اطلق اساتذة جامعات وخبراء تاريخ سودانيون دعوة صريحة لاعادة كتابة تاريخ السودان الاسلامي والوطني وفق معايير منهجية علمية سليمة ودقيقة، وانطلقت الدعوة من منصة جامعة القرآن الكريم والتي تدشن اليوم مؤتمرها العلمي العالمي بعد أن اكملت كل ترتيباتها الخاصة عبر ديباجة «نحو تاريخ الاسلام والسودان» كرؤية نقدية بمباركة ورعاية من رئاسة الجمهورية، وسيخاطب المؤتمر البروفيسور إبراهيم غندور مساعد رئيس الجمهورية، والدكتورة سمية أبو كشوة وزير التعليم العالي والبحث العلمي. واطلق هؤلاء الخبراء دعوتهم في سبيل تدارك الأخطاء التي شابت حركة التاريخ السوداني والإسلامي، وأقروا بأن تاريخ السودان تعرض لمؤامرات خارجية خصوصاً من «الرحالة» والمستشرقين وجنرالات المخابرات بدول الغرب، وأن كثيراً منهم شوه التاريخ، وبالأخص ما كتب عن حقبة الغزو التركي للسودان. وقالت الدكتورة ميمونة ميرغني رئيسة اللجنة العلمية للمؤتمر إن الذين كتبوا عن تاريخ السودان سيطرت عليهم الأغراض الشخصية أو الجهل، ووصفتهم بالهواة الذين يكتبون للدعاية الشخصية او المذهبية او القبلية، وأشارت إلى أن هذا المؤتمر ينبغي له أن ينبه لهذه المخاطر التي تعرض لها التاريخ الاسلامي وحضارته باعتباره أول مؤتمر في تاريخ السودان يناقش هذه القضية، وأكدت أن المكتبات مليئة بكتابات ومعلومات مغلوطة عن تاريخ السودان. وقد حرصت جامعة القرآن الكريم على أن تلعب دوراً إسلامياً ووطنياً وعلمياً بارزاً في تصحيح حركة التاريخ السوداني والإسلامي، باعتبار أن علم التاريخ يلعب دوراً مهماً في مجريات الأحداث والحقب، وقال البروفيسور أحمد سعيد سليمان مدير الجامعة بالإنابة في مؤتمره الصحفي الذي عقد أمس في هذا الخصوص إنهم حريصون على أن تكون جامعة القرآن الكريم مؤسسة قيادية وفكرية تستجيب لمتغيرات العصر، وشدد على أهمية علم التاريخ في التعريف بأخلاق وحضارات الأمم والشعوب والملوك والأنبياء، مشيراً إلى إن التحضير لهذا المؤتمر بدأ منذ أكثر من عام عبر لجان متخصصة شارك فيها خبراء وأساتذة جامعات وخبراء تاريخ سودانيين، وستقدم في المؤتمر أكثر من «50» ورقة عمل علمية تناقش العديد من المحاور المهمة بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية ومشاركة علماء من السعودية وتركيا وماليزيا واليمن وغرب إفريقيا وشرق آسيا وغيرها من الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى مشاركة كل أقسام التاريخ بالجامعات السودانية. وتشكل الوثائق التاريخية دوراً مهماً في كتابة التاريخ السوداني، باعتبار أن كثيراً من القضايا التي تهم الأمة الإسلامية والمجتمعات السودانية شهدت مراحل أشبه بحرب الوثائق، خصوصاً أن هناك هجمة شرسة تعرض لها التاريخ الإسلامي من بريطانيا وفرنسا، في الوقت الذي عجز فيه علماؤنا عن التصدي لهذه الهجمة. وكشف البروفيسور فيصل محمد موسى عضو اللجنة العلمية للمؤتمر عن ندوة كبرى سيتم تنظيمها على هامش المؤتمر لمناقشة قضية أبيي من حيث تاريخ وتطورات المنطقة، ووصف كل ما تم بشأن هذه القضية بأنه لا يتجاوز حدود المعالجات السياسية بعيداً عن التاريخ، ونادى البروفيسور موسى بالتصدي لهذه الهجمة الغربية والفكرية الخطيرة، فيما يرى الدكتور عبد الباقي محمد أحمد عضو اللجنة أن التاريخ الإسلامي تعرض لما يعرف «بالإسرائيليات»، كما أن تاريخ السودان كتبته أقلام مخابرات أجنبية، وأضاف البروفيسور السر محمد أحمد أن المستشرقين أو من سماهم بالفئة الضالة، عملوا على تشويه السيرة النبوية، وحاربوا الإسلام وحضارته بكتاباتهم ووثائقهم.