في الوقت الذي استبشر فيه مواطنو الشمالية خيرًا بما راج من أخبار بأن صندوق الإسكان والتعمير بالولاية الذي أنشئ حديثًا بوزارة التخطيط العمراني بصدد إنشاء عدد من المباني السكنية بغرض تمليكها للمواطنين «بالتقسيط» إلا أن فرحتهم تلك لم تدم طويلاً بعد أن اصطدمت بالصخرة العاتية ل «صندوق الإسكان والتعمير» بوزارة التخطيط العمراني والتي تمثلت في الأسعار الخرافية لمقدَّم العقد الذي يبلغ «واحدًا وعشرين ألف جنية» عدًا نقدًا بينما يبلغ سعر القسط الشهري «960» جنيهًا وبذلك تنتفي الميزة المهمة في امتلاك المنازل بالتقسيط وهي استفادة شريحة أصحاب الدخل المحدود من موظفين وشرائح مختلفة في امتلاك المنازل، وتذهب الخطة إلى أصحاب الأموال من الراسماليين والتجار وغيرهم من المقتدرين. وبالفعل فقد شهدت الولاية الشمالية خلال الأيام الماضية بداية التقديم لامتلاك المنازل «المعجزة» في ظل الظروف الاقتصادية المعقدة التي يمر بها غالبية الشعب السوداني وتبدأ إجراءات التقديم بسحب استماره تبلغ رسومها «مائة جنيه» لتتم عملية إعطاء المستحقين عبرعدد من الضوابط والإجراءات والشروط فيما بعد. وفي استطلاع أجرته «الإنتباهة» وسط شرائح مختلفة بالولاية الشمالية فيما يتعلق بارتفاع تكلفة الرسوم والأقساط في امتلاك المنازل عبر صندوق الإسكان والتعمير، فقد عبَّرت هذه الشرائح عن استيائها الواضح من الإجراءات والشروط التي وضعتها الجهات المختصة فيما يتعلق بأمر الإسكان، كما استنكروا الرسوم الكبيرة المفروضة على الاستمارة «مائة جنية» باعتبار أن من يُستبعد في عملية الاختيار سيفقد رسوم سحب الاستمارة، وهذا إجراء غير منصف للمتقدم لامتلاك السكن مشيرين إلى أن التكلفة الكبيرة في رسوم مقدم العقد والأقساط من شأنه أن يحرم قطاعًا واسعًا من الراغبين في امتلاك المنازل بالسبل الميسرة، وأوضح سمير حسن «موظف» أنَّ الشروط الموضوعة لامتلاك هذه المنازل لا يمكن الوصول إليها حاليًا خاصة شريحة الموظفين، وأضاف: «إذا كان راتب الموظف في المتوسط يبلغ «600» شهريًا فمن أين يمتلك دفع مقدم العقد الذي يصل إلى أكثر من عشرين ألف جنيه إضافة لتوفير قسط شهري يصل إلي التسعمائة جنيه مضيفًا أن الأولى كان يجب البداية بشريحة الموظفين في تمليك المنازل بالأقساط لكن من الواضح في الإجراءات أن المقصود بها المقتدرون فقط وهذا من شأنه أن يؤخر استقرار الموظف فيما يتعلق بامتلاكه للمنزل بالأقساط المريحة». من جانبه أشار المهندس مدثر محمد محمد أحمد مدير الشؤون المالية ومدير إدارة المحفظة بصندوق الإسكان والتعمير بوزارة التخطيط العمراني بالشمالية في حديثه ل«الإنتباهة» أن الصندوق لجأ لهذا الإجراء بغرض توفير التمويل للمشروع مشيرًا أن الصندوق لا يملك الميزانية الكافية التي تمكنه من توفير المال اللازم لإبرام العقد مع الجهات المصرفية التي ستمول المشروع موضحًا أن المشروع سيتم تمويله عبر محفظة بواسطة أحد البنوك، وقد قطعت الإجراءات شوطًا كبيرًا كما «رسا» العطاء على الشركة المنفذة والتي بدأت العمل بالفعل، وأضاف: «أن الأسعار المعلنة حاليًا لا تشمل سعر الأرض وهي فقط لتكلفة الإنشاء، مؤكدًا أن الصندوق يهدف إلى توفير التمويل لمحفظته عبر السكن الاقتصادي الحالي ليتجه بعد ذلك لتمليك الفئات الضعيفة المنازل عبر الأقساط المريحة»، وأوضح مدثر أن الصندوق يهدف مستقبلاً لإنشاء مصنع «المنتجات الأسمنتية» الحديثة من أجل تمليكها للفئات المختلفة بغرض الاستفادة من مزاياها المختلفة والتي تختصر الوقت والجهد والعمال معًا وبإمكان الشخص الواحد أن يبني بمفرده حتى «النساء» وذلك عبر هذه المنتجات المسلحة والتي تم اختراعها بعد «التوسنامي» الذي ضرب بلدان شرق آسيا في الأعوام الماضية وذلك عندما واجهت تلك البلدان مشكلة في إيجاد عمالة مضيفًا أن مثل هذه المنتجات من شأنها أن تخدم قطاعًا واسعًا من المواطنين وأردف: «سيتم تمليك المستحق منزلاً بالبناء المسلح وبه خدمتا المياه والكهرباء. عمومًا تظل مشكلة الحصول على المباني السكنية عسيرة خاصة على سكان عاصمة الولاية دنقلا بسبب ارتفاع الأسعار وعدم وجود خطة واضحة لتمليك المستحقين الأراضي السكنية، كما تشهد بعض محليات الولاية الشمالية أزمة حقيقية في إنشاء المخططات السكنية في ظل وجود المشروعات الزراعية «مترات» في مواقع الأراضي السكنية المقترحة الأمر الذي يحتِّم على الجهات المختصة إيجاد معالجة حقيقية عبر عدد من القرارات التي تسهل أمر الحصول على الأراضي والقطع السكنية.