نماذج عالمية من التعليم التقني والتقاني العالم يموج بسيل من التجارب والنماذج والصيغ في ميدان التعليم المهني والفني والتقني، والتي تربط التعليم باحتياجات المجتمع وقضاياه، وتوظيفه لتطوير وتنمية الجوانب الثقافية والاقتصادية، ولعل ّ العقود الأخيرة من حياة المجتمعات ساحات للتنافس بين الدول والشعوب لبناء نهضتها، وتحقيق الرفاه. لعلّ من أبرز هذه النماذج والتجارب ما يلي: التجربة اليابانية: «60%» من الطلبة يلتحقون بالتعليم الأكاديمي بالمدارس الثانوية و«40%» من الطلبة بالمدارس المهنية، لذا تدنت النظرة للتعليم المهني والفني، وأصبح يجذب الطلبة الذين فشلوا في الالتحاق بالنوع الأول وهو الأكاديمي، مما تسبب في عدم التوافق بين النمو الإقتصادي والحاجات التربوية والاجتماعية، ويوجد لذلك نقص في الأيدي العاملة في كثير من المهن الفنية والحرف الصناعية. لذلك كان يتكفل قطاع الصناعة بتوفير معظم برامج التعليم الفني والتدريب المهني. وتقدر نسبة مساهمته بنحو ثلاثة أرباع تلك البرامج، الربع الباقي تتكفل به المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة المعتمدة من وزارة التربية والتعليم والمؤسسات الأخرى التي تديرها وتعتمدها. تجربة الولاياتالمتحدةالأمريكية: نتيجة للتطور الكبير في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية أدركت الولاياتالمتحدة أن المعجزة اليابانية في التعليم، قد تقود اليابان للتفوق عليها، فكونت لجنة قومية لتقويم العملية التعليمية فيها، وأصدرت تقريرها عام 1983 الذي كان عنوانه «أمة في خطر» والذي أكدت فيه أن الأمة في قوة نظامها التعليمي، وأنه إذا أردت أن تنتزع سلاح أمة فانتزع سلاحها التعليمي. تلك النظرة ساعدت في تطوير نظام التعليم في الولاياتالمتحدةالأمريكية. فالتغيير في نظام التعليم المهني في الولاياتالمتحدة أدى إلى: أ- التطور التكنولوجي. ب النمو في الاقتصاد مع عملية التصنيع. ج التغيرات الديموغرافية «السكانية». التجربة الألمانية: يعتبر نظام التعليم الفني والتدريب في جمهورية ألمانيا الاتحادية من الأنظمة الرائدة التي جذبت اهتمام رجال السياسة والاقتصاد في أوربا، خاصة بعد حدوث المعجزة التنموية والاقتصادية، التي قادت ألمانيا إلى النهوض بعد الحرب العالمية الثانية، كقوة كبرى في أوربا، فمثلاّ إنتاجية المصانع في ألمانيا تزيد 50% عنها في المملكة المتحدة، وكذلك الدخل الحقيقي للفرد، ويمكن تلخيص أهم أسباب نجاح هذا النظام التعليمي في مجال التعليم التقني والتدريب المهني فيما يلي: أ ثنائية المشاركة بين الحكومة والمؤسسات الخاصة والشركات، ويسمى ذلك النظام الثنائي «المزدوج». ب التركيز على إعداد المدربين. ج التوجه نحو تعلم المهارات المهنية. تجربة المملكة المتحدة: اهتمت بريطانيا بالتربية المهنية للتلاميذ في مرحلة الأساس، وذلك بعد سنة 1976 حيث وجه رئيس الوزراء بإفساح المجال أمام التلاميذ للتعلم من خلال العمل والتطبيق، ويمكن إيجاز الأهداف الخاصة للتربية المهنية في بريطانيا بما يلي: تشكيل الاهتمام والميل المهني لدى التلاميذ. تنمية المهارات الأساسية القابلة للتطبيق في الحياة لدى الطلبة. تزويد الطلاب بمهارات شمولية. تجربة أستراليا: تركيبة أستراليا السكانية تشبة إلى حد كبير التركيبة السودانية الجغرافية والتنوع الثقافي أو القارة الصغيرة، ويتولى هذا النوع من التعليم ثلاث جهات وهي : أ وكالة نظام التعليم التقني العام. ب المعاهد التدريبية الخاصة. ج المصانع تفعيل هذا النوع من التعليم في أستراليا اعتمد على المؤسسات المهنية التي أجبرت أصحاب القرار إلى إعادة النظر في هيكلة أعضاء التدريب والتركيز على: ٭ التدريب قصير الأجل لمهنة المستقبل للشباب الذين لا يملكون مهناً للتشغيل والإعاشة. ٭ التدريب الموجه للناضجين. مما تقدم يتضح صحة المقولة إن قوة الأمة في قوة نظامها التعليمي والذي كما هو واضح ممازجة بين التعليم الأكاديمي والتعليم التقني بحيث أن معدل النمو يتزايد كلما زاد معدل التعليم التقني والأمل معقود في أن نحذو ونهتم مثل اهتمام تلك الدول ونحن في أمس الحاجة لهذا النوع من التعليم. ونواصل في المقال القادم. * خبير التعليم التقني والتقاني وعضو هيئة المستشارين قطاع التعليم وتنمية الموارد البشرية