شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    بالصورة.. "حنو الأب وصلابة الجندي".. الفنان جمال فرفور يعلق على اللقطة المؤثرة لقائد الجيش "البرهان" مع سيدة نزحت من دارفور للولاية الشمالية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    القادسية تستضيف الامير دنقلا في التاهيلي    بمقاطعة شهيرة جنوب السودان..اعتقال جندي بجهاز الأمن بعد حادثة"الفيديو"    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    مانشستر يونايتد يتعادل مع توتنهام    ((سانت لوبوبو الحلقة الأضعف))    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    شاهد بالفيديو.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (عندما كنت مع الدعامة لم ننسحب من أم درمان بل عردنا وأطلقنا ساقنا للريح مخلفين خلفنا الغبار وأكثر ما يرعب المليشيا هذه القوة المساندة للجيش "….")    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعوة للاحتكام للكتاب والسنة في برنامج«قيد النظر» (1)
نشر في الانتباهة يوم 19 - 07 - 2013

خصص «قيد النظر» هذه الحلقة حول الدعوة للاحتكام للكتاب والسنة لرفع الخلاف بين المسلمين وجماعات العمل الإسلامي، كيف تكون هذه الدعوة؟ وبأي منهج؟ وبأي فهم؟ فما من أحدٍ إلا ويصطحب معه نصاً يريد أن يقيم به الدليل على صحة مفهومه. كيف يستقي المسلم المعاصر الأحكام من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ وما القول في شيوع فتاوى خطيرة وآراء شاذة بناء على الدليل النصي؟ كيف يكون النص إذن رافعاً للخلاف وهو يؤسس أحياناً بفهمنا له الخلاف نفسه؟
ولمناقشة كل هذه القضايا يسر «قيد النظر» أن يستضيف د. محمد علي الجزولي، مدير مركز الإنماء المعرفي، ود. برير سعد الدين السماني، عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة القرآن الكريم وتأصيل العلوم، كما يمتد الترحاب بمن يشاركوننا اللقاء في قاعة مركز فيصل الثقافي.
ما من أحد إلا ويصطحب معه نصاً على صحة مفهومه فهل من قواعد كلية تجعل من الاحتكام إلى الكتاب والسنة رافعاً للخلاف وذلك حال ذهبنا إليهما الكتاب والسنة؟
د. محمد علي الجزولي:
في تقديري أن الموضوع المطروح اليوم للنقاش هو أبو الموضوعات، لأن جميع المسائل التي يختلف فيها المسلمون يمكن أن تطرح على مائدة الحوار والنظر متفرعة عن هذه المسألة. فالاتفاق على خطوط وقواعد عامة ومقدمات واضحة في اتجاه الاحتكام للنص ومن ثم فهم هذا النص والخروج بمخرج فقهي أو فكري يتفق عليه المسلمون أو آلية للتعامل مع بعضنا البعض إذا لم نتفق حتى إذا لم يقع الاتفاق بعد الرجوع للنص، وفي تقديري المسألة من المسائل الأول التي يجب أن يناقشها المسلمون قبيل الدخول في أية مسائل حوار أو لنقاش قضايا ذات طبيعة تفصيلية.
الله تعالى أصلاً جعل الاحتكام للنص بغرض رفع الخلاف، ولذلك لم يرد الاحتكام للنص إلا ومعه كلمة خلاف «فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُول»(النساء)، «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّه»(الشورى)، «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»(النساء). أصلاً الرجوع للنص بغرض النزاع والخلاف الذي يمكن أن يقع بين المسلمين، وهذا النزاع الذي يقع الآن بين المسلمين في بعض المسائل الفقهية أو الفكرية مرده الى أمرين؛ هذان الأمران تحتهما تفاصيل، الأول خلافهم في مصدرية الحاكمية أو الحجية لديهم، ومن ثم ثبوت هذه النظرية من عدمها. والثاني فهمها بعد ثبوت ورودها، فربما تستدل بنص أخالفك أصلاً في ثبوته، وهذا باب له علم معين هو علم مصطلح الحديث في ثبوت الأخبار متى تثبت الأخبار ومتى لا تثبت. والباب الثاني باب أصول الفقه بعد أن يثبت النص كيف يفقه وكيف يفهم وكيف يمكننا أن ندرك هذه المسألة.
في تقديري إن اردت أن ندلف مباشرة في الموضوع الأكثر تعقيدا، وهو ان نقول بأن النص ثبت، ولسنا الآن بصدد كيف يثبت النص، فلنقل إن النص ثبت، فكيف نفهم هذا النص؟ أولاً النص الذي نريد فهمه نعيده ابتداء الى تكليف واضعه، وتكليف واضعه ابتداء أنه نص عربي «إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (الزخرف: 2). وحين نقول انه نص عربي حينها لن نبذل جهدا كبيرا في فهم مراد أو فهم دلالات النص العربي، لأن للنص العربي قواعد فهم؛ قواعد في فهم العام، قواعد في فهم الخاص، قواعد في فهم المطلق، قواعد في فهم المقيد، قواعد في فهم المجمل، قواعد في فهم المبين، قواعد في فهم النسخ، قواعد في فهم المحكم والمتشابه، هنالك اللفظ المشترك، هنالك اللفظ الظان ويدل على عدة معانٍ، وهو عندي محل نظر.
إذن كل الأمر نرده الى دلالته في اللغة العربية، ولذلك كما يقول الإمام الشنقيطي في تفسير قوله تعالى: «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا»(محمد) الأمر بالتدبر هنا كان خطاباً للمشركين، إذن المشركون باعتبارهم عرباً كانوا يستطيعون التدبر، وليس الأمر كما يزعم بعض المتأخرين ان تدبر القرآن يحتاج لشيء غير العربية، واشترطوا لذلك شروطا وقالوا الشخص لا يستطيع ان يفهم القرآن الا اذا كان مدركاً لأصول الفقه وعلوم القرآن وحافظاً ل «100» ألف حديث ويحفظ «10» أجزاء من القرآن هذا كله خطأ لا دليل عليه. ولكن لأفهم النص يجب ان أكون صحيح اللسان، فصيح الذهن في فهم اللغة العربية، ولذلك الإمام حسن البنا في «الأصول العشرين» حول كيف يفهم النص ذكر أننا نفهم ذلك بالكتاب والسنة وبقواعد اللغة العربية.
بعدها حين نرجع إلى قواعد اللغة العربية وكيف تفهم هذه القواعد وتباينت دلالة اللغة وتقاطعت كيف نتعامل مع ذلك؟ نتعامل بقواعد وضعها الأصوليون وعليها أدلة من الكتاب والسنة. هذه القواعد العشر اذا تتبعها المسلم وأي باحثين في الوصول للحكم الشرعي في مسألة من المسائل فهما لن يخرجا من حالتين إما ان يتفقا وإما ان يتوافقا، وهنالك فرق بين الاتفاق والتوافق، الاتفاق التطابق، والتوافق قبول البعض، ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل وقال لهما «توافقا لا تختلفا، يسرا ولا تعسرا، بشرا ولا تنفرا» وفرَّق بين التوافق والاتفاق وهذا أمر يمكن ان نأتيه لاحقاً.
اذا كانت المسائل بكل هذه البداهة والوضوح فلماذا عرف تاريخنا الإسلامي الخلاف بشدة حتى بين أكابر الصحابة، وكان الخلاف حتى في النصوص نفسها، يعني من الناس من يقول لك الكتاب والسنة بأي فهم نفهم الكتاب والسنة لأن الفهوم تتعدد؟
د. برير سعد الدين:
هذا موضوع غاية في الأهمية يحتاج الناس اليه في هذا الزمان كما قال أخونا محمد الجزولي، ولكن هذا الموضوع فيه تفريعات كثيرة جداً، اخونا د. محمد تكلم عن مسائل لعلها موضع اتفاق عندما تكلم عن أصول الفقه، وحين تكلم عن القواعد التي من خلالها تفهم النصوص. لكنه رجع وخلص اخيراً الى اللغة العربية وجعلها الأساس الذي تدور عليه الفهوم، وهذا في تقديري ليس صحيحاً. اعتماد اللغة العربية وجعلها الأصل الأوحد دون سواه، هذا كلام فيه كثير من الخطأ، لأن الصحابة حين فهموا بعض النصوص باللغة العربية لجأوا الى رسول الله صلى عليه وسلم حتى يبين لهم ما المقصود.
من ذلك مثلاً حين قرأوا قوله تعالى «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا»(مريم) رج الصحابة بالبكاء وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: يارسول الله يقول الله تعالى: «وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا» أيدل هذا على أننا سندخل النار كلنا؟ ثم من بعد جاء البيان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمقتضى اللغة وإنما بمقتضى الحديث النبوي الذي أسس لتخاريج معينة وقال «والذي نفسي بيده لتمرون عليها بركم وفاجركم دخولاً إلا أنها تكون برداً وسلاماً على صالحيكم، كما كانت برداً وسلاماً على أبيكم إبراهيم من قبل»، والأمثلة كثيرة.
كذلك حينما جاءت الآيات التي تتحدث عن أن الظالمين مردهم إلى النار بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الظلم المقصود منه الشرك، وكان ذلك بنصوص القرآن نفسها «إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ»(لقمان) جاء تفسير نص بنص من خلال القرآن. كذلك جاءت أحاديث كثيرة لتدفع الاشتباه في كثير من النصوص حتى مفهوم الصلاة نفسه ليس هو مفهوم اللغة وإنما نقلها القرآن من مدلولها العام اللغوي إلى مصطلح خاص وهي العبادة المخصوصة ذات الأفعال المخصوصة. ولم يكن الأمر مجرد الكلام اللغوي، ولو استعرضنا كثيراً من نصوص القرآن نجد النصوص تشتبه على الصحابة فتأتي السنة لتزيل هذا الاشتباه.
اللغة العربية ليست الضابط الأوحد؟
د. برير سعد الدين:
بل ان القرآن يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»(النحل) فكان من مهام النبي صلى الله عليه وسلم البيان، ولو لم يكن البيان من عند رسول الله ومتروكاً للغة وهم كلهم يفهمون اللغة بمن فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما احتاجوا إلى بيان خاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم فدّل هذا على أن هنالك أسساً أخرى تنضاف إلى اللغة العربية لبيان المعاني.
لتعطنا أمثلة؟
د. برير سعد الدين:
تطرق الأخ محمد الجزولي لبعض منها كالناسخ والمنسوخ، وهذه من القواعد التي وضعها علماء علوم علم القرآن.
قال بوجود من يشترط شروطاً كثيرة لفهم القرآن الكريم؟
د. برير سعد الدين:
نعم.
ألا تعد تعقيداً في التعاطي مع القرآن الكريم؟
د. برير سعد الدين:
نعم.
حواجز؟
د. برير سعد الدين:
هذه ليست حواجز وإنما تتسق مع معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم «أن الله لا ينتزع العلم انتزاعاً وإنما يرتفع العلم بموت العلماء حتى اذا ما قبضوا اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فاستفتوهم فأفتوهم بغير علم فضلوا وأضلوا»، لم يقل بغير اللغة العربية، وقال بعلم هذا العلم يشمل السنة ويشمل معرفة المتقدم والمتأخر ويشمل معرفة القرآن بجوانبها، ويشمل معرفة أسباب النزول، ويشمل كثيرا من الأسس التي وضعها الفقهاء العلماء ولها ما يبررها.
د. محمد علي الجزولي:
كلامي له بقية، أردت إيراد رد الإمام الشنقيطي على زعم ما أسموه بسلوك الاجتهاد، وأن هنالك شروطاً للاجتهاد حالوا بها بين المرء المسلم وبين فهمه للقرآن حتى زعم البعض أن من أراد ان يفسر القرآن فليخرج إلى الجبل لأن تفسير القرآن ليس لكل أحد، والإمام الشنقيطي يقول ان الله تعالى يعيب على أبي جهل عدم فهمه للقرآن، ولم يقم في أبي جهل أي شرط من شروط الاجتهاد، أو كونه مسلماً، والله تعالى قال «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» وهذا تعنيف لأبي جهل وأبي لهب لأنهما لم يفهما القرآن.
المسألة الثانية التي أشار إليها د. برير، دلالات اللفظ القراني ثلاثة، وهذه المسألة ذكرها الامام ابن تيمية في كتابه «الفتاوى» في فصل أسماه فصل عظيم النفع عظيم الفائدة، وقال إن دلالات الالفاظ في اللغة العربية لغة القرآن نفسها هنالك دلالة لغوية ودلالة شرعية ودلالة عرفية، واقول الأصل ان يفهم القرآن باللغة العربية والله تعالى لا ينقل اللفظ من اللغة العربية تماماً الى معنى آخر، وانما يخصص المعنى الذي يريده في معنىً داخل اللغة العربية، يعني الصلاة في اللغة العربية بمعنى الدعاء والصلة بين العبد وربه، والصلاة من الصلي تصلي الحديد فتذهب عنه الخبث، وكل هذا المعاني في الصلاة «إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ» و«الصلاة صلة بين العبد وربه»؛ من الصلة، وإن الصلاة سجود وعبادة من الصلاة بمعنى الدعاء. فإذن دلالة اللغة العربية موفورة في الصلاة، ولكن الله تعالى أراد معنى خاصاً بهذه لا يخرج عن اللغة العربية وداخل اللغة العربية ولكن خصه بمعنى وأسقط بقية وحين يقول «وأقيموا الصلاة» يعني الصلاة ذات الحركات ذات الأفعال، ولكن هذه الصلاة ذات الأفعال والحركات فيها صلي بمعنى التطهير من الذنوب، وفيها صلة بمعنى أنها تقربنا من الله عز وجل، وفيها صلاة بمعنى فيها دعاء. إذن هذه المعاني اللغوية الثلاثة متوفرة في تلكم الحركات، والله تبارك تعالى لم يقل كلمة في دلالة وإلا إذن لما صلح التخاطب، وإن كان أصلا يقول كلاماً باللغة العربية وهو غير مفهوم عند المستمعين وعند المتلقين إلا أن ينزل تفسير له التفسير في الكيفية ولكن هذه الكيفية أيضا لا بد أن يكون لها نصيب من المعاني اللغوية التي وردت ولذلك الألفاظ التي وردت في الكتاب والسنة، لا سيما الأسماء منها ورتب الله عليها الأحكام لا تخرج من هذه الأقسام الثلاثة أسماء ذات دلالة لغوية مثلا النهر، البحر، الشجر، المرأة، الرجل، هذه الألفاظ إذا وردت في الكتاب والسنة المراد فهمها على فهم اللغة العربية وأسماء أخرى وردت والله تعالى لم ينقلها من معناها اللغوي ولكن جعل لها في داخل معاني اللغة العربي معنى خاصاً اذا أطلق انصرف اليه، ويسمى الاصطلاح الشرعي كلمة الصلاة الآن في الاصطلاح الشرعي إذا أطلقت تنصرف إلى معنى خاص داخل دائرة الصلاة كمفهوم، والدلالة الثالثة تسمى الدلالة العرفية وهنالك ألفاظ في الكتاب والسنة لم يرد الله تعالى معناها اللغوي ولم يحدد لها معنى شرعياً وإنما جعل معناها بحسب عرف الناس كلفظة السفر «إذا كنتم ثلاثة في سفر فامروا أحدكم» فالله تعالى رتب على السفر ثلاثة أحكام وجوب التأمير جواز القصر وجواز الفطر والثلاثة أحكام شرعية مرتبطة بمناط، وهذا المناط ما هو مفهومه عرفي فما يعتبر في عرف الناس سفراً، فهو سفر وما لا يعتبر عندهم عرفاً بسفر فما هو بسفر الآن الشخص من «جبل أولياء» يقول إنه مسافر إلى «القطينة» لكن لا يمكن من «جبل أولياء» يقول مسافر ل «جبل أولياء».
الدلالة الشرعية واللغوية والعرفية هل رفعت اللبس؟
هذا الذي اردته ولم ارد ان اي لفظ في اللغة العربية يفهم بمعناه اللغوي المحض وانما لا بد من تأسيس المعنى اللغوي له ثم الصيرورة الى الاختصاص الشرعي الذي صرف هذا المعنى العام لمعنى خاص داخل دائرة المفهوم اللغوي.
د. برير سعد الدين:
الكلام في مجمله فيه نقاط اتفاق ونقاط تقاطع. ولعل الاخ محمد طرح اشياء هي من المسلمات ولا خلاف فيها ان اللغة العربية هي اصل من اصول فهم القرآن والسنة، ولكن نقاط التقاطعات ان هذا الفهم يؤسس لمشكلات خطيرة جدًا، وهي ما تسمى بدلالة العموم. اللغة العربية عادة حينما تطلق في الفاظ القرآن أو في لفظ تنصرف الى الدلالة العامة في أغلب احيانها، ولذلك بموجب هذه الدلالة تم تقويض بعض اسس الايمان في الدين والآن الذين يستندون إلى اللغة العربية بهذه الكيفية وهذا الفهم هم الذين انكروا علامات الساعة وانكروا نزول نبي الله عيسى مع انه ثابت في الأحاديث الصحيحية بدلالات اللغة لأن الله تعالى يقول «إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ» «آل عمران»، والدلالة اللغوية لم ترفع الالتباس بل قامت لتنقض اصولاً ثبتت بسنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة.
كذلك هذا الفهم اللغوي تم تكفير بعض الصحابة في تاريخ الاسلام وهذا موجود، تم تكفير كثير من الصحابة العظماء بهذا الفهم اللغوي بدلالة العام دون الرجوع الى هذا التخصيص. حين تكلمت عن «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ»«النحل» لأن هذه الأسس عاصمة من الوقوع في مثل هذه الجهالات يعني الآن مثلاً انكار الدابة وهي من علامات الساعة، ومن فتاوينا المعاصرة بدلالة اللغة تنكر علامات الساعة وانه «وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ»«النمل»، والدابة هي كل ما يدب على الارض وليست دابة ذات شكل معين كما ورد في الاحاديث النبوية، وبهذا تنقض عرى الدين باعتبار ان المنحى منحى لغوي لكن دلالة اللغة تنضاف اليها عوامل اخرى ولذلك الله يقول «وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ»«النساء» لذلك جاء القول في الآية الكريمة في اول الاية الكريمة «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ»«النحل» هذه الاية لم تنزل على غير الصحابة، نزلت على الصحابة انفسهم، وفي الصحابة كان هنالك اهل ذكر، والصحابة كانوا يلجأون الى أهل الفتوى والى اهل المعرفة ولم يكن كل معشر الصحابة هم اهل فتوى. وكل هذه الدلالات في القرآن تسمى الخطيب والمجتهد والمقلد وما هذه الآيات اسست لهذا المبدأ حتى في حياة الصحابة وفي وجود النبي صلى الله عليه وسلم كانت هنالك فتاوى تصدر وإلا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم «أعلم الامة بالحلال والحرام معاذ بن جبل» ودلالة اللغة وحدها لو كانت تكفي ما الذي يجعل معاذ بن جبل يتميز على سائر الصحابة؟ ولما قال «أعلمهم بالفرائض زيد بن ثابت»، ما الذي يميز زيد بن ثابت عن سائر الصحابة اذا كانت الدلالة اللغوية وحدها كافية؟ والأدلة كثيرة جداً.
نعطيك الفرصة لتكملة القواعد التي ابتدرتها ولكن باصطحاب ضوابط أخرى عددها الشيخ برير؟
د. محمد علي الجزولي:
سررت جدًا بحديث د. برير الآنف، وهو ينكر على منكري الدابة وعلامات الساعة ونزول عيسى وهذا ان دلّ فانما يدل على اننا ابناء مدرسة واحدة وكنت أعتقد انني سأحاور حداثياً ولكني حاورت سنياً يقبل الأخبار التي ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن زعم المرجفون أنها تخالف العقل.
في تقديري نحن متفقون، فقط احتاج أن اكمل له الصورة ليفهم ماذا اقصد وحين اقول الأصل في فهم القرآن اللغة العربية اقصد الأصل، ولا ينكر ان هنالك الفاظًا نقلها الله من المعنى العمومي الى معنى الخاص، ولكن هذا المعنى الخاص داخل دائرة الدلالة اللغوية للفظ نفسها خارج الدلالة اللغوية.
كذلك الكلام الذي ذكره د.برير بان هنالك عمومًا، وضرب امثلة رائعة في قصة بعض الصحابة إذا فهموا النص فهذا ليس ابطالاً للفهم باللغة ولكن يجب ان نفهم النص بالنص بمعنى لا تفهم النص في معزل وحين قال ربنا تعالى «الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ»«الأنعام» إذا اردت ان اعرف موقف الله من الظالمين يجب ان اجمع كل النصوص عندئذٍ سأعرف أن الظلم مراده هنا الظلم من قبيل الشرك لأن الله تعالى لم يتبرأ الا من المشرك لكنه لا يتبرأ من العاصي والمذنب اذا ظلمه ظلم عصيان فالله لا يتبرأ منه ولا يمنعه الهداية والأمن ولكن إذا كان ظلمه ظلم كفران فالله تعالى يتبرأ منه وهذا الأمر من اين اعرفه ليس لانني خالفت قواعد اللغة ولكن لأن ظاهر اللغة هذا شرحته بظاهر اللغة هذا، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم استدل باللغة نفسها فقال إن الشرك لظلم عظيم وهذا ظاهر لغوي قيده به ظاهر لغوي آخر ولذلك من القواعد المهمة جدًا في فهم النصوص خاصة في المسائل التي نختلف فيها يجب علينا ان نجمع النصوص في المسألة، دعك من كلام ربنا -ولله المثل الاعلى- اذا اردت فقط ان اعرف موقف الاستاذ الطاهر حسن التوم من قضايا المرأة لا يصح ان آخذ مقالة مجترأة له كتبها في صحيفة السوداني أو في بوست كتبه على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك يجب ان اجمع كل كلامه في قضية المرأة ومن ثم اقول هذا موقف استاذ الطاهر في القضية، كذلك الامر بالنسبة لربنا -ولله المثل الاعلى- اذا اردنا نعرف موقفه من الظالم يجب ان نجمع كل ما قاله في الظالم واذا اردنا ان نعرف موقفه من الكفار واليهود والنصارى وكيفية التعامل معهم إذن يجب ان نجمع كل النصوص متى يسالمون متى يحاربون متى تحل دماؤهم متى تحرم دماؤهم إن أجمع النصوص الاشكالية وقوعنا في دائرة قوله سبحانه وتعالى «فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ» «المؤمنون» هذا الاستدلال المجتزأ بالقرآن انه اهل كل جماعة أو فرقة اتخذت نصوصاً وبلورت كل فهمها حول هذه النصوص، بينما اتخذ الآخرون نصوصًا اخرى، ولذلك احسن رد على الخوارج أدلة المرجئة، وعلى المرجئة أدلة الخوارج، وأحسن رد على الأشاعرة ردود المثبتة، وأحسن رد على المجسمة أدلة الأشاعرة،.. وهكذا. إذن عندما نجمع هذا التنازع الذي صنعناه نحن بين النصوص، النصوص ليس بينها تنازع الله سبحانه وتعالى يقول «الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ» «هود» وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا» النساء فالقرآن غير متضارب والتضارب ذهني، والتضارب نظري، التضارب في ذهننا نحن ومرده انني وقفت على نصوص وجهلت نصوصًا اخرى، وحين اقف على النصوص المحرمة وأجد نصوصًا أخرى تجعل من التحريم في مكان ليس في مكان وفي صورة ليس في صورة عندئذٍ تركت ظاهرًا لظاهر وتركت اللغة للغة وسلمت في الحالتين للنص لم آتِ بشيء خارج النص. اذن هنالك قواعد وكل مسألة اختلفنا فيها محكومة بعشر قواعد أول قاعدة وجوب رد هذه المسألة للكتاب والسنة. المرء قد يظن ان هذه القاعدة بديهية وليست كذلك وهي شعار لا دثار له عند جماعات العمل الاسلامي الا من رحم الله، الناس يقولون نريد ان نرد الى الكتاب والسنة ولكن عند البحث والتمحيص هم يذهبون ويقولون النص قال «ولكن، ولعل، وسوف، ويمكن» وحينئذٍ لم يرد الى النص.
من يستطيع القول إن الفهم الذي فهمته هو فهم الله وذلك حتى لا يدعي أحدهم ان ما يفهمه هو فهم الله قطعًا؟
د. محمد علي الجزولي:
الله عز وجل ليس عيي، وقال الكلمات الألفاظ المبينة لمرادة بطريقة يرفع الالتباس والا فإذا تكلم متكلم أو أخبر مخبر أو قال شاعر بيت من الشعر او قال معلم كلامًا لتلاميذه فيه قدر من الالتباس وصفناه بالعيي والله سبحانه وتعالى انزل الكتاب ليكون بينا «وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ»«التوبة» ولذلك اقول لا تقال لفظة في النص القرآني الا ولهذه اللفظة في هذا المكان وبهذا السياق وبهذه الطريقة دلالة. ولذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتركنا للإجمال والإهمال ولذلك من الصحيح الذي انتهى اليه اغلب الاصوليين انه لم ينقطع في الوحي وفي القرآن نص مجمل لا نعرف الآن ما معناه، اذن لم يصح قوله عز وجل «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا» لم ينقطع الوحي الا وقد بين الله خصوص كل عام وتقييد كل مطلق وبيان كل مجمل عند ذلك انقطع الوحي واضرب مثلاً حين نختلف ما حكم المجيء الى الكهان ان يأتي شخص الى الكهان والعرافين ويسألهم لنا حال انقطعت اخباره منذ سبع سنوات دون ان نعرف ما جرى له، وهنا الرسول صلى الله عليه وسلم قيد المسألة فهناك حالة يكون فيها المجيء للكهان كفر وحالة يكون المجئيء فيها معصية وهنا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من اتى كاهنًا وعرافًا لا تقبل منه صلاة اربعين يومًا» أي معصية- «ومن اتى كاهنًا او عرافًا فصدقه فقد كفر بما انزله محمد»، وهنا كلمة صدقه لم يقلها الرسول اعتباطًا ولكن ليريك الفرق في الحكم بين الحالتين. فأي لفظ حين تزاد او تنقص فإنما كان لبيان الأحكام الشرعية المترتبة عليه، وإلا إذا صح القول ان الرجل يقول كلامًا وكلامه في حد ذاته غير واضح وغير بيّن حينها يبطل التخاطب بين البشر جميعًا.
تأسيساً على ما قيل متى يمكن ان اقول هذا مراد الله على سبيل القطع واليقين سيما والبعض حمل مفهوماته أو فهمه للقرآن الكريم بأنه مراد الله وبدأ في محاسبة الناس على ذلك؟
د. برير سعد الدين:
هذا لا يمكن وهذا من الخطأ البين. وما قيل عندى كثير من التحفظات عليه. وكما سعد د. محمد بكلامي عن السنة سعدت بكلامه في الاصول وحسبته يأتي لما اردته بان اصول الفقه عاصمة وتؤسس عليها الفهم واستخراج الفهم وهذا امر جيد يزيح الخلاف ولكنه انصرف للحديث عن خصائص الالفاظ ونحن لسنا بصدد خصائص اللفظ القرآني وقوة بيانه ومجمله وليس الله بعيي، نعم الله ليس بعيي ولكن كلام الله بليغ بحيث انه يمكن ان يخاطب آحاد الناس كلاً على حدة، وبحيث انه يتسع لكل الناس هذا لا يعني العيي بالعكس هذا يعني السعة في كلام الله سبحانه وتعالى ولذلك الصحابة عليهم الرضوان حين اختلفوا اختلفوا والقرآن بين ظهرانيهم، والسنة موجودة بينهم، واختلفوا في مسائل كثيرة جدًا ليس في مجرد القتال فقط وانما حتى في حياتهم العادية كانوا يختلفون. بل كان يختلفون في فتاواهم وابن قيم الجوزية يتحدث عن المسائل التي خالف فيها عبد الله بن مسعود سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزادت على «100» مسألة وعبد الله بن مسعود كان تلميذًا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن رغم ذلك ورغم ان المصدر واحد والاصل واحد والكلام لغة عربية والنصوص واحدة خالفه في مائة مسألة فقهية إذن اللفظ يتسع للخلاف ولا يمكن لأحد ان يقول ان هذا الفهم فهم مقدس وان الرد الى الله ورسوله بهذه الصورة، واربأ بكثير من الدعاة وهو يقول هذا الخلاف سهل فهمه وببساطة الرد الى الله ورسوله، هذا ضرب من السذاجة، والرد الى الله ورسوله له قواعد واسس واصول الا والصحابة كانت محصلة ردهم الى الله ورسوله خلافهم بل ان سيدنا عمر رضي الله عنه حينما كان قويًا في حكمه وجاء سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وكان لينًا في حكمه سُئل لماذا انت لين في حكمك وعمر قوي في حكمه قال: «انا صرت لينًا خوفًا من الله وعمر كان قويا خوفًا من الله» هاتان مدرستان وكلٌّ تؤسس لفهم قرآني اراد عمر رضي الله عنه ان يأخذ الناس بالشدة واراد عثمان رضي الله عنه ان يأخذهم ليس بالشدة المعنفة وانما صيانة للامة وهذا اراد ان يسير بالناس سير ضعفائهم والسنة تتسع لذلك.
والخلاف الذي جرى بين الصحابة وضربت مثلاً آنفًا بالمزايا، لماذا اعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل واعلمهم بالفرائض زيد بن ثابت مع ان الاصول واحدة، إذن ليس هنالك فهم واحد مقدس والفهم الذي يختزل مجرد دلالات العموم هو فهم مرفوض عندنا وهو فهم بموجبه تم تكفير سيدنا علي رضي الله عنه ومشكلة الناس مع الخوارج كما يقول ابن عبد البر والبخاري في انهم لجأوا الى آيات نزلت في المشركين فأجروها على المؤمنين، إذن ضابط الاستدلال كان خاطئًا لذلك الكلام عن مزايا القرآن شي آخر، أما الكلام عن محصلة هذا الفهم وانعكاسه على ارض الواقع، ان تتبنى جماعة انها على الحق وانها تكفر الآخرين وانها تبزهم أو تهدر دماءهم وتخرج عليهم فهذا هو الخطأ الذي ننتقده بشدة وهذا ليس من الدين في شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.