قال الخبير العسكري الفريق عثمان بلية إن ما نفذه الجيش المصري عبارة عن مجزرة استهدفت الشعب المصري، مؤكداً أن الجيش مسؤوليته حماية الحدود والدفاع عن الوطن والعقيدة وممتلكات الدولة، مبيناً أن سلطته غير شرعية. وأضاف أن ما حدث عبارة عن مذبحة وكارثة يحاسبهم عليها التاريخ . وأبان بلية في هذا الحوار الذي أجرته معه «الإنتباهة» بمكتبه بالخرطوم أن الحل الذي يؤدي إلى توافق وطني هو الجلوس للحوار، مؤكداً أن الخطأ لا يعالج بالخطأ، مبيناً أن الفيصل هو صندوق الاقتراع. وتحدث بلية في الشأن السوداني قائلاً إن تمديد فترة عبور نفط الجنوب إلى سبتمبر مؤشر إلى حسن نوايا الدولتين، مؤكداً أن عرمان وأتباعه ليست لهم قضية في الجنوب، وأنهم عملاء لجهات أخرى، واصفاً إياهم بأنهم تجار حروب، وهذا وغيره من الأسئلة والمحاور المتعددة التي وضعتها «الإنتباهة» أمام الفريق عثمان بلية فأجاب عنها بكل وضوح.. فإلى التفاصيل: أولاً سعادة الفريق عثمان بلية كيف تفسر ما نفذه الجيش المصري أول أمس؟ أنا أعتقد أن الجيش المصري لم يوفق، وما حدث عبارة عن مجزرة استهدفت الشعب المصري، وهذا من ناحية شرعية حرام، فالشعب المصري هذا الأمر يخصه وهو الذي يختار من يحكمه، وهذا شأن داخلي. وبصفتي خبيراً استراتيجياً أعتقد أن الجيش المصري من المفترض ألا يزج نفسه في هذه العملية، والجيش مسؤوليته حماية الحدود والدفاع عن الوطن والعقيدة وممتلكات الدولة في مثل هذه المواقف، وإذا حدث انقلاب حقيقي في مقدوره استلام السلطة كاملة والسيطرة على الموقف، ولكن قائد الجيش إنحاز إلى فئة وهي السلطة غير الشرعية للدولة، والآن سلطتهم غير شرعية وغير منتخبة، والمواطنون الذين يتبعون إلى مرسي يطالبون بحقهم الشرعي، ومن حقهم عمل مظاهرات سلمية، كذلك من حقهم أن يعتصموا، أما ما حدث من الجيش فهو عبارة عن فبركة يريد أن يبرر بها موقفه، لأن الجيش له قناصة يستطيع بها أن يصيب المواطن في عينه واماكن حساسة وقاتلة، وأنا أعتقد أن الشرطة والقوات المسلحة لم توفق، وما تم عبارة عن مذبحة وكارثة يحاسبهم عليها التاريخ. بصفتك خبيراً عسكرياً.. ما هي الحلول التي تؤدي إلى توافق وطني؟ لا بد من الجلوس للحوار حتى يصلوا إلى السلطة الشرعية ويتفقوا على مدة معينة ثم بعد ذلك تحدث انتخابات، يعني يتفقوا إلى مدة معينة، لكن السلطة الشرعية يجب أن تعود، والخطأ لا يعالج بالخطأ، ويمكن أن يرجعوا إلى وضعهم الطبيعي ويرجع مرسي، ومدة الفترة السابقة يمكن تقليصها إلى سنة واحدة، وبعد ذلك تحدث انتخابات، ونزع السلطة خطأ وظلم، والحل يكمن في أن تجلس كل الأحزاب وبعد ذلك يصلون إلى توافق، فإذا كانت هناك أخطاء في الفترة التي حكمها الإخوان المسلمون يجب أن تعالج، ويتفقوا على فترة معينة، وترجع السلطة إلى وضعها الطبيعي ثم بعد ذلك تعاد الانتخابات، وفي النهاية الفيصل هو الصندوق وليس الجيش الذي يأخذ السلطة بالقوة وهذا نزع، فمرسي جاء عبر انتخابات، ويجب أن يرجع حقه باتفاق وتأتي حكومة منتخبة، والآن الذين استلموا السلطة لا يحترمون الدستور والشرعية. نفهم من حديثك أن أحد الحلول هي التداول السلمي للسلطة؟ كحل التداول ديمقراطي ما في شك في ذلك، وتداول السلطة بدون عنف هذا تداول، لكن العنف مرفوض بكل المقاييس، والعنف معناه لا يوجد احترام للديمقراطية ورأي الشعب. في تقديرك ما هي السيناريوهات التي تؤدي إلى الانقلاب؟ السيناريوهات التي تؤدي إلى الانقلاب هي سوء إدارة الدولة والفساد المالي والأخلاقي والانحياز إلى المحسوبيات، فهذه هي الأشياء الأساسية التي تؤدي إلى انقلابات، كذلك هناك الضائقة المعيشية وعدم الاهتمام بأمر المواطن، فهي أيضاً من الأسباب التي تؤدي إلى انقلاب. يرى بعض المراقبين أن المجزرة مدبرة من قبل إسرائيل وتساندها بعض الدول العربية.. كيف تنظر إلى ذلك؟ ما تم في مصر مسرحية متفق عليها من إسرائيل وأمريكا، ولم تحدث وليدة صدفة وإنما هي أمر مدبر ومسرحية تم إخراجها بهذه الصورة، وهذا الدور متفق عليه، كذلك واحد من الحلول أيضاً حدوث انقسام في الجيش وصدام مع بعضهم البعض، وهذا وارد. طيب في تقديرك ما هي السيناريوهات المتوقعة في المرحلة القادمة؟ ما حدث بداية لنهاية والشعب المصري سوف تحدث فيه مزيد من إراقة الدماء والتطهير العرقي ومزيد من الاضطرابات وازهاق الارواح، وسوف لا يحدث استقرار ما لم يصلوا إلى حل لحوار، والوضع الآن يزداد سوءاً ومصر لن تهدأ وسوف يتدهور اقتصادها. بالرجوع إلى الشأن السوداني كيف تنظر إلى تمديد فترة عبور نفط الجنوب إلى سبتمبر القادم؟ حسب تقديري ورؤيتي باعتباري عملت في الجنوب فترة كبيرة وأعرف سلفا كير معرفة جيدة وكان تحت قيادتي المباشرة، فإن سلفا يهمه استقرار الجنوب وهذا برهنه عندما كان على خلاف مع دكتور قرنق، لأن قرنق المنفستو الذي ينادي به هو السودان جميعه، أما سلفا كير فقد قال له إن قضيتنا هي استقرار الجنوب. واعتقد أن تمديد فترة عبور نفط الجنوب مؤشر إلى حسن النوايا بين الدولتين، لكن أخشى من افكار أولاد قرنق وهم دائماً يحاولون أن يكون هناك عدم استقرار في السودان. ولماذا يتبنى عرمان هذه القضية وهو ليس جنوبياً؟ عرمان ليست له قضية، فهل قضيتهم هي الجنوب؟ وهل يوجد مواطن شمالي له قضية في جنوب السودان، وعرمان شمالي وليست له أية قضية في الجنوب، ولكن أقول في النهاية إنهم عملاء لجهات أخرى ويقومون بتنفيذ سياستها ومستفيدون من إسرائيل والأمريكان، وهم تجار حروب وسيتفيدون من هذه الحروب، وهم شخصيات غير وطنية وغير مرغوب فيها وخونة، وينفذون سياسات وأجندة دول أخرى، وما يحدث من انتهاكات لحقوق الإنسان في النيل الأزرق وجنوب كردفان سببه عرمان والحلو وعقار. سعادة الفريق بلية لماذا تحل عقد ومشكلات السودان بواسطة وسطاء، خاصة أن المبعوث الأمريكي الأسبق غرايشون قال إن هدف واشنطن هو تقوية الجنوب وإضعاف الشمال؟ الجنوب له قضية ومدعوم من جهات أخرى، وتوجد فوارق بين الشمال والجنوب من الناحية التنموية والعقائدية والعرقية، وأنا عملت في الجنوب ولاحظت وجود فرق في المعاملة، فالمواطن الجنوبي لا يعامل المواطن الشمالي الموجود في الجنوب معاملة حسنة، بينما الشمالي يعامل المواطن الحنوببي أحسن معاملة ولا يحس بأي فرق، فالجنوبيون لهم أحقاد قديمة، ولذلك لن تحل المشكلات بين الشمال والجنوب إلا بواسطة وسطاء، والجنوبيون مستقطبون من جهات أخرى، لذلك لا يمكن حل هذه المشكلات إلا بواسطة وسطاء، ويمكن حل مشكلات دارفور من غير وسطاء، لكن الجنوبيين يختلفون عنا في تكوينهم وشكلهم وعاداتهم. لكن الدول الغربية هدفها تقوية الجنوب؟ نعم تقوية الجنوب على حساب الشمال، وهم لا يريدون فصل الجنوب فقط وإنما يريدون كذلك فصل غرب السودان وشرقه، وهذه هي استراتيجيهم، وهذا مخطط، وعقار والحلو أداة لتنفيذ المخطط. المخطط الصهيوني هدفه تقسيم السودان إلى دويلات ماذا ترونه من جانبكم؟ إسرائيل هي الأداة الرئيسة في الشرق الأوسط لأمريكا، وإسرائيل هي التي تدعم الجنوب وتدعم الفرقتين التاسعة والعاشرة، وهذا الدعم يأتي لكي ينفذوا به مخططهم وهو عدم استقرار السودان، وإسرائيل دولة صغيرة وتريد أن تقيم صداقات في افريقيا كي تتوسع، وهي الآن مغلقة وليس لها منذ، وتريد أن تتنفس من خلال استغلال هذه الدويلات الصغيرة. كيف تنظر للحلول الجارية حالياً مثل اتفاق الدوحة وتجزئة المفاوضات؟ اتفاقية الدوحة أخذت أربعة أعوام ونجحت في تقسيم هذه الحركات، وفي تقديري تجزئة المفاوضات تضعف القدرات القتالية. البعض يرى أن خطأ نيفاشا هو تقسيم الثروة والسلطة، ولم يكن هنالك إشراك للجميع؟ نيفاشا لم تؤد إلى سلام، فالاتفاقية ضعيفة، وأمريكا كانت لها عهود ولم يتم تنفيذها، وقالت سوف نخرجكم من قائمة الإرهاب وندعمكم ونتنازل عن ديونكم، ولكن لم ينفذ الامريكان أي عهد من هذه العهود، بل هم الآن يدعمون الحركات المسلحة، فهذه هي استراتيجية الغرب، ونسأل الله أن يفشل هذا المخطط في تقديرك لماذا تأوي دولة الجنوب الحركات المسلحة وما مصلحة أهل دارفور في ذلك؟ أهل دارفور ليست لهم أية مصلحة تأتيهم من جهة الجنوب، ولكن أعتقد أن هذه الحركات مغلوبة على أمرها، خاصة أنهم تعرضوا لاغتيالات، لذلك أصبح هنالك تقسيم داخل هذه الحركات، والآن الجنوب يأوي هذه الحركات لأنه يستفيد من الدول التي تدعم هذه الحركات من الغرب وإسرائيل، ويستفيد من نصف الدعم الذي يأتي لهذه الحركات إذا كان دعماً مادياً أو عينياً وفي النهاية لكي يخلقوا عدم استقرار للشمال، لأنهم يعرفون أن الشمال يتمتع بإمكانات اقتصادية كبيرة. ذكرت أن اتفاق الدوحة أحدث سلاماً في دارفور، لكن تصاعد الصراع في دارفور مرة أخرى.. الصراع بين الرزيقات والمعاليا أنموذجاً؟ الصراع القبلي موجود في دارفور منذ القدم، وقد يكون حول ماشية أو أرض وليس غريباً أن يحدث هذا في دارفور. أخيراً بوصفك خبيراً عسكرياً.. ما هي التدابير والإجراءات لاحتواء الموقف المتوتر والمنزلق، وفي تقديرك هل توجد أيادٍ أخرى من خارج البلاد تستغل هذه القضية؟ التوترات التي تحدث يمكن احتواؤها بحوار يغني المواطن كي لا يستقطب وينجرف، لذلك لا بد من حوار وعدالة في توزيع الثروة وتمثيل قيادي، ولا بد للدولة أن تنفذ مطالبهم، وهذا يتم من خلال الحوار وحسن النوايا، ولا بد أن تكون هنالك تنمية وعدالة حتى يشعر المواطن باهتمام الحكومة به.