بدأ نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن زيارة مهمة لولاية غرب كردفان صباح أمس الإثنين، وللمرة الثانية يزور حسبو الولاية منذ توليه منصب نائب الرئيس، وخلال الستة شهور الأخيرة، وهو الآن يزورها على رأس وفد مركزي رفيع يضم نائب رئيس البرلمان دكتور عيسى بشرى، ووزير النفط مكاوي محمد عوض، ومعتز موسى وزير الكهرباء، ووزير الدولة بالرعاية والضمان الاجتماعي كمال حسن علي، وعلي مجوك وزير الدولة بالحكم اللامركزي والرعاية، وسالم الصافي رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني وآخرين .. النائب مهموم بتنمية الولاية، إذ أنه يشغل رئاسة اللجنة العليا التي كونها رئيس الجمهورية لنهضة الولاية التي لم تعقد اجتماعها بعد، ولكنها عقدت اجتماعاً تحضيرياً. بدأ برنامج الزيارة بمدينة النهود العاصمة السياسية للولاية، والتي تقف عند الجدار الفاصل بين المدينة والريف وتعيش أحلاماً متبخرة وطموحات عالية، أقلها أن يتم الوفاء لها بمستحقات زيارات المسؤولين السابقة، فلديها أكثر من تصديق سيادي بطرق داخلية ومستشفى مرجعي شيدته هيئة غرب كردفان ولم يكتمل فهو يقف اليوم مستشفى مشبوحاً وشبكة مياه المدينة تعاني قطوعات مستمرة وكهرباء المدينة وربطها بأبو زبد، إلى جانب حقوق أخرى في التنمية العامة جعلتها في الماضي تطالب بولاية منفصلة، وهو مشروع لا يزال مرفوعاً، وإن تعايش أهل النهود مع خيار عودة الولاية إلا أن الصوت مرفوع بولاية رابعة في كردفان. نائب الرئيس يزور ولاية اقتصادية من الطراز الأول ولم تكن مثل بعض الولايات ذات الاقتصاديات الضعيفة والهشة، ولكن تلك الولايات لم تكن يوماً خائفةً أو مذعورةً من ضعف التنمية أو انتقاصها، فهي تعيش في بحبوحة، بينما غرب كردفان التي ترقد على ستة حقول نفطية منتجة وهي: «بليلة، وهجليج، والبرصايا، ونيم، والزرقة، أم حديدة، ودفرة»، ومطار بليلة الدولي الذي استقبلنا ببشر غير أن المؤسف حقاً لا تستغله إلاّ شركات البترول. هذه الولاية بالرغم من كبرها وأهميتها ظلت تلهث وراء التنمية، غرب كردفان سيدي النائب بها اثنان وعشرون مليون وخمسائة ألف رأسٍ من الماشية حسب إحصائيات «0102م» موزعة الضأن الحمري في شمال الولاية، والأبقار في جنوبها، ومع ذلك لا تذكر الولاية إلاّ وهي مقرونة بمتوالية مؤتمرات الصلح القبلي «المسيرية والرزيقات، والمسيرية فيما بينهم، والحمر والمعاليا، والمعاليا والرزيقات»، وكأنها حكم عليها أن تكون مسرحاً للاقتتال والخلافات وأنهار الدماء، هذه وصمة عار على جبين أهل الولاية ونخبها في أن تكون المشكلات والأزمات أوسع صيتاً من التنمية والاقتصاد والأهمية الحيوية للولاية. أرجو أن يفكر الجميع في إيجاد مخرج للولاية وإصلاح هذه الصورة الشائهة وانتشال الولاية من أزماتها حتى يتحول الحديث عن تأهيل المحجرين البيطريين الوحيدين في مدينتي الخوي والسنوط، ويضاف إليهما المحجر الثالث المقترح في أبو زبد. أيها السادة دعونا نتحدث عن أهمية إعادة تشغيل المصانع التي توقفت وتضم مصنع الألبان في بابنوسة، ومحلج القطن في لقاوة، ولقاوة لا تزال تحتفظ بأرض خصبة وبكر صالحة لإنتاج القطن، ويجب أن تتضافر الجهود لدعم رؤية الولاية في مشروع تحسين نسل الماشية وهو مشروع بدأ لكنه بحاجة إلى دعم مركزي حتى تفي الولاية بطلبات دول الخليج، بمدها من صادرات الماعز بمعدل مليون رأس سنوياً فهذا مشروع اقتصادي جيد. سعادة نائب الرئيس هناك قضايا ملحة تنتظر زيارتك الميمونة أن تبت فيها، متمثلة في الطرق الرابطة بين مناطق الإنتاج بالولاية، على رأسها الطرق الآتية: «الفولة النهود، والفولة لقاوة، والفولة المجلد»، وكذلك طريق آخر من الأهمية بمكان وهو مضمن في الميزانية العامة وبحاجة إلى تمويل وهو طريق «غبيش النهود» المتفرع من طريق «الضعين النهود» وهو طريق حيوي للأمن والاقتصاد والنهضة الشاملة. سعادتك، هذه وغيرها تمثل مشروعات منتخبة للنهضة التي تنشدونها وتسهرون الليالي لإقرارها. أما المصالحات القبلية لا أقول تجاهلوها ومن يقول ذلك إنه لا يدرك حقائق الواقع، وإنما أدعو إلى ترتيب محكم مع رموز ورجالات النظام الأهلي وسلطة القانون وأعين العدالة في المركز والولاية لردع المتفلتين والمتسببين في المشكلات حتى لا تصبح الأزمات والصراعات القبلية ظاهرة تعرقل مسيرة الولاية في التنمية وتصرف الأنظار إلى ما هو أدنى، بدلاً عن النظر إلى الإيجابيات الكبيرة التي تشكل جغرافية الولاية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وما ذكرت ذلك إلاّ لأنني شعرت أن عملية المصالحات أخذت جل الاهتمام المركزي والولائي وانتقصت من أهمية وقدر الولاية وإنسانها، نأمل أن تتبدل الصورة وتتكاثف المبادرات للنهضة والاستقرار بولاية يُعوِّل عليها أهل السودان كثيراً. شكرًا للاتحاد العام للطلاب السودانيين على اللفتة البارعة بأن خصصوا انطلاقة مناشط وبرامج العمل الصيفي لطلاب السودان من غرب كردفان، وفي سياقه نقلوا لنا وزراء المركز بقيادة نائب الرئيس إلى هناك حتى يتعرفوا على كنز من كنوز الدنيا.. زيارة نائب الرئيس لفتة بارعة تشعر المواطن بإحساس المسؤولين بقضاياه التنموية الملحة، والسيد النائب ليس غريباً على مجتمع غرب كردفان فهو ينتمي لمجتمع يحمل ذات الملامح والهموم والثقافة.. وفي الأيام المقبلة إن شاء الله رصد كامل لزيارة نائب الرئيس إلى ولاية غرب كردفان.