زمان مثل هذا مصرف الشباب الصادق الشريف أصدر الرئيس البشير في بحر الأسبوع المنصرم.. قراراً بتكوين اللجنة العُليا لإنشاء (بنك الشباب).. برئاسة مستشار رئاسي ومدير سابق للبنك المركزي وعضوية وزارة المالية وآخرين. هدف اللجنة النهائي هو تحويل مؤسسة التمويل الأصغر لمصرف يخدم فئة الشباب.. ويساعد في استقرارهم.. وتوظيفهم بإيجاد فرص عمل لهم خارج القطاع الحكومي.. وهو ما كانت تفعله مؤسسة التمويل الأصغر. وفكرة إنشاء مصرف للشباب هي فكرة متقدمِّة.. فالمصرف – أيِّ مصرف – هو كنتين لبيع الأموال وتحقيق أرباح من خلال ذلك.. وبالتالي سيجد الشباب باباً من أبواب الرزق قد فُتح لهم. ولكن... فكرة التمويل الأصغر نفسها بدأت جذّابة في بداياتها.. وسرعان ما وُضعت أمامها العراقيل الإجرائية.. مثل( الضمانات) اللازمة لإكمال التمويل.. والتي لا تتوفر للعملاء وفق ظروفهم المعلومة. والمسألة الأخرى الأكثر أهمية هي (نسبة الفائدة العالية) التي تضعها مؤسسات التمويل الأصغر سواء كانت بنوكاً أو غيرها. وهذه معضلة أخلاقية في المقام الأوّل.. لأنّها خنقت الفكرة وكادت أن تودي بحياتها.. لأنّ المشروعات التي تُقدّم بغرض الحصول على تمويل هي مشروعات صغيرة.. ليست ذات ربحية عالية.. وبالتالي يقتلها خنقاً.. أن تلزمها البنوك بتسديد أصول الأموال ثمّ تسديد نسبة الفائدة. ولو انتقل منهج تعامل تلك المؤسسات إلى المصرف الجديد.. كأنّك يا أبا زيد ما غزيت.. ويفشل الطرح قبل أن يبدأ.. لذا من الأوفق أن تتم مراجعة المنهج (الربحي).. والمنهج (الإجرائي).. قبل أن تشرع تلك اللجنة (العُليا جداً) في إخراج البنك الشبابي إلى حيز الوجود. أمّا توفير التمويل لذلك المصرف.. فهو أيسر من أكل عنبة.. ف بتوجيه من بنك السودان.. الذي من مهامه تحديد الخطط التمويلية للمصارف.. فقد وجهها - من قبل - بتخصيص نسبة ثابتة من ودائعها لغرض التمويل الأصغر. والأمر ليس يسيراً (ربحياً على الأقل) كما قد يتبادر إلى الذهن (مجرد أموال ستخرج من مصارفها إلى مصرف جديد).. فالمصرف (س) مثلاً الذي سيحوِّل أمواله (المعلومة) إلى المصرف الجديد.. إنّما سيضعها في شكل (ودائع).. وهي ليست ودائع (مجانية).. بل سيطالبُ بنسبةِ فائدة عليها.. كما أنّ مصرف الشباب سيقدّم تلك الأموال إلى الشباب.. وسيكون له نسبته المعلومة من الأرباح. وبالتالي سيكون لزاماً على المشروع الذي يقدمه الشاب أن (يربح بشدة).. أو (يربح كثيراً) حتى يستطيع أن يسدد أصول الأموال ونسبتي أرباح المصرفين المشتركين في تمويله. بنك الخرطوم لديه تجربة مشابهة.. يمكن الاستفادة منها في هذا المقام.. فقد كان يرى أنّ عملية التمويل الأصغر (عملية مرهقة) وتحتاج إلى (صرف وقت ومال على فريق عمل من الموظفين ومكاتب ومتابعات وهلمجرا).. لذا أغلق هذا الباب بأن منح بنك الادخار أمواله المخصصة للتمويل الأصغر.. وطالبه بنسبة أرباح. ولا أدري كيف فعل بنك الادخار حتى يحقق أرباحه وأرباح بنك الخرطوم؟. التيار