إن المؤرخ والكاتب الباحث صديق البادي القادم من قرية المحيريبة صاحب قلم يكتب للتاريخ وأخيرًا طالعت له كتاب «الإدارة والإداريون في السودان» كتب سيرة الإداريين القدامى في السودان الذين قامت على أكتافهم الإدارة والحكم المحلي والمرحومة «الخدمة المدنية»، والذي أعجبني في الكتاب أنه أورد أولئك الرواد من رجال الإدارة والحكم بأسمائهم بل وتاريخ ميلادهم ومن أين تخرجوا ومتى مسكوا خط الأداء الإداري.. إنه بحث شاق وصعب بل حتى صورهم تحصل عليها ووضعها بالكتاب، ولصديق كتب أخرى، فهو أحد المؤرخين لمشروع الجزيرة منذ بدايته وتاريخه واللجان التي قادته بل والمديرين الذين أداروا المشروع منذ عهد الاستعمار إلى يومنا هذا بل حتى التفاتيش والحواشات وأصحابها والمشكلات التي قامت في المشروع في عهد الإنجليز وتلك الثورة من قيادات المزارعين التي جاءت للخرطوم والتقوا بالحكومة في شكل مظاهرة والتقوا بود المهدي السيد عبدالرحمن بل وأورد أسماءهم وصورهم ثم كتابه عن مأساة الجزيرة أبا في عهد مايو والذين ماتوا برصاص النميري في مسجد ودنوباوي بأم درمان والذين ماتوا في الجزيرة أبا آلاف وبأسمائهم وقبائلهم وله كتاب عن الصحافة السودانية وأبو الصحف أحمد يوسف هاشم رئيس تحرير السودان الجديد قديمًا بل وله مؤلفات كثيرة في مجال التاريخ والأحداث، والذي أعجبني في كتابه عن الإدارة كذلك إلحاقه بزعماء الإدارة الأهلية (العمد والنظار والمشايخ)، وفي بحثه أورد أسماء نظار القبائل ومشايخ الخطوط والعمد، إنه بحث مضنٍ وشاق يكتبه الصديق في كتبه، وفي تقديري إن هذا المؤلِّف لا يعمل غير البحوث وكتابة التاريخ. وقد شهدت في بعض كتب د. عون الشريف الباحث والعلامة الكبير شهدت في كتابه بهدى للمؤرخ محمد عبد الرحيم والشيخ عثمان حمد الله وفي مراجع الكتاب كان يشير لبعض كتب صديق البادي والصديق هذا راجل بسيط في مظهره، وقال عنه أحد رؤساء تحرير إحدى الصحف: إن صديق البادي حينما يدخل علينا في هدوء وبساطة كنا نؤكد أنه يحمل كتابًا لنعرضه له ونقدمه له وإن مؤلفاته في هذا المجال كثيرة، وكما علمت أنه في بعض سنوات يتجول ليأخذ التاريخ من الأفواه وبعضه شك فيه قائلاً أنت تتعامل مع جهات معينة، وقال له الصديق بهدوئه وبساطة كلامه (انه لا يخضع لأي جهة وهو صاحب قلم حُر يكتب ما يراه ضد أو مع شخصية تاريخية، يا جماعة هذا هو صديق البادي، لا تربطني به أي صلة أو قرابة. وكنت أعرف شقيقه موسى عليه الرحمة الذي التقيت به في عهد حكومة مايو في لجان تطوير القرى، وكان نعم الممثل من المحيريبة، رائد لا يكذب أهله، ثم هذه الدولة تكرم الفنانين وأهل الفن ورواد الرياضة والكورة وليس لنا اعتراض، ولكن مثل هذا الصديق فنان القلم والمؤرخ الذي أرخ لمشروع الجزيرة، والجزيرة أبا، والذي أرخ للسودان، وهو لا يملك من حطام الدنيا شئياً غير قلمه ليسجل به للتاريخ، وفي هذا المقام ألفت نظر شيخ العرب والي مدني الجزيرة أن يقوم بتكريمه بطباعة مؤلفاته ثم إنني أشيد بالنائب الأول علي عثمان محمد طه ووالي الخرطوم الخضر الذي قام بإعادة طباعة كتب الأستاذ الطيب محمد الطيب مما كان له أثر على المكتبة السودانية، إن الصديق هذا ليس أقل من الأستاذ الطيب في كتبه وكلاهما عصاميان، إنني أناشد النائب الأول أن يطبع كتب الصديق القديمة إعادة والجديدة تطبع، وكذلك سيادة والي الجزيرة التي أنجبت صديق البادي العصامي صاحب القلم أن يقوم بالواجب نحو الصديق الصادق في قلمه (أمد الله في عمره ذخراً للوطن بعلمه).