في الفترة الأخيرة ظهرت تباعاً جملة من المظاهر السلبية في مجتمعنا، ويتضح من خلالها حجم التغير الذي يحدث في مجتمعنا... وصراع الحق والباطل يستمر ما استمرت الحياة الدنيا.. ويبقى على أهل الخير في كل مجتمع والمصلحين التنبه للأمراض التي تصيب مجتمعاتهم.. لمعالجتها ولتقليل الشر والفساد، وهي مهمة عسيرة خاصة في مثل مجتمعنا الذي يُعد من أبرز سماته: التداخل المجتمعي ومن ثم يسهل التقليد الأعمى وتنتشر الظواهر السالبة بيسر وسهولة.. وبسرعة.. المظاهر السالبة والأخطاء تحتاج إلى تنبيه وتوضيح وتناول يتناسب مع حجمها وحجم انتشارها، ومسؤولية ذلك عظيمة، فكيف إذا كانت تلك الأخطاء يجتمع معها غيرها والمؤدى والنتيجة «مفارقات» عجيبة، يظهر ذلك من خلال الجمع بينها فيتضح حجم التناقض والفشل والضياع. في بعض المستشفيات لا يوجد بعض العلاجات الضرورية خاصة في أقسام الطوارئ والحوادث وأصبح المريض يُحضر مجموعة منها بشراء مباشر من خارج المستشفى!!! هذا واقع محزن، ومن دخل بعض المستشفيات في العاصمة والولايات ورأى بعض المرضى الفقراء والمعدمين وشاهد دمعتهم ودمعة ذويهم بل ودمعة بعض الأطباء الذين يعالجونهم وبعض الموظفين لأدرك ما أريد توضيحه في هذه المفارقة، وقد أخبرني أطباء بأحد مستشفيات العاصمة عن حالات بكاء بعض الطبيبات في حالات عدم مقدرة بعض المرضى على الحصول على ثمن الدواء!! خاصة لبعض المرضى كالأطفال، وأخبرني بعضهم أنهم لا يرجعون إلى بيوتهم بجنيه واحد مما كان معهم لأنهم ينفقون كل ما بجيوبهم في أدوية المرضى. ونحن نعيش في أيام فيها غلاء الأسعار وقلة ذات اليد وانتشار الفقر، وكثرة المعدمين، وانتشار المشردين، فكثيرون من بني مجتمعنا لا يجدون اللقمة، ولا الكساء ولا الدواء، فضلاً عن رسوم الدراسة والمأوى وغير ذلك، هذا واقع نعيشه في هذه الأيام، ومع ذلك فلا يزال الناس في بلادنا يصرفون أموالاً في الحفلات ومصروفات المغنين والمغنيات!!! ويدفع لهؤلاء الفنانين مبالغ كثيرة!! وتهدر الأموال في بذخ وترف، وإسراف وتبذير وحب للمظاهر في الزيجات، بل وحتى في الوفيات!! ولست بحاجة إلى تعداد جوانب إهدار الأموال في مجتمعنا، فهي معلومة للصغير قبل الكبير، إن من الواجب علينا أن نتراحم في ما بيننا وأن يشعر بعضنا ببعضنا، وأن نتكافل ونوجه الصرف الذي يصرفه البعض في غير موضعه بل في المحرمات إلى إعانة المحتاجين من الأقارب وغيرهم، ومؤسف أن يهدر كثيرون أموالهم في مشاركة النصارى أعيادهم وفي غيرها وهم ينظرون للمحتاجين بجانبهم... «وهل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم..؟!» هذا ما قاله الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.. ولكن من يدرك ذلك ؟! لو رحمنا من حولنا من الضعفة لرزقنا الله ولنصرنا.. ووعد الله لا يخل.. .. فعجبي لا ينقضي مما بتنا نراه في مجتمعنا!! فمجتمع يعم فيه الفقر والعوز، ومع ذلك تجده يصرف أموالاً كثيرة في غير فائدة وبعضها ضرر في الدين قبل أن يكون ضرراً في الدنيا.. فالبعض ينفقون أموالاً كثيرة في طقوس مناسبات وبمجتمعنا طقوس في هذا الجانب لا توجد في أغنى دول العالم!!! وهؤلاء الذين ينفقون هم قبل غيرهم أحوج للمال الذي ينفقونه في ذلك، والبعض قد يكون من قرابته معدماً كخالة وعمة وخال وعم بل ربما إخوة ووالدين... وبحاجة إلى مال ولو يسير لكنه لأجل المظاهر يتكلف وينفق الملايين «بالجديد» والمليارات «بالقديم» في حفلات ويسرف في الولائم بل ربما يستمر ذلك لعدة أيام!!! وكم حزنت لمن أنفقوا أموالاً كثيرة في مثل ذلك وأمسكت أيديهم عن المساهمة لمرضى من ذات الأسرة لم يتوفر المال الذي يعالجون به. ولك أن تعجب عندما تسمع أن ذات هذا المجتمع الذي يعم غالبية أهله الفقر والعدم فإن البعض اشترى تذاكر حضور حفل للأطفال بدار الرياضة وبلغت التذكرة بالسوق الأسود ألف جنيه «بالجديد»!!! وربما يكون هذا المشتري لم ينفق منذ أن وُلد وحتى الآن خمسمائة جنيه لأقرب شخص معدمٍ من أهله!! إنني أنصح كل من نوى أن ينفق مالاً في غير موضعه أو عزم على إعطاء الأموال للمغنين والمغنيات، أو أراد الذهاب لحضور حفلات رأس السنة في بعض المدن، أو من شابههم، أنصحهم بأن يضعوا هذا المال في موضعه الذي حثهم الله تعالى عليه، خاصة المعدمين من الأقارب، فإنهم الأولى بالمعروف، وما أكثرهم!!.. والأطفال المرضى بالمستشفيات الحكومية خاصة في غرف العناية المركزة، وليسهموا في النفقة حيث ستبقى لهم هذه النفقة ويجدون خيرها وبركتها في العاجل قبل الآجل بإذن الله. ولينأوا بالنفقة حيث نهى الله تعالى، فإن ذلك من موجبات سخط الله تعالى، وليقاطعوا رأس السنة وما فيها من عقائد كفرية ودعوى النصارى أن الله ثالث ثلاثة، فإنه كما تقدم في الحلقات الماضية أن مشاركة النصارى أعيادهم من المحرمات في شريعة الإسلام.. مهما ظهر التغير في المجتمع ومهما كثر المفسدون في أرض الله ومهما تزايدت أعداد وكثرت أفعال من يتلاعب بهم الشيطان ومهما ومهما... إلا أننا لا نيأس من النصح والتذكير والبيان، فيقيننا أن الزبد يذهب جفاء وأما ما فيه النفع فسيمكث في الأرض بإذن الله.. وذرة الحق تتلاشى معها جبال وهضاب الباطل.. وصدق الله جل في علاه: «وإن جندنا لهم الغالبون». ونتفاءل بمقاطعة وهجران لأعياد عَبَدَة الصلبان، ونتفاءل باجتهاد لبلوغ رضى الرحمن، ومساعدة الضعفة من الرجال والنساء والصبيان، الأقارب منهم والأباعد خاصة من ازدحمت بهم أسرَّة المستشفيات... وهم بانتظار إخوانهم ذوي الإحسان..