التركيبة المحصولية في الولاية الشمالية بحاجة إلى إعادة نظر وتغيير لمواكبة العصر وإنتاج محاصيل رأسمالية مجدية مع المنتجين وتلبي حاجة المستهلكين.. فأشجار النخيل وهي تعبِّر عن ثقافة المنطقة وأحد أهم عناصر الدخل والغذاء صارت اليوم غير مجدية اقتصادياً ولم تعد تنتج بصورة جيدة لقدمها وتغير الثقافة الغذائية بل وحتى من ناحية الحفظ والتسويق في غير موسم الحصاد حيث يضربه السوس ويفقد قيمته ويسبب خسائر كبيرة للمنتج.. خاصة وقد ظهرت أنواع جديدة من النخيل سريعة الإنتاج ويمكن تعليبها وحفظها وتسويقها ليس بالعبوات التقليدية «الشوال» وإنما بالصناديق والكراتين مع إمكان تصديرها وجلب العملات الصعبة.. وهناك مصانع صغيرة لتعليب التمر وحفظه في عبوات لا تتجاوز الكيلو الواحد ونصف الكيلو.. فينبغي أن يفكر المستثمرون والزراع وابناء المنطقة في هذا الاتجاه حتى يتم ابدال النخيل التقليدية «البركاوي والجاو وغيره» بالبرص واخوانها من اصناف النخيل سريعة النمو سريعة الإنتاج وبالكميات التجارية. هذا ما كان من شأن النخيل.. وهناك محاصيل أخرى لا بد من مراجعتها في إطار تحقيق النهضة الزراعية، فمثلاً جوال الذرة أغلى من جلوال القمح.. محلياً بينما يُعتبر القمح واحدًا من السلع الضرورية، والرأي عندي هو تصدير قمح الشمالية كسلعة إستراتيجية إلى مصانع الدقيق وتوريد الذرة وبأسعارها العادية إلى الشمالية حتى يمكن الحفاظ على قيمة وأسعار القمح بما يتناسب مع هذه السلعة، فلا يُعقل أن يكون سعر جوال الذرة أربعمائة جنيه وسعر جوال القمح بمائتين وخمسين جنيهاً.. وهذه مفارقة ينبغي أن تزول حتى نشجع مزارع القمح على زراعة مساحات مقدرة تحقق الكفاية للبلاد والصادر.. فلا بد من استعدال هذه المعادلة حتى نشجع المزارعين لزراعة القمح في العروة السنوية.. بدلاً من اللجوء إلى سلع أخرى أكثر جدوى بالنسبة لهم مثل الطماطم والبطيخ والبصل والخضروات بل أطالب بأن ينشأ سوق للمحاصيل بمدينة دنقلا للتحكم والسيطرة على الأسعار وتثبيتها بدلاً من ترك المنتجين لعبة في أيدي التجار والسماسرة. وقد نلاحظ أن معظم المزارعين اتجهوا نحو زراعة الفول المصري الذي يعود عليهم بالأموال والأرباح على حساب القمح، وكذلك زراعة البطاطس والطماطم الشتوي والصيفي معاً.. وهذا يشكل بالضرورة خطراً كبيراً على مستقبل انتاج القمح بالولاية الشمالية خاصة في المشروعات الخاصة والصغيرة.. أما المشروعات الحكومية والتعاونية فإن السياسات العامة هي التي تحكم بل وتفرض زراعة القمح في الشمالية.