التواصل الاجتماعي مع الأقارب والأهل يمنح الإنسان إحساسًا بالأمان ويفتح نوافذ المحبة بين الناس ويعطي قيمة وحميمية للحياة بوجود الأهل والأقارب، فالإنسان لا يهتم بحياته الاجتماعية دون التواصل، والإنسان بطبيعة حاله كائن اجتماعي، ومن صفاته التي وهبه الله سبحانه وتعالى إياها هي التداخل والجماعية والتواصل، وحضت الآيات في القرآن الكريم على تواصل الأرحام، وكذلك الأحاديث النبوية الشريفة، فمن أجمل التقاليد والعادات الاجتماعية التي ورثناها جيلاً بعد جيل هي التواصل مع الأهل والأقارب لتقوية أواصر المحبة التي ميزت الأجيال السابقة وتمسكوا بها وكان من مبادئهم واعمدتهم المتينة في بنيان الاسرة وحياتهم ولكن مانعيشه اليوم من قطيعة والبعد عن الاهل والتعرف اليهم يعزوها البعض الى سرعة ايقاع الحياة ومتطلباتها اليومية والركض خلف لقمة العيش والحياة الكريمة والافضل.. ترى هل الناس ابتعدت عن بعضها البعض بسبب ضغوط الحياة اليومية والتي ادت في بعض الحالات الى ان ينقع الاخ عن اخيه والاخت عن اختها وابناء اعمامهم وخيلانهم والكثير من اقربائهم ام هي الحياة العصرية بصخبها وغياب الصفاء والهدوء عن اوقاتها هو السبب في تضاؤل التواصل الاجتماعي وفتور العلاقات بين الاقارب والاهل؟ البعض عزا المشكلة للتقدم التكنولجي وتوفر مواقع التواصل الاجتماعي التي كان لها آثارها السالبة والموجبة في ذات الوقت.. اسئلة كثيرة وحائرة نستدعيها للاجابة عن سبب القطيعة بين الاقارب ومن خلال ما نرصدة في التحقيق نتعرف الى بعض تلك الأسباب: مهاجر وابنته حرمتهم ظروف الدراسة والعمل عن التعرف الى أقاربهم وآخر يتعرف الى ابن عمه من خلال الجامعة «خ.س» في الاربعينيات من العمر درس كل مراحله الدراسية الاولى بالخرطوم ثم هاجر الى احدى الدول الاوروبية لتكملة تعليمه الجامعي وفي نيته ان يعمل بعد ان ينهي تعليمه هناك عندما خرج من البلاد كان عمره لايتجاوز العشرين من عمره ونسبة لسكنه في الخرطوم مع اسرته ووجود اقاربه واهله باحدى القرى لم يتسنَّ له التعرف الى الكثير منهم بمن فيهم اقاربه الاقربون من ابناء خيلان وعمومة وبعد اكماله لدراسته الجامعية عمل بذات البلد الاوروبي ومن ثم تزوج وانجب له بنتًا ولكن انفصل عن والدتها التي حصلت على حكم بتبنيها واحتضانها واصبح مجبرًا على العيش هناك لرعاية ابنته وان يكون بالقرب منها واصبحت الحسرة تملأ قلبه، وقال انا لم يتسنَّ لي التعرف الى بعض اقاربي واليوم ابنتي كذلك تعيش نفس السناريو بل اشد قسوة مما اعيشه وعشته انا في غربتي.. ايضًا محمود شاب لم يتعرف الى الكثير من اقاربه الموجودين في احدى الولايات البعيدة ويقول في تجربته عند دخولي الجامعة وفي اول عام وبدخولي في علاقات واسعة من ابناء الدفعة تعرفت الى شاب تطابقت كل اسماء اجدادنا وتحرك قلبي تجاهه وانا اعلم مسبقًا أن لدى اعمامًا بنفس اسم والد هذا الزميل وفي احد الأيام وبعد ان استفسرت من ابي عن كل اشقائه تيقنت ان هذا الزميل ابن عمي وفي الصباح وعند حضوره الى الكلية قلت له انا ابن عمك ونحن اهل وقدمته لوالدي وعرفته على كل الأهل وفي العطلة ذهبت معه وايضًا بدوري تعرفت الى بقية الاهل وكان السبب في هذا تنقل الوالد بين مدن السودان المختلفة بحكم عمله.. «أ. ت» تقول: للاسف انا قصتي تختلف عن الكثير من التي مرت عليكم فالمادة وتباعد الاهل هي سبب في عدم معرفتي ببعض اقاربي فلدي اقارب يعتبرون ان الوقت الذي يهدر في زيارة الاهل والاقارب احق به اعمالهم والمادة هي السبب الرئيسي في ذلك كما ان البعض الآخر موجودون في مناطق بعيدة فمشاغل الحياة والدراسة لا تترك لنا فرصة للتعرف بهم آمنة عثمان لها تجربة متفردة وجميلة في التواصل مع الأقارب حيث قالت اقوم بجمع ابناء عمومتي وخيلاني في اجتماع اسري وتواصل اجتماعي قوي ولا يمر اسبوع واحد دون ان نجتمع ونتحاور مع بعضنا البعض وهذا تعلمناه من والدنا رحمه الله حيث كان يوصينا دئمًا بالتواصل مع الاهل فيقول هم سندكم في المصائب والمحن فاذا فقدنا وقفة الاهل فمن اي انسان ننتظرها وانا لا أرى اي داعٍ او اي سبب يبرر ابتعاد الاقارب عن بعضهم او عدم التعرف اليهم. التواصل والتعارف بين الأهل مهم في تكوين الشخصية هذا كان رأي علم الاجتماع من الاستاذة حفصة الطاهر التي ابتدرت حديثها بان للتواصل الاجتماعي دورًا مهمًا في تكوين الشخصية ويؤثر فيها بشكل كبير وحينما يشعر الإنسان بالتماسك الأسري والألفة بين افراد عائلته يشعر بالانتماء والأمان والطمأنينة كما تكبر عنده معاني المحبة، وكما هو معلوم ان الانسان كائن اجتماعي بطبيعة حاله ومايميزه عن بقية المخلوقات انه يميل الى الالتقاء بالآخرين ولا يستطيع ان يعيش بمفرده إلى ذلك يجب تعويد الأبناء منذ الطفولة على التعرف بالاقارب والاهل وحتى الجيران نحن في السودان والحمد لله احسن حالاً من الكثير من المجتمعات التي اصبح التعارف بين الاهل لا قيمة له وتنحصر معرفتهم بمحيطهم الضيق الاب والام والاخوان ولكن لا ننكر ان هنالك فجوة ظهرت اخيرًا بسبب ضغوط الحياة ولكن يمكن للناس الاستفادة من الوقت المتاح ليتعرفوا هم وابناؤهم بالأقارب.