مع اقتراب وضع دستور جديد عقب الانتهاء من عملية الاستفتاء الذي مثل آخر بنود اتفاقية السلام الشامل بين الحكومة والحركة الشعبية، وقرب انتهاء سريان الدستور الانتقالي الذي وضع عام 2005م، برزت الى السطح الكثير من الآراء والمقترحات حول الدستور القادم، وكان هنالك الكثير من المقترحات التي تنادي بوضع دستور يراعي جميع الحقوق، وأن تشارك في وضعه جميع المؤسسات وأهل القانون وحتى المواطن العادي الذي يعتبر المعني الاساسي بهذا الدستور. وبما أن المرأة تمثل جزئية مهمة من قطاعات المجتمع، فقد دارت الكثير من التساؤلات عن وضعية المرأة في الدستور المقبل، وكان هذا الموضوع أكثر ما ناقشته معاهد البحوث والدراسات ومنظمات المجتمع المدني، وقد نظمت جامعة الخرطوم ومعهد الدراسات والبحوث الإنمائية بالتعاون مع هيئة الأممالمتحدة للمرأة أخيراً ورشة عمل حول ذلك، حيث اتفقت كل الأوراق التي قدمت عن وضعية المرأة في الدستور الحالي والقادم وخلصت إلى أن المرأة لا تجد مكانتها الحقيقية في تنفيذ مواد الدستور، وأوصت بعض الأوراق بضرورة التأمين على عدد من الحقائق التي قد تصلح قاعدة لانطلاق لإصلاح نوعي شامل تلخص في ضرورة الاعتراف بأن التمييز في النوع يعوق بل يوقف عملية التنمية، آخذة في الاعتبار المشاركة التي يمكن للنساء تقديمها، والإقرار بأن إبعاد أو إضعاف وتقليل حجم مشاركة النساء في التنمية ينتج عن السياسات غير العادلة، خاصة في مجالات التعليم، العمل، الصحة، والتسليم بأن أهمية توظيف قدرات المرأة لا يقتصر على المرأة فحسب، بل يتعداها للكيان الاقتصادي والاجتماعي لكل المجتمعات والمؤسسات والشعوب، حيث أن تطوير الفرص الاقتصادية للنساء يقود إلى ترقية صحة المجتمع، وإنصافهن في القوى العاملة يؤدي إلى محصلات تجارية أفضل، ويؤسس للتحول في السياسة العامة على المستوى المحلي القومي والعالمي، والاعتراف بأن تدني الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للنساء في السودان بحسب البيانات على قلتها وعدم كفايتها، يعكس التمييز بين الرجل والمرأة في التعامل في مجتمعنا بوصفه حقيقة لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها، والإقرار بضرورة المحافظة على حقوق النساء وباستمرار وقد تأثرت خلال الاعوام المنصرمة بمساعدة عوامل أخرى، منها الحروب والنزاعات والفقر والمواقف والسياسات التي لا تراعي حساسية النوع، وغياب النظم القانونية للحماية في ظل مصادرة كل الحريات المدنية والشخصية. والاقرار بفشل الدساتير والأنظمة المتعاقبة في إيجاد إطار سياسي لتمكين المرأة السودانية، والاعتراف بقضايا النوع بطريقة سلمية، والاتفاق على شمولية ودولية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة أو الانتقاص مما يتطلب احترام الدولة لها، خاصة المواثيق التي صادق السودان عليها، وحسم القضايا الخلافية بينها وبين الموروثات من تقاليد وأعراف. والحاجة لتبني ثقافة المساواة في النوع وتضمينها بنص صريح في الدستور يمنع التمييز ضد المرأة بسبب النوع ويساوي بينها وبين الرجل في كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بسياسات وبرامج تهدف لمعالجة الأوضاع الصعبة التي تعانيها المرأة، وتغيير العادات والتقاليد المتأصلة في المجتمع التي تغمط قدراً كبيراً من حقوقها، والتأسيس للمشاركة السياسية للنساء في جميع المستويات العليا والوسيطة والدنيا في الأجهزة السياسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية، بدءاً بالحي فالمحلية فالولاية إلى المستوى القومي، على أن تكون مشاركتها فاعلة وفعَّالة بنسبة توازي نسبة النساء في المجتمع، وأن تشمل مراحل التحضير والتقرير والتنفيذ والمراقبة والمحاسبة، وأن يُنظم ذلك بقوانين تفصيلية.