تصوير: متوكل البجاوي قال وزير الإعلام السابق رئيس حزب الأمة الوطني المهندس علي عبد الله مسار إن ما حدث في أبوكرشولا من تصفيات عرقية وذبح للمواطنين العزَّل الهدف منه استئصال الهُويَّة العربيَّة الإسلاميَّة، وأضاف في حوار أجرته معه «الإنتباهة»: لا شك أن هجوم الجبهة الثورية يأتي في إطار المخطَّط الغربي الصهيوني الذي يسعى إلى تمزيق السودان. وحول محور أزمة أبيي قال إن أزمة أبيي من صنيع الحكومة وهي من ثغرات نيفاشا، وكذلك جنوب كردفان والنيل الأزرق، مشيرًا إلى أن المفاوض الشمالي أخفق وارتكب خطأً فادحًا بحق تلك المناطق الثلاث وأبيي واحدة منها، ونيفاشا هي التي قادت السودان إلى الوقوع في تلك الهاوية والمشكلات التي نحن بصددها الآن، وشنَّ هجومًا عنيفًا على الحكومة، مشيرًا إلى مَن حامت حولهم شبهات الفساد وهرموا، ومن كرههم الشارع السوداني، إلا أنه عاد وقال إن الحكومة ليس لها بديل الآن، ودعا الرئيس البشير إلى إجراء عمليات جراحية للإصلاح، كما تناول الحوار جملة من قضايا الراهن السياسي فإلى نصه الكامل: برأيك لماذا صمت المجتمع الدولي حيال الفظائع التي حدثت من اغتصاب وقتل بأبوكرشولا بالمقابل ما لاقاه مقتل «كوال دينق» وتجاهل مقتل «22» من المسيرية؟ لا نتوقع من المجتمع الدولي الوقوف معنا لأن بعض القوى الفاعلة فيه متآمرة ضدنا، فماذا نتوقع منهم إذاً وهم يصمون آذانهم تجاه القضايا التي لا تخدم مصالحهم؟! كما نجد مُجمل المشكلات التي تعاقبت على السودان من صنيع المجتمع الدولي، فقتل «22» من أبناء المسيرية لا يعني لهم شيئًا البتة، ولأن «كوال دينق » من الدينكا وثمة مصالح مشتركة تربطهم لا بد من الإدانة والشجب وتلميح الاتهامات على المسيرية، والمجتمع الدولي يكيل بمكيالين، أيضًا كان إحدى الأذرع التي ظلت تمارس الضغوط على السودان لقبول التفاوض مع قطاع الشمال وتمرير الأجندة الخارجية وتُصنف الأممالمتحدة ضمن الأذرع الأمريكية ومعلومة ما هي نوايا أمريكا ضد السودان. هل تعتقد أن مقتل ناظر دينكا نوك سيعود بأبيي إلى المربع الأول؟ لا شك أن السلطان «كوال دينق» له ثقله الاجتماعي والسياسي كان رجلاً شجاعاً لا يخاف أحدًا في رأيي ولا يكذب، وكان متعاوناً مع كل الحكومات التي تعاقبت على السودان وحكومة جنوب السودان من أجل العدالة والسلام، وزاد على ذلك رجل سلام ودوره الرسالي تجاه الوطن وحرصه المستمر على تحقيق الأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة وكانت له محاولات حثيثة في هذا الصدد مؤكدًا ضرورة الاستمرار في مساعي تحقيق التعايش السلمي بين المسيرية ودينكا نقوك، إن «كوال دينق» لا يمثل فقداً لأبناء دينكا نقوك وحدهم بل للسودان كله حيث قضى الفقيد جل وقته من أجل هموم وقضية الوطن ونجده من أبرز الناشطين في العمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار والتعايش السلمي بين الدينكا والمسيرية. ومهما يكن من أمرٍ فإنّ مقتل سلطان دينكا نقوك سيفتح الباب على مصراعيه أمام كل السيناريوهات في منطقة أبيي التي شهدت في الآونة الأخيرة توتراً حذراً وتحتاج لقدر فوق المُعدّل من الحكمة لنزع فتيل الأزمة. فالحادث بغض النظر عن حيثياته وما قد يفرزه من نتائج يجب ألاّ يكون عاصفاً لجهود التقارب وعلاقات التعاون بين البلدين التي بدأت في الرجوع إلى طبيعتها بعد أن شهدت توترًا ملحوظًا طيلة الفترة الماضية لكن تظل أبيي القنبلة الموقوتة حتمًا ولا بد لأن أزمة أبيي في تقديري من صنيع الحكومة وهي من ثغرات نيفاشا، وكذلك جنوب كردفان والنيل الأزرق، فالمفاوض الشمالي أخفق وارتكب خطأ فادحًا بحق تلك المناطق، وأبيي واحدة منها، ونيفاشا هي التي قادت السودان إلى الوقوع في تلك الهاوية والمشكلات التي نحن بصددها الآن.. التفاوض مع «قطاع الشمال» محاولة لاستنساخ تجربة «نيفاشا» مرة أخرى وتكرار سلبياتها، بم تعلق؟ أي تفاوض له ثمن وأي ثمن يكون خصمًا من حق الدولة العظمى، أي بمعنى أن الحركة الشعبية «قطاع الشمال» حتجلس «مع الجماعة ديل وترفع لها الفاتحة» وسيتم النقاش في قضايا أساسية وستحدث تنازُلات وكل ما قدمت تنازُلات فتحت ثغرة أخرى، والقطاع مدعوم خارجيًا والأجندة الداخلة عليه أيضًا مرتبة لماذا سيحدث، وفي اعتقادي أن ما يدور الآن في السودان كله الهدف الأساسي منه هو إسقاط الحكومة في الخرطوم وبوسائل مختلفة واحد منها التخذيل إضافة إلى القرارات الأممية والحرب المباشرة والصراع حول السلطة نفسها والصراع على الموارد المحدودة والصراع داخل الأجهزة السياسية الموجودة والأجهزة الأمنية وقبضة الأفراد وغيرها» كل هذه أمراض لتؤدي إلى سقوط الحكومة ليأتي البديل سواء كان البديل العلماني أو آخر يكتبه الله بالطريقة التي يريدها. الدروس المستفادة من أحداث أبوكرشولا حتى تحريرها؟ في اعتقادي المعركة التي دارت في أبو كرشولا هي معركة الشعب السوداني وقد جمعت شتات الشعب السوداني وهو مهيأ لذلك في آن واحد لكن في الوقت نفسه يتساءل ماذا تم فعله لمُحاسبة المُقصرين لأن الشعب يعتبر تحرير أبوكرشولا قضية وطنية من الدرجة الأولى ولا بد منها، لكن المتسبب في هذا الأمر ماذا سيحدث له من عقاب؟ لذلك مطلوب من السيد الرئيس أن يقوم بالدور الكامل في إدارة شأن هذا البلد بالتراضي السياسي الذي آخذه وبحب ووفاء الشعب السوداني بالنسبة له وتقدير الشعب له في شخصه لأنه الشخص الوحيد الذي يتمتع بثقة الشعب السوداني إذا انهارت الثقة أو اهتزت هذا يعني انهيار عرش الدولة السودانية، البديل المباشر لهذا هو صوملة السودان بما فيه طمس الهوية وتفتيت وتشليع السودان لأن الأخير قائم على تراكمية قبلية سهلة التحريك والحكمة ليست في أن يأتي قيادات ممتازة في إطار المؤتمر الوطني نفسه هناك قيادات ممتازة بإمكانهم قيادة الناس ليس هناك شيء فُصِّل على شخص بعينه ولو الأمر كذلك لظل الإسلام مقصوراً على «سيدنا محمد» للأبد لذلك لا بد من التغير وأحيانًا يأتي التغير ليس لنتيجة أخطاء ولكن لعدم القدرة على العطاء نفسه. الاغتيالات التي شهدتها الساحة السياسية مؤخراً لقادة حركة العدل والمساواة الموقعين على وثيقة سلام دارفور بالدوحة ومدى تأثيرها على استقرارالمنطقة؟ الاغتيالات التي حدثت واحدة من الأشياء الجديدة في الممارسة السياسية في السودان لأن الممارسة السياسية لا يوجد بها انتقام ويتحول الناس من حزب إلى آخر ومن منظمة إلى أخرى ومن حركة إلى أخرى وتنظيم وهكذا لكن لا يحدث تصفيات لأن في النهاية هذا مجرد تحول من برنامج لآخر، وما حدث له بعدان: البُعد الأول هو نفسه صراع داخلي بين مجموعات اثنية محددة ولأن المجموعة التي خرجت لها تأثير على المجموعة التي خرجت منها سواء كان أثرًا معلوماتيًا أو اثنيًا أو ماليًا أو قتاليًا لذلك حدثت تلك التصفية. أما البُعد الثاني فهو بمثابة رسالة لآخرين لو كان هناك أي شخص من الحركة أراد الخروج سيكون مصيره التصفية أيضاً، ثالثاً رسالة إلى حكومة السودان ودولة قطر بأن تلك الجماعات وقَّعت لكنكم مع ذلك لا تستطيعون حمايتهم وهي أخطر رسالة، وفي تقديري أن الخطأ الذي وقع فيه جماعة محمد بشر يتكون من شقين: الأول هو خطأ حكومة السودان التي ينبغي لها عدم السماح لهم بالذهاب إلى تشاد ومن المفترض أن يأتو إلى الخرطوم ومن ثم يتم ذهابهم بطائرة خاصة إلى الميدان أو محل إقامة جنودهم لأن في النهاية هذا هو قائد التنظيم الذي وقَّعت معه ولا يمكن أن تتركه لعدم وجود قوات لحمايتهم في الأراضي التشادية، ثانياً إما أن يكون إهمالاً من الحكومة التشادية أم عدم تقدير موقف، وكان يجب أن يكون لتلك المجموعة حراسات قوية، وأخيراً قرار جماعة محمد بشر نفسه كان غلطًا في ذهابهم إلى تشاد لأنهم جميعًا أبناء السودان لكن لديهم ارتباطات مع أسر ومجموعات تشادية والأخيرة لديها صراع بين مجموعات مختلفة وأي مجموعة منها يمكنها تنفيذ المطلوب، لذلك كل الاخطاء تراكمت في قتل وتصفية تلك المجموعة، والمُلاحظ أن هؤلاء الجماعة عندما قُتلوا فقط قتل أبناء اثنيتهم وقتل واحد من أبناء «الارينقا» وآخر من «المساليت» فقط لأنهم حرس لمحمد بشر، ومن هذا المنبر ما أود قوله: ليس في مصلحة الحركات المسلحة ولا الحكومة ولا حزب معارض ولا الذين في السلطة أو خارجها أن يتبع أو يعود إلى مربع أو أسلوب الاغتيالات لأن هذا المربع نزيفه لا يتوقف عند حد معين، فكلما قتل طرف أحدًا نجد الآخر بالمقابل يقتل وهكذا.. والحمية القبلية موجودة، وهذه التصفيات لا تلائم طبيعة ولا بيئة الشعب السوداني. الحكومة ذكرت أن اغتيال هؤلاء القادة لن يؤثر على سير التفاوض برأيك مع من تتفاوض بعد قتل كل المجموعة الموقِّعة؟ هو قطعًا لا يؤثر لكن الطبع سيؤدي إلى تأخير الإجراءات وطبعًا لا يمكن أن تكون الحركة مربوطة بشخص أو اثنين والحركة تجتمع مرة أخرى وتعيد النظر فى إعادة هيكلها وفي قياداتها وتستمر لأن لها قيادات ميدانية وعسكرية. على حسب الأنباء التي وردت فقد تمت تصفية كل قيادات الحركة؟ لا ليس ما ورد صحيحًا، حركة العدل والمساواة التي انشقت لديها في الميدان مقاتلون ولهم أيضًا سياسيون وغيرهم يمكن القول إن الصف الأول تعرض لهزة لكن لم تنتهِ وحتمًا تعود لبناء نفسها مجددًا وتقوم بعقد مؤتمر عام واجتماع استثنائي لتصعيد قيادات ويستمرون في عمل بدائل أخرى، لكن لا ينتهي، لكنه سوف يؤدي لتأخير الناس، إضافة إلى تقليل الفاعلية باعتبار معرفتهم للعالم الخارجي لأن اختيار القائد له مواصفات. الأداء الكلي للدولة دون طموح المواطن السوداني، فهناك استرخاء وربكة وترهُّل، فما المخرج في رأيك؟ الآن الشعب السوداني كله اتجه إلى ضرورة إيجاد موقف موحد والكل الآن يشعر بالقضية، لكن الكل ينتظر خطوة أولى من الحكومة، والشعب مؤمن تمامًا بضرورة وقفة صلبة وواضحة بصدد الحرب والمؤامرات التي تُحاك ضد الوطن، لكن بالمقابل ينتقد الدور الذي تقوم به الدولة، وأنه ليس بقدر التحديات المطلوبة والدافع الذي يجعلهم يخوضون القضايا الكبرى، فالواجب أن تتحرك الدولة من المربع الذي يسبق المواطن ليس في مسألة الاستنفار بل في إدارة الدولة، لكن بالشكل الذي يكون فيه محاسبة ومساءلة وعقاب وتغيير حتى يتأكد للمواطن أنها انتقلت إلى مربع آخر وأحدثت تغييرًا، إضافة إلى كثرة الشائعات التي تطلق وتحتاج باستمرار من الدولة إلى بيانات ومعلومات حقيقية ليطمئن المواطن. الملاحظ كثرة تصريحات المسؤولين بالدولة وتضاربها، برأيك ما هي الجهة المخول لها التصريح والحديث؟ رسميًا الجهة هي وزارة الإعلام، أما الجهات الأخرى فلا أجد داعيًا لتصريحاتهم، وعلى سبيل المثال ماذا يعني تصريح الوالي الخضر بأن الخرطوم آمنة وعلى «المواطن ان ينام قفا»؟!، هذا الحديث لا قيمة له، طالما الأمر كذلك يجب تمليك المواطن الحقائق، وأن جاهزيتنا تكمن في كذا وكذا، مثل الأطواف الليلية وحركة القوات المسلحة وتحركات الناس، أيضًا توفر المقومات الضرورية والأساسية للمواطن وهكذا.. تلك هي الجاهزية.. إضافة إلى أي معلومة مهما كانت صغيرة يجب التعامل معها، والملاحظ أن هناك تراخيًا شديدًا لأن جزءًا كبيرًا من الإخوة في الأجهزة الأمنية، وهناك احتمال كبير جدًا لعدم معرفتهم بالذين يقومون بالعملية، إضافة إلى معرفة المعلومة، لكن لم يتم التعامل معها بالطريقة الصحيحة، لذلك لا بد من احتياطي أمني مباشر، وهذا الحس يجب أن يكون عند كل مواطن تحت كل الظروف. كما ينبغي ألا يفقد المواطن السوداني الثقة في المعلومة التي تقال. وأخيرًا على وزير الإعلام تمليك المواطن الحقائق عبر البيانات والمنشورات اليومية الدقيقة حتى لا يصدق شائعات الشارع العام، ووزارة الإعلام هي الجهة الوحيدة المعنية بتمليك الحقائق للمواطن، والناطق الرسمي باسم القوات المسلحة عليه الإدلاء بالوقائع التي تمت وعدد الذين استشهدوا وليس أكثر من ذلك، أما الناطق الرسمي باسم الحكومة فعليه بالوقائع والتحليلات السياسية وأسباب وقوع الحدث وما وراءه وتفصيل مُجمل القضايا بحيث يأخذ المواطن المعلومة من المصدر الأساسي، وعدم الاستماع أو تصديق الإذاعات الموجَّهة التي انتشرت، إضافة إلى الشبكة الإسفرية ويجب على الحكومة تمليك معلومات حقيقية يجد المواطن الشفافية فيها.