«ما نسبته «74%» من الطلاب جربوا ولو لمرة واحدة التبغ أوأحد مشتقاته»، الحديث السابق يوضح حجم المأساة أو قل الكارثة -إن شئت الدقة- والتي تحيق بالمجتمع السوداني حيال ظاهرة التبغ بأنواعه المختلفة، أطلقه الاستاذ مصعب برير حاج أحمد مدير إدارة تعزيز الصحة بوزارة الصحة الاتحادية خلال حديثه في ورشة «دور المنظمات الوطنية والإعلام في مكافحة التبغ» والتي نظمتها أمانة المنظمات والعمل الطوعي بالاتحاد الوطني للشباب السوداني بالتعاون مع وزارة الصحة الاتحادية. الورشة أمها حضور كثيف شمل المختصين من مختلف المؤسسات والمنظمات والإعلاميين، وقدمت في الورشة ورقتان كانت الاولى بعنوان «دور المنظمات والإعلام في مكافحة التبغ»، قدمها الدكتور موسى محمد توم والتي أكدت على الدور الكبير الذي تلعبه المنظمات في المكافحة، وأبان محمد توم أن مركز ابحاث التمباك الموجود في المركز القومي للعلاج بالاشعة والطب النووي، هو الوحيد في السودان في هذا المجال ومتوقف منذ اعوام، موضحاً ان الطريق لمجتمع خال من التدخين يقول بضرورة وضع سياسة واستراتيجية واضحة المعالم وثابتة، وبرامج جادة ذات صفة استمرارية يسهل تطبيقها ثم متابعتها وتشكيل لجنة عليا أو مجلس قومي لمكافحة التبغ ليعمل على وضع السياسات والإستراتيجيات، ويشرف على تنفيذها ومتابعة البرامج الموضوعة وتكون أهدافه وطريقة عمله واضحة وثابتة حتى يمكن للأجيال القادمة الاندماج فيها والمحافظة على استمرارها والعمل على تطويرها، كما يجب وضع تصور لبرامج مكافحة التبغ بالمجتمع والمنظمات ويعتمد أساساً على ضرورة مشاركة المجتمع والمنظمات والأجهزة ذات الصلة، وإجراء الدراسات والبحوث المختلفة لتحديد نسب المدخنين ونوعياتهم والظروف المختلفة التي تشجع على البدء في هذه العادة السيئة والعوامل التي تساعدهم على الإقلاع عنها، ولفت الدكتور موسى محمد توم الى ضرورة ضمان دعم مادي ثابت ومستمر لتنفيذ ومتابعة برامج المكافحة وتحفيز كافة وسائل الإعلام لكسب دعمها ومساندتها في ترسيخ معنى المكافحة لدى الجميع، وضرورة أن تصاحب برامج الوقاية والعلاج، بتوفير الوسائل المساعدة للتخلص من التبغ والتدخين مثل «عيادات مكافحة التدخين»، ويتأتى ذلك بتشجيع البحث العلمي في هذا المجال ورصد حوافز تشجيعية له وخلق وتنشيط قنوات اتصال مع كافة الجهات ذات الصلة « جمعيات ، منظمات ، هيئات ، شبكات» والارتباط والاتصال المستمر بمراكز مكافحة التبغ في العالم والمنطقة والوقوف على تجاربها، موضحاً أن التدخين في الأماكن العامة والمغلقة والقاعات وتلوث الهواء بالتبغ أو أحد أنواعه ومكوناته والتدخين السلبي، هو اعتداء على حقوق الإنسان وإضرار بصحته ما يعد خرقاً واضحاً وفاضحاً لمبادئ حقوق الإنسان، التي أُعلن عنها في الميثاق والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقية الدولية بشأن الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية، حسب الميثاق الصادر من الأممالمتحدة الذي أقرته الجمعية العامة، ويجب إدراك قيمة هذه الحقوق والواجبات والحريات، ونبه الى ضرورة ان تعي المنظمات دورها تجاه التبغ وحقوق الإنسان والحق في الحياة والحق في الصحة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والأمن القومي، واقترح محمد توم فيما يلي دور الاعلام في محاربة الظاهرة وأن يتم التعامل بمصداقية في نقل الحقائق إلى كافة وسائل الإعلام، واختيار الوقت المناسب لضخ المعلومات إلى أجهزة الإعلام بما لا يعوق مسار عمليات التصدي لهذه القضية، والاستعانة بالخبراء والمتخصصين والأكاديميين وأصحاب الرأي في تصميم وتنفيذ ومتابعة الخطط الإعلامية لمثل هذه القضايا، و تضمين الخطة الإعلامية أساليب متابعة تطورات القضية ورصد مساراتها الواقعية للتعامل معها بحكمة، ومتابعة الخطة الإعلامية لما ينشر في وسائل الإعلام الصديقة والمحايدة والمعادية لتحديد أساليب الرد والتعقيب عليها، وتحصين الرأي العام من أهدافها إذا كانت خبيثة وإنشاء مركز إعلامي لهذه القضية كوعاء تصب فيه كافة قنوات المعلومات، ولرصد أصداء الأزمة المحلية والإقليمية والعالمية، على أن يكون مزوداً بكافة الأجهزة وتقنية الاتصالات الحديثة في الجانب الإعلامي لاستقبال المعلومات وتخزينها وتحليلها، ومن ثم يدفعها كمخرجات إعلامية صادقة. واشتمال الخطة الإعلامية على أسلوب الإدلاء بالتصريحات اللازمة وتحديد المسؤول عن ذلك. وأوصت الورقة بضرورة تبني استراتيجية لمكافحة التبغ، وقيام تحالف شبابي ومناصرة مجتمعية وقيام صندوق خيري للمكافحة والوقاية والعلاج وحملة إعلامية مكثفة وتفعيل القوانين والتشريعات، وكشفت الورقة الثانية تحديات مكافحة التبغ في السودان قدمها الاستاذ موسى عوض، أن السودان يعتبر من الدول الكبرى في العالم في زراعة التبغ، فقد أوضحت التقارير المقدرة من الصحة العالمية زيادة مضطردة في الاستهلاك توضحها الأرقام، فحسب نتائج تقارير منظمة الصحة العالمية لسنة 2011م فإن معدل الانتشار بين البالغين الذكور حالياً يبلغ «29.1%», والمعدل اليومي للاستهلاك وسط الذكور «24.7%», ومعدل الانتشار بين الاناث البالغات «3.5%» ومعدل الاستهلاك وسط الاناث «2.9%» والانتشار الكلي في المجتمع السوداني للتبغ بين البالغين نسبته «14%» وبمعدل يومي يبلغ «12%»، واقترحت الورقة انه لابد من القدرة على تنفيذ القانون المعزز وبحث كيفية اكتشاف الانتهاكات وكيفية الوقاية من الكيانات التي تحمي المخالفين وفرض عقوبات قوية وشديدة على الانتهاكات، اضافة الى سن قوانين للبحث عن البضائع المحظورة والسيطرة عليها ومصادرتها وإنشاء إرشادات وسياسات لتدمير منتجات التبغ التي تمت مصادرتها والتخلص منها، حتى تتمكن الجهات المختصة من السيطرة على التجارة غير المشروعة في التبغ ووضع خطة المطلوبات الفنية لانفاذ بروتكول مكافحة الاتجار غير المشروع للتبغ، وإنشاء لجنة تنسيقية مصغرة لمتابعة وتوثيق جهود شركاء مكافحة التبغ بالسودان، وتوفير الموارد المطلوبة لانشطة مكافحة التبغ والاسراع بتعديل قانون مكافحة التبغ القومي للعام 2005م ليواكب مطلوبات انفاذ الاتفاقية الاطارية بمحاورها الستة، ووضع قانون إطاري لمكافحة التبغ للولايات للاهتداء به في إكمال اجازة التشريعات الولائية لمكافحة التبغ، واتسمت الورشة بنقاش هادف ومستفيض لواقع مكافحة التبغ بانواعه في السودان، وشدد الفريق د.كمال عمر عضو اللجنة القومية لمكافحة المخدرات على دور الردع المجتمعي في مكافحة الظاهرة وتقوية العزيمة النفسية للمتعاطين حتى يتمكنوا من الاقلاع، لافتاً الى ضرورة وجود مراكز منتشرة في العاصمة والولايات للاقلاع عن تعاطي التبغ ومراكز اخرى لاعادة التأهيل. وكشف مدير ادارة تعزيز الصحة ان للسودان الحق بالفخر حيث إن الدولة المهدية كانت سباقة الى تجريم متعاطي التبغ بل ومعاقبتهم على ذلك، وفي ذات السياق أكد الاتحاد الوطني للشباب السوداني جاهزيته للتصدي لتوصيات الورشة وإنزالها لأرض الواقع.