اذكر انه فى العام 2003 رافقت صديقى ابو خالد وكان وقتها مسؤولاً في جمعية خيرية مميزة بالإمارات العربية وتحديدًا بإمارة دبي،، تعنى وتهتم بكفالة الايتام والاعمال الخيرية ومساعدة المحتاجين وهى من اكبر الجمعيات بالعالم العربى وقد رافقته فى تلك الليلة قاصدين صاله «البوم» للافراح المشهورة بدبى وكنت فى حيرة من الامر، فصديقى رجل متطوع ومحسوب على السلفيين، وما له فى المناسبات والصالات والاعراس، والغريب فى الامر اننا تحركنا من داره بعد انصاص الليالى اى فى الوقت الذى تنتهى فيه الحفلات وينفضّ المعازيم، ومان ان وصلنا لتلك الصالة الضخمة الفخمة حتى وجدنا كمية من سيارات التقل البك اب والعاملون معه بالدوام ينتظروننا !! سألته عن السالفة والامر فشرح لى بتفصيل انهم فى الجمعية توجه لهم دعوات بالجمعية من اهل المناسبات ويطلبون منهم جمع ما تبقى من طعام الوليمة بالصالة متبرعين به لتوزيعه على المساكين واليتامى فى مناطق الامارة المختلفة!! ورايت بعينى ما تبقى من تلك الخيرات وبكميات وفيرة بنفس الجودة والشكل الذى قدم للمدعوين داخل العرس، وحرصت ان اكون معهم حتى افهم مغزى ذلك، وحقًا انه عمل عظيم يؤجرون عليه فلا تتخليوا معى منظر تلك الاسر الفقيرة التى وجدناها حول الامارة واماكن تجمعات العمال المحتاجين الذين يكثر فيهم البنغال والهنود والباكستانيين ويقل فيهم العرب بصفة خاصة وقد وجدت ان هذه البواقى من الطعام المستعمل او غير المستعمل كان يمكن ان لا يصل لهؤلاء المحتاجين ويكون مصيره «الكشرة» على قول اخواننا الاماراتيين اى الزبالة، اذًا المسألة فقط كانت تحتاج لادارة سليمة وتنظيم وترتيب، وقد شرح لى صديقى أن تلك العملية التى تتكرر يوميًا تمت دراستها ومناقشتها بواسطة ادارة تلك الجمعيات راعت فيه جوانب عديدة سلبيات وايجابيات ومتابعات، وكان ذلك الناتج بالاستفادة من تلك النعمة لسد رمق المحتاجين!!! ولعل ما دعانى لتلك المقدمة الطويلة ما اصبحنا نشاهده بالسودان فى معظم المناسبات التى تقام فى الصالات الفخمة ولم تقف الظروف او المقدرات المالية سدًا ومانعًا فى ذلك، فمن اساسيات الزواج اصبحت تلك الصالات وظل الجميع يتباهى ويتفاخر ويتبوبر بالذهبية والبرونزية وسندباد الطائر الخيالى وبركة ملوك النيل والنخيل العاجب سيدو وغيرها من مسميات، والعروس اصبحت تحرص عند طرح فكرة الارتباط بها بأولوية ان يكون زفافها فى تلك الصالات، وقد يتسبب عدم توفير ذلك لاختلاف وطلاق ومفارقة ابدية والصالات حسب علمى من بعض اصحابها تدر مالاً وفيرًا ومكاسب ربحية جيدة، وهناك بعض الصالات تلزمك بجهة معينة لتقديم الخدمات لك من اكل وشرب وخلافه، والاكل المقدم فى تلك المناسبات اشكاله واسعاره اصبحت متفاوتة فهناك الصحن العادى والمتوسط والفاخر وفاخر الفاخر والافخر من الفاخر وكله بثمنه، وغالب المدعوين لا يهتمون بالأكل المقدم ومعظمهم يجى داقش ليه شي والبعض لا يعجبه اكل المناسبات لذا نجد ان هناك كميات وفيرة من بواقي تلك المناسبات لا تُستخدم، وحتى المُستخدم الواحد يُدخل يده فى الصحن عشان حِتَت الباسطة ولا الجبنة الفيه ويترك الباقى كما هو بدناوة وحسادة وإسراف!!! وقد كنت قبل أعوام مشرفًا على تقديم عشاء حفل احدى بناتنا فى احدى الصالات الكبيرة واستلمت من صاحب الصالة الصحانة بالعدد، ووقَّعت على ذلك، وكذلك الموية والبارد والاحتياطى باجراءات رسمية وكانك تستلم عهدة معتمدية او وزارة، وبعد انتهاء الحفل نادى علي نفس المتعهد ليخطرنى بان المتبقى من الطعام كذا صحن، وعند دخولى للمكان المخصص لذلك وجدت كميات مهولة من البواقى الصالحة والنعم التي لا يجوز رميها!!! فكرت ان انقل ما فعلته تلك الجمعية بدبى لكنى غير مستحضر او لدي مسح اجتماعى لهؤلاء المحتاجين رغم قناعتى بانهم كثر، حاولت الاتصال على بعض الاخوه فى المنظمات الطوعية والانسانية لكنى لم اجد من فيهم جاهزية لمساعدتي في نقل تلك الكميات من الأكل لهؤلاء، فاعتصرني الالم وانا اغادر الصالة وعربة المحلية تدخل لفناء ذلك المكان لنقل الأوساخ بما فيها تلك النعم!!! لذلك لا بد للجمعيات والمنظمات الخيرية والطوعية ان تلتفت لذلك الأمر الانسانى الذى يساعد ويساهم فى اطعام المساكين، ولا بد من تشكيل اتيام عمل لدراسة ومسح كامل بمعونة الشؤون الاجتماعية لأماكن تجمعات المحتاجين ولا صعوبة فى ان يتم التنسيق مع اصحاب تلك الصالات واهل المناسبة لاخذ الاذن المسبق منهم فى نقل ما تبقى من طعام وتوزيعه على هؤلاء المساكين، ونحن نعلم ان هناك كميات كبيرة منهم وان كنا ننظر لذلك الامر بتعفف فهناك اجانب موجودون بأعداد كبيرة لديهم ظروف حرجة وهم اشد حاجة!!! فالامر بسيط فقط يحتاج لمتابعة وترتيب والتفات من تلك المنظمات والمناسبات اصبحت طول ايام الاسبوع وخيرها الوفير لا بد من الاستفادة منه وان حاولت تقف بنفسك وتلاحظ على ما ذهبت اليه فستجد الواقع موجودًا، فقط اسرق النظر وتسلل الى مكان تجهيز الأكل بتلك الصالات ولاحظ بنفسك فستجد صدق ما اقول وستلاحظ فى بعض المناسبات الناسهم كتار واكلهم قليل تجد اخت العريس او اخوه يحاول يتمتم صحن لأحد الأصدقاء جاء متاخرًا وبنفس الطريقة بباقى فضلات طعام ويجتهد فى تغليفها وتقديمها بصورة تليق!!! فبنفس الطريقة يمكن لتلك الجمعيات تهذيب البواقى واعداها بصورة تناسب آدمية الشخص الذى تقدَّم له ونكون بذلك ساهمنا فى عمل خيرى كبير فيه اهم جانب وهو جانب المطعم وعلى الشركات التى تقوم باعداد ذلك الطعام يجب عليكم تولي مسؤولية ذلك بالارشاد والمبادرة والتعاون مع الجمعيات التي ستدخل في هذا العمل،،، وعلى الدولة تفعيل دورها الارشادى والتوعوى لإرساء دعائم التكافل الاجتماعى ومساعده الضعفاء والتعاون مع تلك المنظمات فى تحديد مناطق المحتاجين ودعم الجمعيات بلجان اشراف ومتابعة لتوزيع ونقل تلك الخيرات للمحتاجين فى مناطقهم وان بعدت كما على الادارات الاجتماعية المختصة دراسة تلك الوقائع بجدية ومنطق للخروج بناتج ايجابي يساهم في تقديم اعمال الخير بالصورة المطلوبة،، فالخيرات موجودة في تلك الصالات بكميات كبيرة حرام أن يكون مصيرها القمامة بقليل من التنظيم والتوجيه يمكن ان يستفاد منها ولتكن تجربة جمعية دار البر الخيرية بالامارات خير دليل على ذلك لنحقق بذلك الغاية المنشودة فيما أُنشئت به تلك الجمعيات والمنظمات لتقديم العون والمساعدة للمحتاجين وارساء دعائم التكافل الاجتماعى وذلك بنقل الفائض المتاح لطالبي الدعم واتمام النواقص بقليل من العمل والتوعية والإرشاد.