منذ الإعلان عن خطة المائة يوم لتحالف قوى الإجماع الوطني، فكرت ملياً في أن أكتُب عنها حرفاً، ثم ترددت، ثم وصل بي التردد للإحجام.. ولكن بالضد من إرادتي وجدتني لا أقوى، ووجدت يداي تسبقاني إلى الكتابة.. ومردُ إحجامي لم يكن غير قناعتي الشخصية بفشل خطة التحالف الرامية لإزالة النظام خلال الأيام المائة «عبر الندوات»، أقول ذلك بعيون مفتوحة.. أما الذي دفعني للكتابة، فهو قناعة بعض قيادات أحزاب التحالف وقواعدها بفشل الخطة، نتيجةً لفشل التحالف في تسويق طرحه للحد الذي يجعل أفئدة من الناس تأوي إليه، والناس لا يتطلعون إلى ساسة من غير سياسة، تحركهم أوهام قديمة، أو أحلام متجددة، وأحلامهم فقط: أن تهب العاصفة من غير ما بوصلة. وللتاريخ، فإن الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأُمة القومي الحزب الذي يُعد أحد أهم دعائم التحالف من حيث الطرح والقواعد قد فطن أخيراً لخروج الروح من الجسد، وأدرك أن التحالف الآن لا يتنفس.. لذلك لم يجد حرجاً حين أعلن على الملأ عدم سماعه بخطة المائة يوم إلا على لسان د. نافع الذي كشف عن الخطة عبر مؤتمره الصحفي، وإزاء ذلك أكد التحالف فشله عندما وصف الصادق المهدي بالمنفذ لسياسات المؤتمر الوطني، وغاب عنه أن الإمام الصادق بشحمه ولحمه شرع بالفعل في تنزيل مشروع ميثاق النظام الجديد بوصفه بديلاً للنظام القائم، مع تمسكه بمناقشة هيكلة التحالف حسب الأوزان، وإصراره على نفخ الروح فيه برئاسته له والسيطرة عليه. واللافت كذلك، قناعة قواعد حزب المؤتمر الشعبي بعدم جدوى خطة المائة يوم الرامية لإزالة النظام بالتنسيق مع الشيوعي، إذ يقودون الآن حملة شرسة ضد الأمين السياسي للحزب الأستاذ كمال عمر عبد السلام، على اعتبار أنه يهوي بالحزب إلى مكان سحيق. وها هي اللجنة التحضيرية للمؤتمر السادس للحزب الشيوعي تُقر بأن برنامج المائة يوم يصعب تنفيذه في الوقت الراهن لضعف جماهير أحزاب التحالف، وتؤكد في الوقت نفسه أن تحالف الشيوعي مع الطائفية مرحلة تكتيكية فرضتها الظروف. لكن: هل صحيح أن التحالف أعلن عن خطة المائة يوم رسمياً، نتيجة للمؤتمر الصحفي المفاجئ للمؤتمر الوطني الذي كشف خلاله عن الخطة وعن علاقتها بالجبهة الثورية؟ لا أعتقد أن ذلك كذلك.. وبعيون مفتوحة أيضاً أقول: إن المُراد من إعلان فاروق أبو عيسى عن خطة المائة يوم كان: دفع الحكومة لاتخاذ الخطوة الطبيعية التي تلي الإعلان عن خطة الإسقاط، وهي التضييق وتهيئة السجون.. والذي يحدث الآن: ندوات تنتظم المركز والولايات، ومناشير تسد الأفق وعروض وعزوف، ومائة سنة سينما.. وأكثر.. وأكثر!!