحفي المختص في الشؤون الإسرائيلية من بعض عروض العمل التي تقدمها مؤسسات أجنبية غربية، أو مؤسسات عربية تدعي الارتباط بمؤسسات بحثية غربية، الهدف منها الحصول من الصحافيين على معلومات استخبارية لتوظيفها في الحرب ضدنا، وبين النعامي أن الأمر يتطور ليطلب الأجنبي أو المؤسسة البحثية منه أن يستغل مصادره الخاصة في تقديم معلومات لا يمكنه نشرها باسمه. وفي السياق، في الحرب الدائرة في سوريا نجد أن المخابرات البريطانية قامت بوضع أحد عملائها الميدانيين ليعمل بواجهة صحفية هو «بول كونروي» الذي قدّم نفسه على أنه صحفي في ال «صندي تايمز» وقام بالتجسس على ثوار سوريا في منطقة «باب عمرو»، وبول كونروي آيرلندي الأصل نشأ في ليفربول، وتم اكتشاف العميل البريطاني بعد أن اتهمته الولاياتالمتحدة وكذلك بريطانيا بالتعاون مع الحركات الإسلامية، وصدر في حقه حكماً بالسجن لمدة «15» عاماً، لكنه قام في نهاية الجلسات بإخراج بطاقته التى تثبت أنه يعمل في جهاز مخابرات وتم الإفراج عنه بعد كشف هويته. وفي الإطار نفسه كشفت وثائق المخابرات الأمريكية التي نشرها موقع ويكيليكس الإلكتروني أخيراً أن شركة الاستخبارات الأمريكية «ستراتفور» جندت العديد من العملاء في العالم كالمراسلين والصحافيين وغيرهما، وزرعت شبكة من الجواسيس حول العالم، وتستخدم أساليب قذرة في التجنيد كالمال والضغط النفسي، وأن أسماء المخبرين للشركة في العالم هم صحافيون عرب. موضحة أن العديد من شركات الاستخبارات والأجهزة الأمنية الأمريكية والعالمية تستخدم عمل الصحافيين للتغطية على نشاطات عملائها إضافة إلى تجنيد العديد منهم للعمل لمصلحتها وبناء مؤسسات إعلامية وتسخيرها بشكل سري لتحقيق أهدافها الإستراتيجية في مناطق معينة من العالم. وكان مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج وعد أخيراً أن ينشر الحياة الخاصة والتفصيلية للجواسيس، وكيف يكذبون على العالم، إضافة إلى كشف مراقبة شبكة ستراتفور الاستخباراتية للناشطين في العالم والمدونات وتتبع تحركاتهم وحتى ملفاتهم الصحية، مؤكداً أن «ستراتفور» تجند عشرات الصحافيين أو جواسيس على هيئة صحافيين وتستعمل أساليب قذرة في التجنيد مثل الرشوة والفضائح. وكشفت الوثائق الاستخباراتية الأمريكية، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تدفع لجواسيسها حول العالم عن طريق بنوك سويسرية وبطاقات مدفوعة لا يمكن تتبعها. وتقول تقارير إستخبارية بأن تجنيد الصحافيين وصل خلال فترة الربيع العربي حداً، أن الشركات الأمنية ك«بلاك ووتر» أصبحت تجمع معلومات إستخبارية لأجل المخابرات الأمريكية بواسطة الصحافيين، لكن الأمر يختلف في الولاياتالمتحدة، حيث انتقد الكاتب الأمريكي في مقال له في صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» كشف تجنيد المخابرات الأمريكية للصحافيين منذ فترة الحرب الباردة، وأعلن ذلك رسمياً في عملية التحقيق مع المخابرات الأمريكية بإحدى لجان الكونغرس، حيث كشفت لجنة الاستخبارات التى يترأسها السيناتور فرانك أن أكثر من «50» صحافياً كانوا يعملون سراً كعملاء للمخابرات المركزية الأمريكية، وأدان تقرير اللجنة هذا السلوك، ودعا جهاز المخابرات بالاعتماد على نفسه وعدم استخدام الصحافيين لعدم المساس بمصداقيتهم في نظر العالم. وفي سابقة أخرى قام الصحافي الأمريكي كارل بيرنشتاين الذي غادر صحيفة «الواشنطن بوست» بالبحث حوالى «6» أشهر عن «العلاقة بين وكالة الاستخبارات المركزية والصحافة» وقد تعمق كارل في تلك العلاقة حيث وجد أن أول صحافي عمل لصالح المخابرات الأمريكية كان جوزيف ألسوب عام 1953 حيث ذهب لتغطية الانتخابات في الفلبين بناء على طلب من وكالة المخابرات المركزية. وأخيراً، يقول المساعد السابق لمدير المخابرات الأمريكية ديفيد فيليبس أتلي إن عدداً كبيراً من الصحافيين بنصف الكرة الأرضية الغربية، قاموا بتوقيع عقود للعمل معهم خلال «25» عاماً الماضية.