كل عام لا يتأخر فبراير من ميعاده ولا يتأخر عيد الحب أو فالانتاين عن فبراير، وبالطبع لا يتأخر الشبان والشابات عن انتهاز هذه الفرصة فيحملون القلوب الصناعية والورود الحمراء، وكذلك لا يتأخر دعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيشغلون هذا الشهر بالوعظ والوعيد. ولكن ما هي قصة عيد الحب والفلانتاين وما أدراك ما الفلانتاين؟ الرواية تقول إن الأمبراطور الروماني كلاديوس لاحظ عزوف الشباب المتزوجين عن الانخراط في جيشه الذي يحارب به الأمم. فحرم الزواج وأصدر أمراً لجميع القساوسة ألا يزوجوا أي شاب وشابة. وكان هناك قس يدعى فالنتاين ظل يتحدى أوامر القيصر وظل يعقد الزيجات في الخفاء حتى كشف أمره. فأمر القيصر بحبسه وحكم عليه بالإعدام. وفي سجنه استطاع القس أن يعالج ابنة حارس السجن وكانت عمياء ففتحت. وفي الليلة قبل الأخيرة كتب القس فالنتاين خطاباً لمريضته وذيله بحبيبك فالنتاين. وفي صباح الرابع عشر من فبراير تم إعدام القس فالنتاين. وأول ذكرى للفالنتاين يرجع عهدها لتشارلس دوق أورلينز الذي كان محبوساً في سجن في برج لندن عام 1400 م، فقد كان يكتب أشعاراً رومانسية يبث فيها أشواقه وحبه لزوجته. وبالطبع فقد وفدت علينا هذه العادة قريباً، فالسودانيون لم يكونوا يعرفون هذه الأشياء. وكانت تسود حركة الولف كتال، وكان أقصى ما يمكن أن يعبر عنه من تأوهات أغنية على شاكلة: ما خلاص يا حوا إنكوينا من جوه زي البيض على الطوة أو كما جاء في كتاب «جراحات الحبان في شوارع أم درمان» أو كتاب «ظلم الأحبة في شارع المحبة» وكتاب «هاجرني هجرك صعب يا حمادة إيه السبب» وهذا من الكتب الحديثة نسبياً. ولكن الواقع يقول إن حركة الولف كتال تطورت الى حركة أكثر حداثة هي حركة «الريدة» التي رفع لواءها المريود أبو شختة، وكان من فرط ريدته كن يقضي الليالي ساهراً ينظم القصائد، ومن تدفق دموعه المنهمرة أصيب بفقدان سوائل، مما جعل أصحابه ينقلون له دموع الحبان بالدِرِب حتى لا يموت من الجفاف. ولكن حركة الريدة من ريدة الحمامة لوليدا إلى الريدة الريدة يا حبيب قلبي لم تحقق الانتشار المرجو منها. فقد دخل السودان عصر الأفلام المصرية فجاءت حركة «الحب» وحلت محل الريدة. وحتى جهود فنانين أمثال الأستاذ عبد العزيز المبارك بأغنيته الراقصة «زول علمنا الريدة» لم تسعف حركة الريدة بشيء لأن الوزارة رفضت توثيق شهادات الريدة وأصرت على أن تجسر إلى حركة «الحب» حتى يتم اعتمادها من الوزارة ومن الخارجية.. المهم في الموضوع أننا استطعنا أن نعتمد حركة «الحبوكانا» كحركة بديلة منافسة لحركة الحب خاصة بعد التطور المذهل في الاتصالات. والإنسان بالطبع حيوان ناطق بالموبايل. وقد جاءتنا القصيدة التالية من شاعر «شقيش» الذي لا يشق له غبار الأستاذ شمس الدين حسن الخليفة الذي سكب في حركة الحب المحلي شوية أخلاق وشيئاً من التقوى: الحب ريحان الحياة وزهرها المتبسم الحب نور في قلوب العاشقين وبلسم الحب مفتاح السلام به نسر ونسلم ٭٭٭ حب الإله به لأسباب السعادة سلم والفوز في حب الرسول به نعز ونكرم يعطيك حب الوالدين رضا الإله فتغنم والحب للوطن العزيز عليه يجزى المنعم للزوج حب والبنين به حياتك تنعم من كان حب الناس مبدأه إذاً لا يندم فاحفظ لجارك والصحاب مودة ترضيهمو لا يعرف الحب الفوارق .. فهي لا تتحكم والحب يبقى في دمانا لو نشيب ونهرم قلب بغير محبة قصر كئيب مظلم إن العداوة نقمة من شرها لا نسلم فاصفح وجامل ولتكن ممن يعين ويرحم فلربما استحيى المسيء وأنت لا تتبرم إن الحياة إذا ابتسمت لها تهش وتبسم لا تعبس الأيام إلا للذي يتجهم سالم وعش فالقلب بالحب المعافى مفعم تلقى السعادة لا ترى هماً ولا تتألم واهتف لداعي الحب يسمعك المحب المغرم