«رهين المحبسين» لئن كانت تلك المقولة العربية القديمة نوعًا ما أُرسلت في حق الشاعر الشهير برفع راية النصف الفارغ من الكوب أبو العلاء المعري أحد شعراء وأدباء العصر العباسي فلعلها وبمقاربة القياس تصلح لإرسالها في حق القائد النوبي تلفون كوكو أبو جلحة بأنه رهين الاتفاقين مع فارق المحصلة النهائية في كلٍّ، فالاتفاق الأول هو اتفاق السلام الشامل بين الحكومة السودانية الرئيس عمر البشير والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق «2005» والذي ارتضى فيه النوبة تفويض قرنق للتفاوض باسمهم ليحصد النوبة صفرًا كبيرًا من كيكة السلطة والثروة التي اقتسمتها الحركة مع الحكومة ولما كان تلفون من مؤسسي قطاع النوبة الأوائل بالحركة التي انضم إليها في مطلع العام 1984 أخرج الكثير من الهواء الساخن عبر منابر الصحف التي اتخذها وسيلة بلاغ معلنة للحركة ليصل إلى مرحلة التهديد باللجوء للنضال طلبًا للحقوق مخاطبًا الحركة بقوله «أما إذا استمروا في طغيانهم يعمهون فإنني مع المؤيدين لأطروحتنا هذه من أبناء جنوب كردفان، نوبة، مسيرية، حوازمة، وأي أقليات أخرى من جنوب كردفان سنعمل على تأسيس جسم حزبي مطلبي ليواصل النضال من انتزاع حقوق أبناء جنوب كردفان وسوف نقوم بتفعيل المنفستو الذي خدعت به قيادات الحركة الشعبية الجنوبية أبناء جبال النوبة للانخراط فيها» تلفون كان موضوعيًا في طرحه وتشخيصه لازمة ولايته التي ارجعها لما اسماه باخفاقات بروتكول جبال النوبة، ومن دون مراجعته فستظل الولاية مأزومة حتى لو عين لها عبد العزيز الحلو او تلفون كوكو فهو ايضًا سيفشل طالما ان البروتكول لم يراجع» وفقًا للصحيفة الموقوفة «رأي الشعب» ومن مقالاته ايضًا «يا اهل جنوب كردفان اني لكم من الناصحين» وقد اثارت كتاباته قلق الحركة لترسل في طلبه «ألسنة والتأكد من المعلومة» لتقلده منصب مستشار الرئيس سلفا كير لجنوب كردفان وبعد مرور عام على وجوده بالجنوب هم كوكو لمغادرة جوبا ميممًا شطر ولايته فجرى اعتقاله في 21 ابريل 2010، ليمضي في سجونها ثلاثة اعوام ليتحسس نور الحرية في السابع عشر من ابريل الجاري وفقًا للمتحدث الرسمي باسم الجيش الشعبي لدولة الجنوب فليب اقوير اوردته بعض صحف الخرطوم او في التاسع عشر منه كما اوردت العديد من الصحف المحلية وذلك على خلفية اتفاق بين البشير وكير لدى زيارة الاول للاخير في بلاده في 12 ابريل الحالي حرية تلفون التي ستتوج بمقدمه للخرطوم الاربعاء القادم وفقًا للزميلة «آخر لحظة» تثير بطبيعة الحال حزمة من الاسئلة من قبيل ما هو دوره في المفاوضات حول ولايته باديس ابابا والتي لم يتحدد موعدها بعد؟ وما هي وجهته للمشاركة في هذه القضية؟ وهل سيتجه شطر الحكومة التي سعت للافراج عنه ام يعود لرفاق الامس في قطاع الشمال؟ ام سيفترع قيادة مستقلة للتفاوض؟ إطلاق سراح الأخير عبر اتفاق وقع عليه مندوب خاص من الاممالمتحدة لا ينفي حقيقة ان الحدث تم في اطار المبادرات بين سلفا والبشير كما اقر بذا رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الحركة بالجنوب اتيم قرنق في تصريحه للزميلة «الصحافة»، وتجدر الاشارة الى ان تلفون الذي ولد بمحلية البرام التي يسيطر عليها قطاع الشمال مائة بالمائة قد خاض انتخابات 2010 لمنصب الوالي بجنوب كردفان قد فعل ذلك رغم كونه حبيس الاعتقال بالقيادة العامة للجيش الشعبي، ورغم ان مرشح الوطني مولانا احمد هارون قد فاز بالمنصب الا ان تلفون الذي حاز على تسعة آلاف صوت كانت خصمًا علي مرشح الحركة عبد العزيز الحلو وبينما يرى المحلل السياسي ياسر محمد محمود المهتم بشؤون الولاية ان تلفون جرى ترشيحه من قبل المؤتمر الوطني مضيفًا ل«الإنتباهة» ان نزوله للانتخابات مستقلاً يفيد انه ليس تحت مظلة قطاع الشمال ويتفق معه في الجزئية الاخيرة احد المصادر التي طلبت حجب هويتها بقوله ان انضمام تلفون لقطاع الشمال امر صعب جدًا لأن النوبة في خلاف مع القطاع الذي تسبب في سجن تلفون إبتداءً بينما يختلف بشدة حول الجزئية الاولىِ اذ يشدد على ان ترشيح تلفون تم من قبل ابناء النوبة بالجيش الشعبي وابناء جنوب كردفان بالداخل والخارج. ويشير ياسر الى ان تلفون المجمع عليه من ابناء النوبة في الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني والنوبة بكل اطيافهم خاصة بعد الرحيل المفاجئ لرئيس حزب العدالة مكي بلايل في طائرة تلودي لاسيما وان النوبة يرون في ابنائهم بالوطني محض قيادات كرتونية لا اكثر لذا فان الوطني ينظر لتلفون باعتباره الفرس الذي يراهن به في مفاوضات المنطقتين وهو احرص عليه في اي مظلة يختارها، وفي السياق نفسه وضح المصدر السابق ان تلفون حر في اختياراته السياسية مضيفًا ان الحكومة اذا رأت ان تلفون محل ثقة لحل ازمة الولاية فهذا وارد مستدركًا ان تلفون الذي لم يمضِ على خروجه سوى بضعة ايام غير مهيأ لتناول هذه القضية الآن، وعن وجهة تلفون المقبلة يقول «انه لا يعرف ما في البطون ولا يستطيع ان يقول كلام في بطن زول»، وبالاشارة الى جهود البشير في الافراج عن تلفون قال المصدر ان البشير رئيس لكل السودانيين بمن فيهم تلفون ونحن نشكر الرئيس على ذلك ولا بد ان لتلفون نفس الشعور وعن عودة تلفون للخرطوم يشير المصدر الى ان الاخير بحاجة لترتيب اوضاعه ويقف على حقيقة الإفراج عنه وما هو المطلوب منه وأما زال ضابطًا بالجيش الشعبي ام لا ثم هو ينتظر عودة ابنائه الذين يدرسون. على كل يبقى ان تلفون اثناء انشغاله بإلهاب ظهر الحركة بسياط انتقاداته اللاذعة لم ينس ان يوجه النقد للوطني في كتابه الموسوم «المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وجهان لعملة واحدة» وفي البال تلفون والزج به في غياهب سجون جوبا وفقًا للمصدر اعلاه في حديث سابق ويبقى ايضًا ان اللجنة السياسية لأبناء النوبة بالوطني اول من اعلن عن تشكيل لجنة عليا لاستقبال تلفون بل وطالب رئيسها اللواء محمد مركزو كوكو وفقا ل«إس. إم. سي» بترشيح تلفون للمشاركة في جولة مفاوضات المنطقتين باديس ابابا واول الغيث قطر كما يقال ولا محالة ان تلفون سيحط رحاله بالخرطوم و«الحشاش يملا شبكته» هذا اذا لم يفترع تلفون شبكته الخاصة به لخدمة قضية ولايته جنوب كردفان التي اشهر لاجلها السلاح لعقدين من الزمان.