المسلسلات والأفلام المصرية كثيراً ما تصوِّر نساء في الحارات الشعبية تخصصنَ «بالردح» أو ما يُعرف بالقذف النابي والعنف اللفظي وأحياناً تتطوَّر هذه الاشتباكات النسائيَّة العنيفة إلى الضرب بالأحذية والخربشة والعضّ وشدّ الشعر، لكن بالمقابل هناك في مجال الأقلام الصحفية يوجد «رداحين» ينقصهم خلع «الشباشب» واستخدام الأظافر والأسنان ماركة أبو طورية ومع ذلك هم يعوضون هذا النقص النسبي في آلية العدوان البدني بالاندياح إلى أقصى حد في مجال «الردح» اللفظي وإذا كانت رداحات الحارات المصرية في الدراما لا يعرفن المنطق والتعامل بالحجة والتمسك بالحلم وتكبيل اليد من العراك فإن الأقلام «الرداحة» عادة لا تعمل العقل حينما تمتشق قلمها الصدئ المسموم تماماً كالسكارى عندما يشتمون أحداً فيخرجون كل كشكول السباب القميء الذي كان مخبئاً في عقلهم الباطني ويستره الوعي في حالات الصحو لكن الفرق هو أن كثيراً من السكارى عندما يُفيقون في اليوم التالي غالباً ما يعتذرون عمّا فعلوه بالأمس أو يتوارون خجلاً عندما يشاهدون الشخص الذي سلقوه بألسنة حداد قبل ساعات أو يوم واحد، غير أن أقلام الردح عادة لا تعترف بالخطأ ولا تجد مبرراً للاعتذار بل هي تتحرق شوقاً في لذة بحثاً عن آثار العدوان اللفظى الآثم في صباح اليوم التالي الذي انطلق من منصات لسانهم المعبأ ببارود الميكروبات السامة تجاه الآمنين في سربهم. تلك الأقلام الميكروبية «الرداحة» خرجت من قواعدها وأوكارها بليل توجه نيران مدفعيتها تجاه «الإنتباهة» قبل أيام قليلة ولم تصدق عندما خيل لها أنها وجدت طعماً تستطيع أن تستعدي به السلطات والرأي العام ضد الصحيفة حين تعلقت بوهم فرية التجاوز في نشر الإعلان المثير للجدل والذي مرَّ سهواً من غربال الصحيفة المحكم وهو غربال ناعم ليس به فتحات مثل بعض الآخرين الذين يمررّون الغث وذخيرة الردح تارة باسم الحرية وتارة بدافع وقْع محفظة البنكتوت، لكن بالمقابل هناك صحف وأقلام وقفت وآزرت الصحيفة وفق ميزان القسطاس في خضم ساحة النبال المتطائرة عليها من كل جانب، ولم تشأ أن تسل سكاكينها مع آخرين توهموا أن الثور قد سقط أرضاً ولم يبق إلا إعمال السكين الصدئة عبر ذبح لا يعرف حتى إراحة ذبيحته، لذلك فقد أدركت الأقلام المنصفة أن النجاح المتولد من براثن الدسائس المظلمة لا يمكن أن يصمد طويلاً عند فلق الصباح الأبلج، لهذا ترفقوا بأقلامهم بعيداً عن ساحة العدوان الظالم وسموا بكلمتهم رغم ضجيج «الرداحين» ودخان معاركهم المتصاعد وشهدوا شهادة حق وتبرأوا من شهادة الزور وألسنة الردح القميئة والتي يعتبر أحد «الرداحين» المعروفين أنموذجاً لها، والغريب أن الرداح الذي ادَّعى الدفاع عن الفضيلة ومكارم الأخلاق استخدم أسوأ أدبيات القذف وأبشعه دون أن يتثبت أو يرمش له جفن مصوباً سهام لسانه تماماً مثل «فتحية ونازك» في المسلسلات العربية وهن يصعدن في البلكونة «يا أولاد الإيه أنا عارفة فصلكم وأصلكم يا مقطوعين من شجرة يا.... عايزين تخربوا الحارة لكن ده بُعدكم» وبالطبع فإن العقلاء يهزّون رؤوسهم حيرة وغضباً وقد يطيِّبون خاطر الضحية المسكين بعد الرشاش المسموم الذي تطاير عليه كالمطر من كل حدب وصوب، وفي النهاية لن تجد نساء البلكونة «الرداحات» غير الحسرة والاستهزاء وإن كن لا يعرفن الاعتذار أو الندم، من هنا نحن واثقون أن أقلام الردح لا تأثير لها ولن تحقق مقاصدها الشريرة مهما تفننت واستلفت كشكولاً من مفردات الهجاء وأمطرت به خصومها بليل. وكذلك نحن ندرك أن كل الحملات الجائرة غير المحتشمة التي انطلقت من بعض الأقلام سواء كانت في الصحف الورقية أوالمدوَّنات ضد الصحيفة لن يكون لها بإذن الله تأثير، فالاتهامات التي تُلاك يومياً عن العنصرية يدرك قراؤنا المحترمون أنها فرية وباطل لا تصمد أمام رياح الحق، فلم تكن العنصرية متكئاً ولا مطية مرحلية امتشقناها في خطابنا الإعلامي يوماً فكيف يمكن أن نفعل ذلك ونحن ندافع عن الهوية الإسلامية من المغول الجدد، وكيف يمكن أن نبيع مبادئنا بدريهمات يجلبها إعلان ونحن نرفض عشرات الإعلانات الداعية للفتن ونحجب العشرات من المقالات المسيئة وإن كان كتابها ذوي شأن عظيم. أخيراً نحن لسنا من دعاة كسر الأقلام لكننا نرى أن بعض أقلام الردح تستحق الرجم لكن عبر منصة القضاء العادل، لكن قبل ذلك لا بد من أن تكون لمجلس الصحافة كلمة إزاء «رداحات البلكونات من طراز «فتحية ونازك» في المسلسل.