اتضح من خلال أغاني البنات في السابق أن الفتاة السودانية ظلت تغني بأصالة للعريس المغترب باعتباره فارس الأحلام المتوقع، ولكن الآن تغيرت صورة فارس الأحلام من مغترب مقتدر ودارت عجلة الزمن وتحولت الدفة والاتجاه للزواج من موظف بسيط ومحلي الذي يغالب ضيق قلة الحيلة ويقاتل الفقر بشتى السبل ليوفر أدنى متطلبات الحياة الأساسية وهو يضع في اعتباره ما يدور في البلد من تحولات اقتصادية عميقة إلى أن تطورت أساليب كسب العيش كحل اقتصادي لها.. (نافذة مهاجر) أجرت استطلاعًا حول هذا الموضوع وخرجت بالحصيلة الآتية: البحث عن مستقبل آمن ابتدرت هالة علي (موظفة) بقولها إن المغترب في الماضي كان حلم الكثير من الفتيات حتى يحقق لها أمنياتها، ولكن الآن تغير هذا المفهوم وأعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى أن أغلب المغتربين يهاجرون ويعملون بأعمال هامشية في مختلف بلدان المهجر وبالكاد يستطيع الواحد منهم أن يكون نفسه، فدعى ذلك الفتيات إلى النظر للزوج المحلي البسيط لإحساسها بالأمان معه والاستقرار. مجرد سراب وتؤكد سهير الطيب (خريجة جامعية) بأنها لم ولن تقبل بالزواج من مغترب، وتعلل رفضها بأن هنالك العديد من الزيجات المتباينة التي تعرفها والتي لم يكن الاغتراب مصدر سعادة لها إنما كان سبباً في تعاستها ولذا فهي ترضى بالمعقول على أرض الوطن ولن تجري وراء سراب المغترب والاغتراب!! امتداد السنين أما (ك و) (تعمل محاسبة) فتحكي تجربتها بقولها إنها خُطبت لأحد أقاربها وهو مغترب بإحدى الدول العربية ومرت سنوات الخطوبة واحدة تلو الأخرى إلى أن بلغت تسع سنوات، وفي كل عام كان يوعدني بأنه سوف يأتي في خلال هذه السنة للزواج ولكن لم يحدث شيئاً من هذا القبيل وكان يعلل بأنه ظروفه سيئة عندها فكرت جديًا في فسخ الخطوبة وكان حدث ذلك والآن متزوجة من زميلي في العمل وسعيدة جداً ونعيش حياة بسيطة وهادئة. منافسة داخلية وتقول نسيبة أحمد (طالبة جامعية) إن الاغتراب أصبح داخل البلاد بعدة وسائل منها التنقيب عن الذهب حيث توجد موارد ومعادن في مختلف ولايات السودان.. وبالصبر والعزيمة يحصل الشخص على ما قسمه له الله من رزق، وأضافت نسيبة أن مغترب الذهب أصبح ينافس المغترب في الدولة العربية والغربية وأصبح الخيار المفضل في الزواج بالنسبة للفتيات أكثر لأنه داخل الوطن ويسعى من أجل الاستقرار. وترى الأستاذة بعلم الاجتماع نجوى إبراهيم أن المغترب إلى وقت قريب (كان فارس أحلام البنات) ومرغوباً فيه من قبل الفتيات وينظمن الشعر والغناء ويتغزلن في وصفه... وكثير من الفتيات يتمنين أن يتزوجن من مغترب ولكن الآن أصبحن يفضلن الزواج من موظف بسيط له دخل محدود فالفتيات ينشدن الاستقرار والأمان مهما كان المستوى المعيشي للزوج أو دخله ولكن تغيرت الآن بسبب تغير حال المغترب بعد أن تدنت عائداته من الاغتراب.. وأضافت قائلة: إن الأجور في دول المجهر أصبحت غير مجزية وخاصة في الآونة الأخيرة بسبب تدهور الحالة الاقتصادية عالمياً وتأثيرها على دخل المغترب الذي كان له وزنه في المجتمع لذا يفضلن الفتيات الزواج من المحلي من أجل الوطن ومن أجل الاستقرار.