بدأت الصحافة في السودان في العام 1896م وهو عام صدور نشرة «دنقلا نيوز وحلفا جورنال» وقد أصدرهما الجيش الإنجليزي أثناء غزوه للسودان. وبعد مضي أكثر من نصف قرن من ذلك التاريخ بدأت الصحافة النسوية في السودان، وأول ظهور للصحافة النسوية في الوطن العربي في نهاية القرن الثامن عشر وتعتبر مصر الدولة العربية الأولى صاحبة المبادرة في العام «1892م» عندما أصدرت الأستاذة هند نوفل أول مجلة نسائية عربية، ثم جاءت لبنان في المرتبة الثانية بمجلة «الحسناء» التي أصدرها جرجي نقولايا «1909م»، بعدها صدرت في سوريا مجلة «العروس» لماري عبده عجمي عام «1910م»، وفي العام «1923م» أصدرت بولينا حسون من العراق مجلة «ليلى»، ثم صدرت مجلة تحمل ذات الاسم «ليلى» في تونس عام «1936م». واحتل السودان المرتبة السادسة بين الدول العربية في تاريخ إصدار المجلات النسائية المتخصصة.. فيما يلى نقدم عرضًا للمجلات النسائية المتخصصة التي صدرت في السودان منذ العام «1946م».. مصطحبين معنا رأي رائدات الصحافة السودانية الاستاذتين آمال سراج وآمال عباس.. أول مجلة نسائية متخصصة صدرت في السودان هي مجلة «بنت الوادي» أصدرتها «تكوى سركسيان» الأرمنية الأصل في العام «1946م» وهي مجلة نسائية اجتماعية أدبية وقد وجدت تلك الصحيفة تفاعلاً وسط طبقة المتعلمات والمثقفات من النساء وبعضهن كان يكتب فيها بأسماء مستعارة. ولكنها توقفت بعد عامين من صدروها بسبب الظروف المالية لأنها كانت تصدر على نفقة سركسيان الخاصة. ومع مطلع الاستقلال صدرت صحيفة صوت المرأة من تنظيم الاتحاد النسائي السوداني وهي مجلة شهرية اجتماعية ثقافية تحرر بأقلام نسائية ووزعت في كل أقاليم السودان وكانت رئيس التحرير الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم وساهمت عدد من الأقلام في الكتابة بها نذكر منها على سبيل المثال الأستاذات أسماء محمد عبدالله ومحاسن عبد العال وآمال عباس وكانت بتلك الصحيفة صفحة مميزة للكاريكاتير بإشراف الأستاذة فوزية حسن اليمني وهي من أوائل النساء اللائي تخرجن في كلية الفنون الجميلة. وأيضًا من المجلات النسائية التي صدرت في تلك الفترة «1955م» مجلة «المنار» التي أسستها الدكتورة سعاد الفاتح البدوي وقد تزامن صدورها مع «صوت المرأة» وكانت تصدر من الجبهة النسائية الوطنية. وفي العام «1956م» صدرت مجلة القافلة للأستاذة حاجة كاشف ولكنها توقفت بعد عام واحد من صدروها. لتأتي مجلة «حواء الجديدة» في مارس «1969م» من دار الأيام وهي مجلة نسوية ثقافية اجتماعية رئيس تحريرها الأستاذة أسماء عبيد «بنت الشمال» وكان من ضمن اللائي يكتبن بها الأساتذة آمال سراج وسعاد الفاتح أبوعاقلة وزينب الفاتح، وتوقفت تلك المجلة عن الصدور في العام 1970م، وفي العام 1974م صدرت مجلة «الأسرة السعيدة» ورأست تحريرها الأستاذة سيدة عبادي. ليصدر بعدها اتحاد نساء السودان مجلة «المرأة الجديدة» وكانت رئيس تحريرها الأستاذة نفيسة كامل. وفي العام 1979م أصدرت الأمانة العامة لاتحاد نساء السودان برئاسة الأستاذة نفيسة أحمد الأمين أصدر مجلة شهرية اجتماعية ثقافية، توقفت تلك المجلة عن الصدور في العام 1985م. كما كانت هنالك بعض الإصدارات النسائية الخاصة كمجلة «الكلية» التي كانت تصدر عن كلية معلمات ود مدني 1956م، ومجلة «النصف الواعد» من جامعة الأحفاد 1967م. ثم انتابت الصحف النسائية حالة من البيات لتعاود نشاطها في العام «1995م» بمجلة «عزة» التي صدرت عن دار الإعلام للطباعة والنشر برئاسة الدكتور محيي الدين تيتاوي ورئيس مجلس الإدارة آنذاك ومديرة تحريرها فايزة شوكت وهي مجلة شهرية وظلت تصدر لأكثر من خمس سنوات دون توقف ووصل عدد المطبوع منها «15» ألف نسخة. وكانت آخر الصحف النسائية المتخصصة في السودان مجلة أسرتي والتي توقفت هي الأخرى عن الصدور. وللرائدات كلمة.. الأستاذة آمال سراج كانت قاسمًا مشتركًا في عديد من الإصدارات النسائية حيث بدأت الكتابة في جريدة أكتوبر بصفحة المرأة وهي جريدة يومية سياسية كان يرأس تحريرها المرحوم الأستاذ صالح محمود إسماعيل، ثم كتبت بصحيفة الأضواء عمود «مجرد حروف» وكان يقال عن الأستاذة آمال سراج إنها نادية عابد السودان وكانت لها أبواب ثابتة في عدد من الإصدارات «القومة ليك يا وطني» و«حبات المسبحة» و«تحديث عبر الحروف». وكانت لها تجارب مميزة في مجلات «بنت الوادي حواء الجديدة عزة أسرتي. وفي الاتصال الهاتفي الذي جمعنا بها تعزو الاستاذة آمال سراج عدم استمرارية صدور المجلات النسوية المتخصصة إلى ضعف الإمكانيات المالية وأيضًا الاعتماد على السياسة أكثر من غيرها ولا يولي القائمون بالأمر اهتمامًا للصحافة النسوية أو المجلات المتخصصة بصفة عامة. الأستاذة آمال عباس كانت ضمن طاقم تحرير مجلة «صوت المرأة»، عملت بعدد من الصحف السودانية على سبيل المثال «الأيام السودان الجديد الزمان هنا أم درمان الأنباء الصحافة» وظل عمودها «العمق العاشر» يتناول عددًا من القضايا ومازالت تكتب عمودها اليومي «صدى» بصحيفة الصحافة التي تشغل فيها منصب مستشار. الأستاذة آمال عباس قالت في إفادتها لنا عن المجلات النسائية المتخصصة في السودان : صدرت مجلة «صوت المرأة» 1955م وكانت صاحبة الامتياز الأستاذة فاطمة أحمد إبراهيم وهي مجلة كانت تهتم بالمجتمع بشكل عام وبالمرأة بشكل خاص وهي أكثر مجلة استمرت في الصدور «1955 1971م» بعد التأميم، وقد لعبت تلك المجلة دورًا كبيرًا وأساسيًا في محاربة الحكم العسكري «58 1964م» ورغم تعرضها للتعطيل والإيقاف لكنها صمدت كثيرًا. وأذكر من المجلات النسائية «بنت الوادي» التي استمرت عامين ومجلة «المنار» التي لم تستمر كثيرًا ومجلة «حواء الجديدة» التي رأست تحريرها الأستاذة أسماء علي عبيد ومدير تحريرها الأستاذة عصمت عبد الجواد وهي مصرية الجنسية، وفي فترة مايو أصدر اتحاد نساء السودان مجلة «نساء السودان» وكانت ترأس تحريرها الأستاذة نفيسة أحمد الأمين واستمرت تلك المجلة «14»عامًا في الصدور حتى الانتفاضة 1985م. ومن المجلات الحديثة في تجربة الإنقاذ مجلة «عزة» وهي مجلة ناجحة وكانت هيئة تحريرها من الأساتذة فائزة شوكت وآمال سراج ومجموعة كبيرة من الأقلام. ثم أصدر اتحاد المرأة صحف «نون فتاتي عزيزتي». أما عن سبب توقف المجلات النسائية عن الصدور السبب ليس خاصًا بها فقط ولكنه خاص بطباعة المجلة عمومًا وعلى رأس تلك الظروف الإمكانيات المادية، فالمجال الصحفي به صحفيات مقتدرات وصحفيون أكفاء ولكن يظل الجانب المادي هو المعيق الأكبر، فالصحافة صناعة تحتاج لمدخلات عامة والصحافة الآن عمومًا متعثرة نسبة لارتفاع الأسعار وارتفاع سعر الدولار والضرائب. وبسؤالنا لها عن إمكانية وجود صحيفة نسائية متخصصة في الوقت الحالي أجابت «العين بصيرة واليد قصيرة» فإصدار مجلة في الوقت الحالي مغامرة لأن الصحافة بظروفها الحالية لا تسمح. فدائمًا ما تقف الإمكانات حجر عثرة. من المحررة.. الحديث عن تاريخ الصحافة النسوية في السودان يقودنا بالطبع للحديث عن رائدات العمل في الصحافة النسائية بالسودان.. فلنا عودة...