فى اطار تصحيح المسار ومعالجة الاخطاء التى حدثت في الفترة الماضية بين مكونات المجتمع الدارفورى حول الاتهامات التي وجهها البعض ضد السلطة الاقليمية بأنها اصبحت لا تهتم بإنسان دارفور الذى جاءت السلطة من اجله عبر اتفاقية الدوحة لسلام دارفور، فإن بعض المتابعين للمشهد في دارفور فى الفترة الماضية يلحظون غياب دور ومهام السلطة الاقليمية فى تنفيذ مشروعات السلطة على ارض الواقع، بل هناك اتهام من قبل مواطن دارفور بأن السلطة باتت تمارس سياسة ضرب الوعود دون اي عمل او تنفيذ لمشروعات تخدم مواطن دارفور خاصة النازحين منهم. وكان الدكتور التيجاني السيسي رئيس السلطة الاقليمية لسلام دارفور قد اكد في الايام الفائتة بحاضرة ولاية وسط دافور زالنجى أن السلام الاجتماعى يحتاج إلى تكاتف الجهود الرسمية والشعبية من أجل بناء النسيج الاجتماعى الذى تمزق بفعل الحرب ويحتاج الآن إلى معالجات فى الاقتصاد والاجتماع والسياسة وإعلاء قيمة المشاركة الجماعية التي تعتبر من أهم عناصر الاستقرار الاجتماعى والسياسى بدارفور، وأضاف أن هذه الولاية كانت فى السابق أنموذجاً للسلم الاجتماعى بين مكوناتها، وكانت أيضاً زاخرة بالخلاوى والعادات الاجتماعية السمحة، ولكن الحرب والتناحر والنزاعات والخلافات السياسية أدت إلى فتك هذا النسيج وهروب سكان القرى، وأصبحوا كالأسرى في معسكرات النزوح بأطراف المدن رغم انعقاد العديد من المؤتمرات والورش لوضع الحلول لهذه الأزمات. وقال السيسي: إننا بوصفنا مجتمع دارفور شاركنا بفاعلية فى تمزيق النسيج بيننا، وأسسنا للقبلية والعنصرية والجهوية سلباً فى مناحى الحياة المختلفة، وإن الحرب لا تورث إلا الدمار وترسيخ الكراهية لأجيال دارفور القادمة. وأكد سيسى أن السلطة الإقليمية لدارفور بدأت بإعداد أكثر من «1000» مشروع تنموى فى دارفور، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالسلم الاجتماعى لأن هنالك جهات تعتدى على مشروعات التنمية، وكشف أن بدارفور أمراء للحرب يعلمون لتحقيق منافعهم. وأشار إلى ان دارفور غنية بمواردها الذاتية ولكنها تحتاج لتأسيس سلام مستدام، وأن هنالك آليات لتنفيذ التوصيات لهذه الورش والمؤتمرات، وأضاف قائلاً: لا نريد «الطبطبة» فى القضايا إذا أردنا أن نعيش فى وئام وسلام، ولن تستمر التنمية فى دارفور نتيجة لخلافاتنا الاجتماعية والسياسية، ودعا المؤتمرين إلى وقف العبث لأن كل الخدمات تأثرت بفعل الحرب. وفى ذات الاتجاه كشف والى ولاية وسط دارفور يوسف تبن موسى، أن رئيس الجمهورية طرح مبادرته الأخيرة للحوار القومى ليكون هذا العام عاما للسلام، وان السبيل الوحيد لتحقيق السلام هو الحوار، داعياً المؤتمرين إلى تأسيس حوار شفاف ومسؤول وبيّنة صادقة، وهذا يحتاج إلى الشجاعة لمواجهة وقائع الماضى، وقال: ما لم نعترف أننا أخطأنا وساهمنا فى الإشكالات، وان لا سبيل إلا الحوار لن نصل إلى الحلول، وستظل المعاناة كما هى، ولا بد أن تخرج الورشة بتوصيات قوية تكون نبراساً وطريقاً للسلطة وللمركز لوضع الحلول والمعالجات الجذرية لتحقيق السلم الاجتماعى بدارفور. اما رئيس البعثة المشتركة لليوناميد محمد بن شمباز فقد اشار الى أن السلام والاستقرار لا يمكن تحقيقه الا عبر التنمية والأمن والسلام، وذلك بتوفير الدعم الحقيقى للمؤسسات وتحقيق الأمن الغذائى وتوفير سبل كسب العيش والخدمات الصحية والتعليمية، وقال إن هذا المؤتمر يأتى بعد تطورات مهمة فى السودان، وتستوعب كذلك مبادرة رئيس الجمهورية للحوار القومى الذى ركّز على الأمن والسلام الاجتماعى والإصلاح السياسى والهوية، وأن من المهم ضرورة المشاركة فى هذا الحوار. وأكد شمباز أنه التقى بقادة الحركات المسلحة بكمبالا فى الايام الماضية، ووصلت رسالة للحوار الذى طرحه رئيس الجمهوية ورحبوا بالحوار كبداية جيّدة فى الاتجاه الصحيح، وقالوا انه لا سبيل إلا الحوار لأنه الخيار الأمثل، ودعا المؤتمرين إلى المشاركة بتحديد دورهم بالخروج بتوصيات عملية تسهم فى بناء السلام، كما دعا إلى ضرورة مناقشة خرق الاتفاقيات السابقة بين القبائل ووضع الحلول لها.