الكرفتة أو ربطة العنق بالعربي هي ذلك القماش ذو الشكل السداسي غير المنتظم لطول ضلعين فيه طولاً مخلاً لدرجة ينسيك من أين بدأت حساب الأضلاع. والكرفتة لامعة دائماً لا أدري لماذا؟ وبالمناسبة هل تغسل وتكوى أم تموت بنشاء مصنعها؟ ما عندي فكرة والله ولا أملكها، ولقد خُنقت بها مرتين يوم زواجي، ويوماً في استديو التلفزيون، وربطها لي في المرة الأولى صديق رحمه الله، وفي الثانية الأستاذ مجدي شفيق. شماتتي فيها كل يوم في ازدياد. وكأن اتجاهاً عاماً بدأ يرفضها، وبدأ بالرؤساء. فالرئيس إسماعيل هنية لم أشاهده مخنوقاً بها قط، وكذلك أحمدي نجاد الرئيس الإيراني لا يرتديها أبداً، ويبدو أن الجماعة أصَّلوها وشبهوها بالصليب. ورويداً رويداً رأينا بعضاً من جماعتنا هنا يتحررون منها وعقبال ما تجد من يشتريها هو نحنا ناقصين دلاقين. ثم لماذا نقبل كل ما يأتينا من الغرب كمسلمات. الغرب نفسه في حالة تحلل منها ولست متأكداً ولكن يبدو أن كثيراً من الغربيين بدأ يظهر بلا كرفته. تقاليد مصارفنا تجبر موظفي البنوك على لبس الكرفتة، هل نحلم يوماً بموظفي بنك يحملون ديباجات عليها أسماؤهم ووظائفهم وليسوا موظفين مخنوقين يتمنون نهاية اليوم ليضعوها في جيوبهم فور بلوغهم الباب الخارجي. من أقر هذا العرف وهل جلس له مراجعون أم ورثه القوم وهم على ما وجدوا آباءهم سائرون؟ طال الزمن أم قصر سيتخلى الناس عن هذه العادة والتلفزيون أكبر مروج لرفض الكرفتة كما أنه كان من أكبر المصرين عليها. الغريب أن كثيراً من المدارس الخاصة تجبر طلابها وموظفيها على هذه الكرفتة أو ما شابهها للصغار. هل يظنون أن هذا من التميز؟ آن لنا أن نقول الكرفتة إلى زوال، وقريباً سيجد اتحاد المصارف بديلاً طيباً يفرق به بين موظفي البنك وزبائنه الذين يعتبرون أن التشبه بالغرب فلاح حتى ولو كانت درجة الحرارة «45» درجة مئوية في صيف خرطومي خانق. وأغرب من هؤلاء من تجده ببدلة وكرفتة وداقي الكدر في صيف الخرطوم الحارق، لو كان في سيارة مكيفة لسكتنا ولو كان الفصل شتاءً قد نجد له العذر. شكراً لكل من يتحرر من هذا الطبع الغربي الذي لا يمارسه أحد إلا وهو عليه ثقيل. ولم يفكروا فيه طويلاً ولم يخضعوه لنقاش حر.