- حقق الإسلاميون في تونس وبقيادة راشدة من راشد الغنوشي فوزاً كاسحاً على كل القوى البارزة في الساحة رغم ما لحق بهم من ضر وأذى وتغييب، وحضور هذه القوى المندحرة في الساحة طوال سنوات التيه والشرود. - فوز مبين وفتح عظيم وفضل من الله كبير، فالفوز في التنافس السلمي لا يقل شأناً من النصر في معارك الحرب وإن كان الإسلاميون لا يبطرهم النصر عندما ينتصرون ولا يغشاهم اليأس عندما يبتلون بشتى الابتلاءات، فثقتهم بربهم وبما عندهم من مناهج وقيم كبيرة. - تونس هي إحدى دول المغرب العربي التي ابتليت بالاستعمار الفرنسي، وتعرضت للاستغراب، فقد بذلت هذه الإدارة المجرمة الحاقدة وفي ظل الحراب، فأوسعتها من سياسة الترغيب والترهيب لمحو الثقافة الإسلامية وطمس الهوية العربية الإسلامية كما كان الشأن في عموم المغرب العربي. ففرضت فرنسا النموذج الغربي الكفري الشركي على الشعب المسلم، وأبدلتهم بقيمهم قيم الغرب الفاسدة وبلغتهم لغة الفرنسيين وبشريعتهم الإسلامية شريعة الغاب التي أساسها «البقاء للأقوى» «ومن غلب سلب». وهكذا تم إبعاد الدين القيم عن المجتمع والدولة والحياة. - قامت قيامة العلمانيين اللادينيين في أرجاء الوطن العربي الذين أذهلتهم النتيجة المذهلة، فلطموا الخدود وشقوا الجيوب ودعوا بدعوى الجاهلية، فهم اليوم في عزة وشقاق وعجبوا أن جاءتهم النهضة لتنهض وتنقذ البلاد بالإسلام، قالوا مثل ما قال الأولون: إن هؤلاء النهضويين جعلوا الآلهة إلها واحداً إن هذا لشيء عجاب» وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يُراد. - أصيبت القوى اللادينية بالخيبة وصارت كل فئة تهذي وتنعق بما لا يسمع ولا يعقل، إذ قال أمثلهم طريقة: إن فوز النهضة جاء نتيجة التفوق في التنظيم، فهم قد صلوا الفجر في المساجد وتوجهوا تواً إلى مراكز الاقتراع يدلون بأصواتهم بنظام وانضباط. بربكم هذا مدح أم ذم؟! هل الانتخابات كما الامتحانات، لا تجرى إلا لفرز المؤهلين المنظمين لحكم البلاد، فكيف يتقدم لهذه المهمة الجليلة من ليس منظماً في نفسه ومرتباً في فكره؟ - إن فوز الجماعات المسلمة في كل قطر من أقطار المسلمين وفي كل مصر من أمصارهم شيء بدهي وفطري، فالجماعة المسلمة بقيادة الرسول القائد الرائد محمد صلى الله عليه وسلم هي التي نهضت بمنهجها الرباني وبخصائصها وملامحها بالعرب والعجم وأنقذتهم من الجاهلية الأولى وجعلت لهم وجودا وذكرا وتاريخا وحضارة وسادة ورواداً بعد أن كانوا خدما للإمبراطوريات السائدة آنذاك إمبراطورية الفرس والروم. - اليوم هذه الجماعات السائرة على خطى السابقين الأولين هي المؤهلة بنفس المنهج وبذات الخصائص والملامح وهي خصائص وملامح الوسطية والاعتدال لإنقاذ الأمة من الجاهلية الحاضرة التي أشقت البشرية لأنها أشد وأنكى من الجاهلية الأولى.. إنها الجماعة المؤهلة للإحياء وإعادة البناء والجديرة بالقيادة والسيادة والريادة لا لتفوقها التنظيمي فحسب ولكن لتفوقها التربوي والمنهجي والفكري. - في عالمنا العربي والإسلامي هناك بشريات وإرهاصات نصر وفتح قريب، وبدأت ملامح الجاهلية في المجتمعات الإسلامية تزول رويداً رويداً، وبدأت الأمة المسلمة رحلة التميز بالعقيدة والالتفاف حول قبلتها الفكرية مودعة سنوات التية والضلال والشرود . بدأت ترتوي من النبع الصافي السائغ شرابه بعد أن ازدادت عطشاً بما شربت من البحار الآسنة والملح الأجاج من غير ري ولا ارتواء. - كان لا بد لليل أن ينجلي وللقيد أن ينكسر ويتقدم حزب الإخوة في الله ليقود الأمة الى طريق البعث والأحياء وإعادة البناء على أساس المنهج الرباني القويم الفريد العجيب لإقامة الدولة وتنظيم المجتمع وتربية العقول والضمائر والأخلاق. - حزب الإخوة في الله له صفات وخصائص مميزة تفرقه وتميزه عمن حوله من الأحزاب والفرق والجماعات، واعضاؤه متميزون متفوقون في منهجهم وسلوكهم وواقعهم.. إنهم ليسوا دراويش بالليل رهباناً.. وبالنهار فرساناً.. وليسوا إرهابيين.. يقلون عند الطمع ويكثرون عند الفزع. - نحن على ثقة أن العاقبة للمتقين، وغلبة أحزاب الإخوة في الله على أحزاب الجاهلية «ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون».