على الرغم من اختلاف ولايات السودان في كثير من الأشياء إلا أنها تتفق كذلك في أخرى بعينها، ولعل أول شيء تتفق فيه ولايات السودان هو التردي المخيف والمريع في المرافق الصحية مما جعل بعض الكوادر الطبية تتعرض للمواقف المحرجة والقبيحة نتيجة لعدم توفر العناية الطبية الذي ربما يودي إلى عواقب وخيمة، ولكن ما يحدث في ولاية النيل الأبيض تحديداً فاق حد الاحتمال لدى المواطنين مما جعلهم يحولون غضبهم هذا من استياء إلى ضرب مما جعل وزير الصحة بالولاية من وضع حراسات شرطية حتى يحموا الأطباء من الاعتداء عليهم، ويرى أحد أطباء الولاية فضّل عدم ذكر اسمه أن ما حدث في النيل الأبيض في الأيام الأخيرة كان بسبب حالة وضوع جاءت متأخرة لمستشفى كنانة بعد أن فشلت القابلة من إجراء شيء في المنزل لمدة ثلاثة أيام وهذا الأمر جعل المستشفى ترفض استقبال الحالة فتم تحويلها إلى مستشفى ربك إلا أن المرأة توفيت مع وصولها للمستشفى، وأضاف الطبيب أن هناك حالة أخرى توفيت أيضاً بعد عملية قيصرية نتيجة للنزيف مما جعل أهل المتوفية يعتدوا على الطبيب بالضرب المبرح مما أثر هذا الأمر على مسار العمل بالمستشفى، وقال الطبيب إن الأخطاء الطبية واردة مع النقص الكبير الذي تعاني منه المرافق الصحية وأكد أن أي طبيب يكون حريص جداً على سلامة وتعافي المريض إلا أنهم يعملون في ظروف صعبة جداً، ويرى عدد من مواطني الولاية في استطلاع أجرته معهم (الإنتباهة) أنهم يعانون كثيراً في توفر الخدمات الطبية بالولاية وأبدوا دهشتهم للأموال التي تصرف في التنمية دون الاهتمام بصحة الإنسان، فيما أشار أحد الأطباء أن المستشفيات في الولاية تعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية مشيرًا إلى ضعف الحافز الذي يتقاضاه الطبيب العمومي بالمستشفيات، وقال إن بعض الحالات لايتم إسعافها بصورة سريعة نتيجة لنقص الكوادر الطبية العاملة. وكان وزير الصحة بالولاية قد تحدّث في وقت سابق عن توفير كافة الخدمات الطبية والكوادر العاملة وتوفير الحماية لهم، فيما اشتكى عدد كبير من مواطني القطينة من تردي الأوضاع الصحية بالمحلية وقالوا إنهم يعانون كثيرًا في سبيل الحصول على العلاج الناجع في محليتهم، وزير الصحة بالولاية د. معتصم صديق قال إن الأخطاء الطبية يحددها المجلس الطبي حسب التخصص وأضاف ل (الإنتباهة) أن مستشفى ربك بدأ كمركز صحي ثم تحوّل لمستشفى تخصصي متطور، وأشار إلى أنه في السابق كان يستقبل «70» مريضاً أما الآن فالعدد تضاعف بصورة كبيرة مؤكداً أن المستشفى به اختصاصيين في كافة المجالات، موضحاً أن مستشفى ربك لا يقل عن مستشفى كوستي في تقديم خدماته الطبية واستقبال المرضى، ونفى صديق أن يكون هناك نقص في الكوادر الطبية بمستشفيات الولاية، وقال إن مستشفى ربك شهرياً به 320 عملية قيصرية وتحدث حالة وفاة واحدة مشيرًا إلى أن المعدل الحقيقي هو بين كل 1000 حالة تحدث «500» حالة وفاة. فيما رفض مدير مستشفى ربك د. محمد حسين الحديث أو الإدلاء بأي إفادات حول ما يدور في المستشفى الذي يديره. حسناً المواطنون والأطباء يتفقون على تردي الخدمات ونقص الكوادر العاملة، ووزير الصحة ينفي وجود نقص وعدم تردٍ للخدمات، ومدير أحد المستشفيات يرفض الحديث، ليبقى المواطن في انتظار خدمات صحية ترضي طموحاته في ظل الضائقة الاقتصادية التي يمر بها، فهل يتحقق له مبتغاه؟ نرجو ذلك.