مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    إجتماع بسفارة السودان بالمغرب لدعم المنتخب الوطني في بطولة الأمم الإفريقية    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    بعثه الأهلي شندي تغادر إلى مدينة دنقلا    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرسول النور، الخبير بشؤون الجنوب ل: «الإنتباهة» (2 2)
نشر في الانتباهة يوم 19 - 01 - 2014

السيناريو الدامي بجنوب السودان الذي كتب فصوله بحروف من نار وبارود عرابو «الانفصال» وقادة الحرب الطويلة ضد شمال السودان.. فهل انقلب السحر على الساحر.. وهل أدمن الجنوبيون الحرب فأصبحوا يحاربون بني جلدتهم.. ولماذا طفت الحرب الأهلية الجنوبية على السطح بعد الانفصال.. وهل كان اتحادهم ضد الشماليين يغطى على عداواتهم الداخلية بمنطق «عدو عدوي صديقي»؟.. وهل ما يحدث الآن بالجنوب من صراعات تصفيات لحسابات قديمة كان وميضها تحت رماد «مطالب ومكاسب نيفاشا»؟ ولماذا ظهرت تحالفات جنوبية جديدة على سطح الأحداث الدامية؟ وكيف صارت «ربيكا قرنق» وابنها حليفين «لمشار» الذي كان بالأمس في السبعينيات منشقاً عن قرنق.. وكيف صار لام أكول الذي كان حليفاً لمشار بالأمس حليفا لسلفا؟ وفي ظل هذا التصاعد في الأحداث هل هناك ظل متسع لبحث قضية «أبيي» أم أنها ضاعت في الزحام؟ ولماذا تظل الحرب مشتعلة رغم بدء التفاوض؟ وهل هو صراع سلطوي سياسي أم إثني أم تحكمه أشياء اخرى.. وهل صحيح أن صورة مصغرة للمؤتمر الوطني الشمولي بالشمال قد نقلت الى الجنوب بجامع تمركز السلطة في يد حزب أو تنظيم واحد وإقصاء الآخرين؟ ولماذا الحرب الجنوبية الجنوبية أكثر ضراوة من الحرب الشمالية الجنوبية قبل الانفصال، وما هو المتوقع من المفاوضات الجارية باديس ابابا؟ كل ذلك وغيره في حوارنا مع الأستاذ عبد الرسول النور الخبير بشؤون الجنوب ورئيس قطاع الجنوب «السابق» بحزب الأمة.. فإلى حوارنا معه:
ما هي المفردة المناسبة للتعامل مع «المعارضة» للحكومة إذا لم تستجب لصوت العقل والصلح؟
تجربة العمل العنيف من قبل الحكومة في مقاومة المعارضين أثبتت فشلها في عهد الرئيس الأسبق جعفر نميري في السبعينيات من القرن الماضي، حيث قام الرئيس «نميري» بعزل ثلاثة من أعضاء مجلس الثورة في 19 يوليو 1971م بعد انقلاب عسكري ضده استمر ثلاثة أيام، وفور عودته إلى الحكم قام «النميري» بمحاكات عاجلة أعدم فيها الضباط الانقلابيين وأعدم من قيادات الحزب الشيوعي عبد الخالق محجوب والشفيع أحمد الشيخ السكرتير العام لعمال السودان، وبعد الانقسام والمفاصلة الشهيرة في الرابع من رمضان التي خرج على إثرها دكتور الترابي على المؤتمر الوطني مكوناً المؤتمر الشعبي، حاول هذا الأخير الانقلاب على المؤتمر الوطني بقيادة الحاج آدم يوسف وآخرين، ثم سمعنا عن محاولة انقلابية مزمعة بقيادة «قوش» و«ود إبراهيم» ولكنها أجهضت. خلاصة القول إن القضايا لا تُحل بالعنف بل بالحوار العقلاني بين الجميع.
معنى هذا أنك مع الحلول السلمية الشوروية ولا تشجع الحل العسكري ولو لزم الأمر؟
الحل الأمني والعسكري يولد مرارات والقهر يولد الانتقام ويجعل الظروف متاحة له، الآن السودانيون في دارفور ومواطني دولة الجنوب ومناطق كثيرة يعانون القهر وويلات الحرب دون ذنب جنوه، ولو لزم الأمر مؤكد الجهات المسؤولة ستحمي البلاد والعباد، ولكن بثمن غالٍ هو أرواح سودانيين أياً كان طرفهم.
لكن مسلحي دارفور وبعض مناطق النزاع يصرون على الحرب رغم محاولة الحكومة لإيجاد الحلول؟
الحل يكمن في عقد مؤتمر جامع لكل الجهات والمناطق وأولي الشأن السوداني العام، لا نريد أن نقول حسماً فورياً لكل القضايا، ولكنها خطوة في طريق الحل بوضع أيدينا على مناطق الوجع وبيت الداء وبحث الدواء الذي يشارك فيه جميع العقلاء بالبلاد «فالعاقل طبيب نفسه» ومنقذ لبلده.
ما هي المفردات التي يجب أن يستصحبها المختلفون في حوارهم من أجل التوافق؟
أصلاً الأطراف المختلفة إما أن تستجيب لصوت العقل فيكون بينها حوار بالرأي، أو تعرض عنه وتستجيب لصوت الشيطان فيكون بينها تناحر بالدم وتراشق بالبارود، وفي هذه الحالة يكون الدمار الشامل، دوماً هناك قاتل أو مقتول، والخاسر في النهاية الوطن أو المواطن، أنا أحزن كثيراً وينتابني شعور بالأسف والرثاء لحال الوطن والمواطن حيث أسمع التمرد أو الجيش السوداني يقول قتلنا كذا من الطرف الآخر، وكلهم في النهاية تمرداً أو جيشاً سودانيون، فالخاسر هو الوطن والمواطن، فيجب في المقام الأول إيقاف شلال الدم بين أبناء الوطن الواحد، وتوقفه وحده سيجعل طريق الحوار معبداً ونفوس المتناحرين أكثر تجاوباً وجدية لإيجاد حلول جذرية.
هل من مقارنة بين حرب دارفور وحرب جنوب السودان بجامع العنصر الإثني في كلٍ فما الذي كبح جماحه بالسودان فلم يصل إلى درك الجنوب السوداني؟
الحرب بدارفور حرب قبلية وبجنوب السودان حرب بين جيشين، وعندنا في السودان «لحسن الحظ» الجيش مؤسسة قومية وهو متماسك وموحد وقوي ويمكنه مواجهة المتمردين وصدهم، وما دام الجيش سليماً وقومياً فلا خوف على السودان، ونسأل الله ألا يحدث خلل بالجيش.
وما هو بنظرك الإجراء الوقائي الذي يصون البلاد والعباد ويحفظ الجيش وطنياً خالصاً؟
نحن لا بد أن نحافظ على قومية السودان ولا نكرس للقبلية، وإن كانت القبيلة مهمة للحفاظ على الهوية والتراث الخاص بكلٍ، فيجب ألا نغلو في قبليتنا إلى حد التمييز العنصري، ونظل متماسكين موحدين، بعض القبائل بدارفور أصبحت تتحارب كثيراً فيما بينها مثل «الرزيقات والمعاليا ، والمسيرية والسلامات» وهذه ظاهرة غير حميدة، فالناس يعيشون سوياً على أرض ومنطقة واحدة، بل وبينهم أرحام وأنساب وروابط اجتماعية.
لكن الأخطر من ذلك أن الحروب القبلية أصبحت لها أبعاد أخرى قد تفضي إلى مشكلات حدودية مع دول الجوار؟
ما يحدث الآن يضعف الدولة والمواطن والوطن، فبدلاً من أن يكون الولاء واحداً فقط للوطن يكون مشتتاً بين القبيلة والوطن، وهذه المسألة عواقبها وخيمة، وقد تؤدي إلى حرب أو فوضى على حدود السودان مع دول الجوار للتداخل القبلي هنا وهناك، فمثلاً هناك قبائل لها امتدادات داخل دولة تشاد، فإذا قامت حرب بين قبيلتين بدارفور قد تستنفر إحداها أقاربها بتشاد للتدخل ونصرتها على القبيلة الأخرى، وفي هذه الحالة يكون السودان أمام خيارين «أحلاهما مُر»، فإما يغض الطرف فتحدث فوضى حدودية وإما أن يتدخل الجيش لصد القبيلة الوافدة فتحدث أزمة دبلوماسية حدودية ومشاحنات بين السودان دول الجوار المتاخمة لمناطق الصراع القبلي.
وما الحل المثالي بنظرك الذي يخرجنا من عنق زجاجة «المولوتوف» هذه حتى لا تشتعل وتحرقنا؟
الحل كما ذكرت يكمن في مؤتمر جامع لكل الأطراف، حرب دارفور الآن استمرت أكثر من عشر أعوام، إذا وجهنا سؤال للمسلحين ماذا حققوا خلال ذلك وكذلك نفس السؤال يوجه إلى الدولة ماذا حققت؟ المسلحون أجروا مفاوضات في أبوجا والدوحة وغيرهما مع الحزب الحاكم أين الآخرون ولماذا يتم تغييبهم ويكون التفاوض ثنائياً فقط بين الحركات المسلحة والحكومة؟
وما الضير في أن يكون الاتفاق ثنائياً وهؤلاء يزعمون أنهم يمثلون الكل والمصلحة العامة؟
كل الاتفاقيات التي عقدها النظام الحاكم كلها ذات طابع ثنائي إن لم نقل آحادي لكل من الطرفين حسب مآربه ونظرته الذاتية للأمر فهي عبارة عن أجندة خدمية ثنائية لمبرمجيها ولا تتعداهما إلى غيرهما.
إذن فحسب رأيك أنها لا تختلف كثيراً عن اتفاقية «نيفاشا» في 2005م مع الاختلاف بين الجنوب السوداني ودارفور؟
هذه الاتفاقيات التي أبرمت بشأن دارفور وغيرها من مناطق التماس والنزاع عبارة عن نسخة ثانية من اتفاقية «نيفاشا»، فهذه كلها «نيفاشا» و«كلهم نفشو ريشهم علينا»، ففي كل يوم تولد «نيفاشا» جديدة وما من جديد على أرض الواقع القبلي الإثني النزاعي.
إذا كانت لديك تحفظات حول اتفاقية «نيفاشا» ومآخذ.. أذكرها بوضوح؟
هناك مآخذ كثيرة على «نيفاشا» أبرزها أنها كانت محصورة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وتم تجاهل الآخر، فكان يجب أن يكون هناك وفد قومي لإبرامها، وما يحدث الآن من مشكلات هو إفرازات سالبة لذلك، فقد جرى استفتاء تقرير المصير دون اتفاق حول الحدود الشمالية لدولة الجنوب، فكان يتحتم على حكومة السودان أن تصر على ضرورة ترسيم الحدود على الأرض أولاً، فلو تم هذا لحسمت كثيراً من المشكلات الآن والمسائل العالقة وعلى رأسها مشكلة «أبيي» وقضايا المواطنة والسلاح والديون والبترول وأشياء كثيرة عالقة.
زيارة الرئيس عمر البشير إلى دولة جنوب السودان إلى أي مدى تسهم في وضع الحلول للأزمة الراهنة؟
أعتقد أن زيارة الرئيس البشير إلى الجنوب كانت خطوة صحيحة على طريق حل مشكلة الجنوب، وقد تقود إلى توطيد علاقات البلدين وهذا مؤشر إيجابي، والسودان مؤهل أكثر من غيره لقيادة المبادرة والوساطة بالجنوب لأنه الدولة الأم، فكل الدول التي انشقت وانفصلت عندما تكون وليدة تكون دولتها الأم على رأس قائمة إصلاح شأنها الداخلي إذا حدثت لها مشكلات مثل روسيا التي تتصدى دوماً لمشكلات الدول التي كانت جزءاً منها تحت مظلة الاتحاد السوڤيتي مثل «أوكرانيا» و«روسيا البيضاء» و«أوزبكستان» وغيرها من دول الاتحاد السوڤيتي قبل تفككه، وكذلك تفعل «سوريا» نفس الشيء مع «لبنان» وكذلك «تشيكيا» مع «سلوفاكيا»، وكانت كذلك علاقة مصر بالسودان بعد استقلاله.
يرى كثيرون أن تتبنى حكومة الخرطوم مبادرة منفصلة للوساطة بين الخصوم وجنوب السودان، فما رأيك أنت؟
وساطة السودان يجب أن تكون منفصلة عن «الإيقاد» وتكون وحدها لأنه يعرف الجنوب جيداً وله حدود طويلة معه، كما أن «الإيقاد» تحوطها الشكوك لاتهام «رياك» يوغندا بالوقوف مع «سلفا» ضده، والسودان معروف تاريخياً أنه دولة مبادرة في الوساطات في الدول الإفريقية وناجحة، ومثال ذلك نجاحها عام 1960م في إخماد حرب «الكنغو».
إذن فأنت تؤيد مبادرة السودان بالوساطة بين الفرقاء.. فهل لديك مبررات كافية غير حياده وتاريخه الإصلاحي الإفريقي؟
طالبنا أن يتبنى السودان دعوة «الفرقاء» بالخرطوم لحل المشكلة فهو مؤهل أكثر من يوغندا والإيقاد وتربطه صلة القربى والتاريخ المشترك مع الجنوب ووساطته ستكون محايداً، ولأن السودان يعرف ما لا يعرفه الآخرون عن تفاصيل العلاقات بين «الفرقاء» وزيارة الرئيس البشير ووزير خارجية الجنوب كلها تصب في قالب حل المشكلة عن طريق الوساطة الجادة المحايدة.
لكن هناك مبادرات وساطة سودانية متناثرة ومشتتة بين الحكومة والمعارضة، فهل تجدي فتيلاً وتجمع الفرقاء وتكون مقنعة وهي تفتقر للوحدة نفسها؟
نرى ضرورة توحد مبادرة الحكومة والمعارضة السودانية للوساطة بإرسال وفد مشترك من الحكومة والقوى السياسية السودانية على اختلافها، على أن تقودها رسمياً الحكومة السودانية بعد الاتفاق والتشاور مع قوى المعارضة السودانية حول صيغة وكيفية الوساطة، فالهدف واحد للطرفين وهو إصلاح ذات البين في دولة جارة وشقيقة، وعلى الأقل ستكون هذه تجربة جديدة وإيجابية توضح كيف يتعامل السودانيون قومياً تجاه قضية واحدة مع اختلافهم سياسياً.
مجموعة «مشار» لديها ظلال من الشكوك حول مبادرة السودان بالوساطة للعلاقات الثنائية أخيراً بينه وحكومة الجنوب «سلفا»؟
الشك والريبة موجودان وعلى أصحاب المبادرة أن يبددوها بإثبات حسن النوايا والحياد التام، وتكوين وفد قومي من أطراف النزاع والأطراف السياسية والقومية الجنوبية خارج النزاع، فالأحزاب الجنوبية الأخرى والشخصيات القومية الجنوبية يمكن أن تكون وسيطاً جيداً، لأن الحرب الآن داخل بيت الحركة الشعبية، وعلى الوساطة أن تبدد الشك بحسبان أن طرفي النزاع متساويان وفي مركب واحد وكما يقول المثل: «عينان برأس».
بعض كتائب قبيلة «النوير» التابعة لقوات «مشار» دخلت الحدود السودانية بسلاحها وطلبت اللجوء.. كيف يستقيم الأمر قانونياً وأمنياً وهم يطلبون اللجوء؟
القوات المتمردة على دولة مجاورة حسب العرف والقانون إذا دخلت أية دولة أخرى بسلاحها لا تقبل أية دولة أن يدخلوا أراضيها بالسلاح إلا إذا كانت تأوي معارضة مسلحة، وإذا كانت الدولة محايدة كالسودان يكون هؤلاء «النوير» أمام خيارين أولهما أن يضعوا السلاح ويسلموه لحكومة السودان. وفي هذه الحالة يعاملون كلاجئين، والخيار الثاني أن يعودوا من حيث أتوا ويقاتلون داخل أراضيهم، والسودان وقف ذلك الموقف ليس خوف اللوم فقط والعرف والقانون الدولي، وإنما أيضاً خوفاً على أمنه وحماية أراضيه.
وهل هذه المخاوف الأمنية لها خلفية سابقة؟
قوات الجيش الشعبي قبل ذلك لها دعاوى ومزاعم أن هجليج تابعة لها، فكيف يؤتمن هؤلاء على المنطقة التي يدعون أنها كانت لهم، فالسودان بموقفه هذا وضع في حسبانه القانون الدولي والأمن الداخلي له.
التدخل اليوغندي بدولة جنوب السودان ما رأيك فيه؟
يوغندا تربطها علاقة وطيدة بالحركة الشعبية وكانت تأوي قبلاً قيادات الحركة الشعبية بمن فيهم «قرنق» داخل أراضيها، فهي حليف إستراتيجي قديم للحركة الشعبية بالسودان وحليفة للحركة الشعبية ضد جيش «الرب» اليوغندي، بقيادة «جوزيف كوني»، وكان سابقاً بين الحركة الشعبية من جانب ويوغندا المحاربة للمتمردين في شمال يوغندا بقيادة جيش «الرب» والحلفاء للحكومة السودانية، وبالتالي فالحلف بين يوغندا والحركة الشعبية حلف قديم وعريق يهدف إلى تمكين يوغندا لدولة الجنوب.
لكن يبدو أن الصراع بين «سلفا» و«مشار» امتد خارجاً إلى بعض دول الجوار «يوغندا وإثيوبيا»؟
مجموعة «مشار» لهم أيضاً علاقات مع «إثيوبيا»، وهناك صراع خفي بين يوغندا وإثيوبيا حول أولوية العلاقة مع الجنوب، لهذا تستميت يوغندا في الدفاع عن الحركة الشعبية جناح الرئيس «سلفا» بحجة حماية الشرعية المنتخبة، ولكن السبب الحقيقي هو السبب الاقتصادي حيث تعتمد دولة الجنوب على يوغندا في معظم وارداتها، فإذا سقطت حكومة «سلفا» ستفقد يوغندا مصالحها الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية في دولة الجنوب، فهو حلف إستراتيجي له أهداف ومصالح.
قطاع الشمال أو قل الجبهة الثورية أو أياً من مسمياتها لها أدوار مقدرة داخل المسرح الجنوبي المشتعل.. ما قولك؟
قطاع الشمال برئاسة الفريق مالك عقار والجبهة الثورية أيضاً برئاسته، والقائد العام لقوات الجبهة الثورية هو الفريق عبد العزيز الحلو وهما حليفان لأولاد «قرنق» برئاسة الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم وياسر عرمان، فهؤلاء الآن حلفاء «لمشار» وبالتالي خصوم ليوغندا والسودان، فأصبح من مصلحة السودان ويوغندا استقرار الأوضاع بجوبا تحت شعار «دعم الشرعية المنتخبة» ومحاربة الخارجين عليها بالسلاح.
تدفق عدد كبير من اللاجئين الجنوبيين أخيراً للسودان.. ما آثار ذلك بنظرك؟
هم ليسوا كلهم لاجئون بل معهم نازحون من مناطق التمازج الحدودية، والرئيس البشير وجه بمعاملة اللاجئين الجنوبيين معاملة السودانيين، ولكن تظل هناك مهددات أمنية ومحاذير تحوط دخولهم للبلاد، فربما دخلوا ببعض الأسلحة التي قد لا ترصدها عين الرقيب الحكومي حيث يمكن إخفاؤها بمهارة، وربما قادت لمعارك بين الجيش الشعبي وبعض مسلحي مجموعة «مشار» فتدور معارك بأرض السودان قسراً، كما أن هناك مزيداً من الأعباء الاقتصادية على حكومة السودان والأعباء المعيشية والإيوائية الضخمة، الباهظة التكاليف، كما يمكن نقل أمراض جسدية واجتماعية سببها الفقر والاحتياج مثل السرقة والنهب وسوء السلوك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.