تميز المجتمع السياسي في دارفور بالانقسامات الانشقاقية بسبب الاختلافات القبلية واللغوية والثقافية والاقتصادية والإقليمية. ومع ذلك فقد وفر المجتمع المشترك الذي أتاحته وحدة الدين والسلطة الدنيوية ممثلة في الأسرة المالكة «الكيرا» بسبب المنحدر العربي والنسب مع المجموعات المحلية المستقلة من خلال استقطاب المصاهرة الأسرة الحاكمة «أسرة السلطان علي دينار» الذي حكم إقليم دارفور ربع قرن من الزمان. اتسم مجتمع دارفور بمختلف سحناتهم بالتسامح والتعايش السلمي والاستقرار وما يدعو إلى الاستهجان الآن ما آلت إليه الأوضاع الأمنية بمدينة فاشر السلطان المنيعة التي لم ترزح للمستعمر قط إلا بعد مقتل «السلطان علي دينار»، الخراب والدمار الذي صاحب الحرب منذ اندلاعها قبل عشرة أعوام مضت كانت له تبعات أبرزها الانفلات الأمني وما يدور الآن أقل ما نصفه به أن مريع، مع تقاعس حكومة الولاية وعجز أجهزتها عن حماية المواطنين وممتلكات الدولة، إضافة إلى التضليل وعدم تمليك حكومة المركز الحقائق للنظر لما يجري في شمال دارفور من قتل يومي للأبرياء ونهب الممتلكات من قبل «المسلحين» وشرطة الولاية عاجزة تمامًا عن القيام بدورها المنوط بها لأن هؤلاء «المسلحين» كما نعلم لا ينقصهم من عتاد الشرطة شيء إن لم يكن أكثر، أصبح المواطن لا يأمن روحه وممتلكاته في أي موقع بالمدينة حيث ناشد المواطنون حكومة الولاية عدة مرات عن ضرورة إيجاد طريقة لحسم الانفلات الأمني بالولاية وردع المتفلتين الذين ظلوا يتفننون في ارتكاب الجرائم البشعة ودخيلة على مجتمع دارفور . ومن خلال وجودي بالفاشر أتاحت لي الفرصة الوقوف على الحقائق الغائبة تمامًا عن حكومة المركز عامة وأجهزة الإعلام خاصة وبحكم انتمائي إلى قبيلة الإعلام طلب مني المواطنون مواجهة والي الولاية كبر للكشف عن بعض الممارسات الخاصة بالانفلات الأمني بالولاية وحقيقة ممارسات المتفلتين، استجبت لطلبهم وحملت أوراقي إلى أمانة حكومة الولاية لمواجهة الوالي كبر بالحقائق الماثلة أمامي وشاهدتها بأم عيني، ووفقًا لذلك تقدمت بطلب مقابلة صحفية رسمية إلى مدير المراسم ولم أتجاوز أصول البرتوكول، طلب مني الحضور يوم الأحد الموافق 11/11/2013م الماضي وعند حضوري في اليوم المحدد رفض كبر مقابلتي وإجراء الحوار الصحفي عندما علم بأنني مندوبة صحيفة «الإنتباهة»، هذا الرفض إن دل على شيء فإنما يدل عدم ثقة الوالي في السيطرة على أوضاع ولايته الأمنية التي فقدت البوصلة تمامًا أضف إلى ذلك ليس لديه الرد المقنع للهجمة الشرسة من خلال المحاور والمعلومات التي تحصلت عليها من مصادر موثقة بصدد بعض الممارسات بالولاية، علمًا أن الوالي دائمًا ما يسعى هو إلى وسائل الإعلام.. عن نفسي لم أتفاجأ لما حدث من رفض بقدر ما أصاب مَن حولي خيبة أمل في مواجهة الوالي بالحقائق وتوصيل رسالة شفهية من المواطنين بعدم رغبتهم في انتخابه مجدداً لأن المواطن المغلوب على أمره ضاق ذرعاً من سياسات كبر. هذا قليل من كثير لما يحدث في أسبوع واحد قتل الجنجويد في يوم واحد أكثر من «8» أشخاص وبطريقة بربرية وغير مقبولة على الإطلاق، وفي غياب تام للسلطات الأمنية فضلاً عن أحداث عديدة شهدتها الولاية من نهب وسلب في وضح النهار وقتل الأبرياء وغيره خلال الشهر الذي أمضيته هناك، هذا بخلاف التردي العام المصاحب للأوضاع الصحية والتعليمية، عن ذلك حدِّث ولا حرج، فالوضع الصحي بالفاشر يفتقد أهم المقومات الأساسية كحاضرة ولاية بالكم الهائل من الكثافة السكانية التي تضاعفت بوجود سكان المعسكرات «النازحين» اتطرق لهذا الأمر في سانحة أخرى، أضف إلى ذلك تردي البنى التحتية والبيئة التعليمية والتربوية الذي صار «قاب قوسين أو أدنى»، وتذمُّر المعلمين من تأخير صرف رواتبهم واستحقاقاتهم حتى الآن.