في أديس أبابا لا مراوح ولا مكيّفات هواء. ولا غبار. بل تشجير طبيعي وبشري وسفلتة ونسيم عليل في عزّ الصيف. فالمرتفعات الأثيوبية (مكيَّفة) طبيعياً. أديس أبابا هي العاصمة الثالثة في العالم من حيث الإرتفاع. حيث يتراوح ارتفاعها بين (2200 2500) متر فوق سطح البحر. تقع أديس أبابا في سفوح جبال (أنتوتو) التي يبلغ ارتفاعها (3000) متر. أحوال الطقس في أثيوبيا تتحدد بطبيعة أثيوبيا الفيزيائية وقربها من المحيط الهندي. حيث الطقس في وسط المرتفعات الأثيوبية بارد، وفي المنخفضات دافئ بهيج. وتهطل الأمطار في الفترة من يونيو أكتوبر. في وسط المرتفعات الأثيوبية يزيد معدل الأمطار عن (1000) مليمتر، ويكشف عن ذلك معدل الأمطار في العديد من المدن الأثيوبية. حيث معدل الأمطار في أديس أبابا (1150) ملم. في (ديسي) تبلغ الأمطار (1230) ملم. في (ديرداوا) يبلغ المطر (640) ملم. في (غمبيلا) معدل المطر (1240) ملم. في(هرر) تبلغ الأمطار (900) ملم. في (جيما) تبلغ الأمطار (1500) ملم. في (نقهيلي) يبلغ معدل المطر (670) ملم. تبلغ الأمطار ذروتها في وسط المرتفعات الأثيوبية في شهري يوليو وأغسطس. بينما نوفمبر وديسمبر هما الأكثر برودة. حيث تهبط الحرارة إلى درجة التجمد. وتختلف درجات الحرارة في المدن، في وسط المرتفعات الأثيوبية، تبعاً لارتفاع كل مدينة. حيث يبلغ معدل الحرارة في مدن المرتفعات خلال أسخن أيام الصيف (18) درجة مئوية و(14) درجة خلال فصل الخريف. تتحدث أثيوبيا أكثر من (80) لغة ولهجة. في شمال المرتفعات الأثيوبية توجد لغة (التيجري) وهل لغة سامِيَّة قريبة الصلة باللغة (الجئزية) القديمة. في السودان لغة (التيجري) هي لغة البني عامر. الجئزية هي لغة (حِمْيَر) القديمة. وقد انتقلت إلى أثيوبيا الكبرى وأصبحت تستعمل في الكنائس والمواعظ لحقب طويلة. يوجد الحرف الجئزي باليمن في محافظة مأرب. وعلى أطلال سدّ مأرب التاريخي لا يزال الحرف الجئزي منقوشًا على الصخور القديمة. وبينما اندثر الحرف الجئزي في اليمن، لا يزال موجودًا على قيد الحياة، بل ويستعمل حيث تكتب به اللغة الجئزية اليوم. بغض النظر عن نقوش وكتابات سدّ مأرب، فإنَّ (50%) من لغة (التيجري) مفردات عربية أصيلة. تشترك لغة (التيجري) مع اللغة العربية في أسماء الشهور العربية وأيام الأسبوع والأعداد. لغات الهضبة والسهول الأثيوبية اليوم هي اللغات العربية القديمة في جنوب الجزيرة العربية، حيث الحضارة العربية القديمة. وحيث اللغات الأثيوبية اليوم تنبثق هي واللغة العربية من عائلة لغوية ساميَّة واحدة. قبل نشوء البحر الأحمر كانت أثيوبيا والجزيرة العربية، أو أثيوبيا واليمن أو أثيوبيا والسودان واليمن والسعودية، كانت كلها وحدة جغرافية واحدة. كانت رتقاً قبل أن تنفتق. في منطقة (التيجري) حيث (أكسوم)، توجد لغة ساميَّة أخرى هي اللغة (التجرينية). حيث تشترك مع اللغة العربية في الأعداد وأيام الأسبوع. أما في قلب أثيوبيا فتوجد اللغة الأمهرية (اللغة الجئزية الرسمية)، وهي مشتقة كذلك من اللغة (الجئزية). أيضاً اللغة العربية العامية السودانية اليوم تتضمن ثراء لغوياً كلاسيكياً عربياً كبيراً. وهي لغة عربية فصحى، كما توضح كل قواميس اللغة العربية الشهيرة (الكلاسيكية). وقد انقرضت مفردات هذه اللغة السودانية العربية الفصحى في الجزيرة العربية اليوم، ولكن توجد في قواميس اللغة والشعر والأدب العربي الفصيح القديم. في جنوب أثيوبيا توجد لغة ال (غوراجينا). وهي لغة سامِيَّة تتحدثها إثنية أو قوميَّة (غوراجي) ذات الأصل الحامي. كذلك في شرق وجنوب أثيوبيا توجد القوميات التي تتحدث اللغات الكوشية، مثل (الأورمو) و(العفر) و(الصوماليين). في أقصى غرب وجنوب غرب أثيوبيا توجد لغات (النوير) و(الأنواك)، وغيرهم من الإثنيات المتناثرة جنوباً، الذين يعيشون بالقرب من (غمبيلا). عدد القوميات الأثيوبية يبلغ (80) قومية. أثيوبيا هي الدولة الأفريقية الأولى من حيث الثروة الحيوانية. حيث يعمل (90%) من الأثيوبيين في الزراعة والرعي ويعيشون في الريِّف، سواءً كان هؤلاء من صوماليي (الدناكل) و(أوغادين) أو (أنواك). ومن هؤلاء مقرئ القرآن المميَّز الشهير عبد الرشيد الذي يقيم اليوم في دولة قطر، وهو من أوغادين (صومالي أثيوبي). وإلى جانب هؤلاء في الشمال الغربي والجنوبي الغربي يوجد ال (بورينا) على حدود كينيا. تلك الحياة الريفية الأثيوبية والتي يعيشها (90%) من سكان أثيوبيا، هي حياة سهول زراعية أو حياة بدوية. الثقافة والتقاليد الأثيوبية تأثرت كثيراً بالمسيحية ثم الإسلام، حيث يشكل المسلمون في أثيوبيا أغلبية السكان. في المرتفعات أغلبية الأمهرا والتيجراي من المسيحيين. أما قوميات الأرومو (أكثر القوميات الأثيوبية عدداً حيث تبلغ 65% من سكان أثيوبيا) والعفر والصوماليين في (أوغادين) و(غوراجي) و(هرر) وغيرهم من سكان السواحل والمنخفضات وغيرهم، فهم من المسلمين. يبلغ سكان أثيوبيا (90) مليون نسمة. رغم أن المسلمين هم الأغلبية في أثيوبيا، إلا أن رئيس وزراء أثيوبيا الحالي السيد/ (هيلا مريام دسالين) ينتمي إلى الكنيسة البروتستانتية. بينما جرت العادة قبل ذلك أن يكون رئيس الوزراء من المنتمين إلى الكنيسة الأثيوبية الأرثوذوكسية. في المرتفعات يستخدم الأثيوبيون البغال والحمير، وفي السواحل والمنخفضات يستخدمون الجمال. وفي وسط المرتفعات الأثيوبية يعيش السكان في مجتمعات زراعية ظلت تتبع نظام السلوك والأخلاق المسيحية لمدة (16) قرناً. كما توجد هناك في المرتفعات الأثيوبية مستوطنات إسلامية. المزارعون الأثيوبيون يزرعون الحبوب الغذائية والحبوب الزيتية. الطعام الرئيسي هو (الأنجيرا) التي تصنع من (التيف Teff) وهي حبوب صغيرة من فصيلة الدخن. (الأنجيرا) أو (الكسرة الحبشية) هي طعام أثيوبي الأصل، ترجع جذوره إلى ثقافة عريقة تمتدّ لأكثر من (3) آلاف عام. (الأنجيرا) قريبة من (الكسرة) السودانية. إلى جانب زراعة السهول، ظلّ الأثيوبيون من ال (كونسو) الذين يقطنون الجبال في ولاية (قوما قوفا)، يواظبون خلال الأربعمائة عام الأخيرة على زراعة المنحدرات (الجبلية). وذلك في مشهد مذهل من الخضرة على طول الجبال. كما ظلّ ال(غوراجي) يحصدون نبات (إنست) أي (الموز الكاذب) ويستخدمونه في نطاق واسع، من الغذاء إلى بناء البيوت الواسعة. أما ال(دورز) فقد اشتهروا دون الأثيوبيين بمهارتهم في النسَّج وطقوسهم الجنائزية. في (غمبيلا) يعيش الأثيوبيون في السهول ويعتمدون على زراعة الذّرة الموسمية وصيد الأسماك من نهر (بارو). حيث يلعب ذلك النهر الكبير نفس الدور الذي ظلّ يلعبه نهر (أومو) الذي يؤثر كثيرًا في حياة الأثيوبيين من ال (مرسي) وال (كارو) وال (غالب).