هيثم عثمان: باسمها الكبير وعمرها الصغير وفطامها المتعثر، خرجت وكالة السودان للأنباء للعمل الصحفي المعني بالسودان في العام «1970»، وعلى غرار التصويب الدقيق ناحية المرمى من قبل المهاجمين، ظلت «سونا» تعاني من دفاعات الحكومة ودفعياتها المالية تجاه الوكالة أو «قل على الأقل» الانكفاء ناحية إهمالها وعدم تطويرها كالوكالات الوطنية الأخرى في كثير من بلاد العالم. ف«سونا» التي تعتمد عليها الصحافة السودانية في تلقي الأخبار بنسبة تتجاوز «76%»، باتت الآن في مرحلة تحتاج لكثير من الاهتمام من الدولة. اللافت أن الوكالة نفسها وزعت أمس ورقة مطولة شملت كثيراً من الجوانب المهمة لعمل الوكالة الرسمية للبلاد، بجانب المشكلات الراهنة والقضايا المحيطة بعملها، وربما بهذه الورقة أعدت ضمن خمس أوراق عن الإعلام الرسمي: «سونا والإذاعة والتلفزيون والبث الإذاعي، والإعلام الولائي» لمناقشتها في ورشة العمل المخصصة لذلك، وهي واحدة من خمس ورش تحضيرية، للمؤتمر الثاني لقضايا الإعلام السوداني، ربما أرادت أن تنبه المسؤولين لكثير من المعوقات بطرائق شرح مهمة لعمل الوكالة وأهميتها في ذات الوقت. والورقة التي تحصلت عليها «الإنتباهة» يبدو أن الهدف منها التعريف بحاضر «سونا»، كأساس لاستشراف مستقبلها، من خلال اختصاصها وتخصصها، بوصفها جزءاً من منظومة وطنية واحدة، من الإعلام الرسمي والخاص، متكاملة في وظيفتها ورسالتها تجاه السودان، في إطار النظام الإعلامي العالمي. وتتكون الورقة من مقدمة وجزءين رئيسيين اثنين: أحدهما عن الوضع الراهن للوكالة، والآخر عن مستقبلها، ثم الخاتمة، والتوصيات، مع ملاحظة أن الجزء الثاني يتضمن، خلاصة لما دار في المؤتمر الدولي الرابع، لوكالات الأنباء «الرياض، نوفمبر 2013م»، مع معلومات أساسية، عن أوراق المؤتمر وموضوعاتها، والمشاركين فيه، لإشراك المشاركين في الورشة، في حوار المستقبل، مع هذه الخبرات العالمية. ورأت «سونا» في ورقتها أن تقوم علاقة شراكة بين «سونا» والأجهزة الاتحادية، والولائية تحكمها عقود، وتشريعات واضحة ويمكن الاستفادة من التجربة المعمول بها في نظام المحاسبين والمراجعين الداخليين في شكل علاقاتهم برئاساتهم في وزارة المالية، والوحدات الموزعين للعمل فيها. ودعت الورقة إلى تخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لتعيين «100» من الخريجين في أقرب فرصة تعيين، لسد الفجوة في قوة العمل من الشباب ولمقابلة احتياجات الدخول في منظومات الإعلام الجديد. وتخصيص الاعتمادات اللازمة لتعيين «50» من الكفاءات الصحفية والتقنية والإدارة النادرة في مستويات الهيكل المختلفة بالتعاقد لسد الفجوة التي أحدثتها الهجرة والتقاعد بسبب ضعف شروط الخدمة والتقدم في السن. وكشفت عن أن القوة الأساسية بالوكالة لأقل من «35%». وطرحت الورقة عدداً من الحلول الجذرية للارتقاء بالوكالة أهمها الحلول الجذرية وإجازة حزمة إعادة هندسة الوكالة وتشمل: قانون الوكالة الهيكل التنظيمي الهيكل الوظيفي شروط الخدمة المسار المهني. بجانب تغيير نظام التوظيف بالوكالة باعتماد نظام التخديم بالتعاقد بديلاً لنظام التخديم المستديم لإعطاء الهيئة المرونة اللازمة لجذب الكفاءات الإبداعية والحفاظ عليها ولتيسير التخلص من العناصر الضعيفة تمشياً مع الصيغ المعمول بها في مؤسسات الإعلام في العالم. واقترحت الورقة رسماً لخدمة أخبار «سونا» العاجلة بوضع رسم مقداره جنيه واحد شهرياً على كل مشترك في خدمة الهاتف المحمول نظير التمتع باستقبال أخبار «سونا» العاجلة في رسالة نصية قصيرة (SMS) على هاتفه، وعكست الورقة أهدافاً للمقترح السابق يشمل تأمين حق المواطن في الوصول للأخبار المهمة التي تؤثر في حياته. وتأكيد سيادة الدولة إخبارياً و معلوماتياً داخل أراضيها بتأمين سرعة توصيل أخبارها المهمة إلى مواطنيها والمقيمين على أراضيها. وتفعيل دور المجتمع وإشراكه في تحمل بعض أعباء صناعة الأخبار والمعلومات ذات التكلفة العالية. والإسهام في توفير الدعم اللازم لصناعة الأخبار والمعلومات لبناء أهم صناعة إعلامية متخصصة لها التأثير الأكبر في رسم صورة العالم وصياغة الرأي العام العالمي وتوجيهه. والإسهام في توفير الدعم اللازم لبناء «سونا» كأهم ركيزة إعلامية وطنية مختصة ومتخصصة في صناعة الأخبار والمعلومات. وتمكين «سونا» من تحقيق الصدارة والمرجعية في الأخبار والمعلومات ذات الصلة بالشأن السوداني محلياً وإقليمياً وعالمياً ، والتوظيف الأمثل لإمكانيات الهاتف المحمول في تعزيز التماسك الداخلي ووقاية المواطن من تأثير الشائعات السالبة وأساليب الحرب النفسية الماكرة في ظل تفشي فوضى تبادل الأخبار والمعلومات عبر الوسائط الجديدة. وسردت الورقة عدداً من المشكلات الراهنة أهمها ما يتعلق بالقوة البشرية والبنيات التقنية ورأت أن هناك عوامل متعددة تراكمت على القوة أضعفت من قوتها وكادت تشل حركتها منها أن ضعف شروط خدمة العاملين أدى إلى تسرب الكفاءات النادرة بالهجرة الداخلية والخارجية وحدَّ من قدرة «سونا» على جذب المبدعين الموهوبين، كما أن تقدم السن زاد من نسبة التقاعد والمرض والوفاة. وتفاقمت المشكلة وصارت أكثر حدة بامتناع وزارة المالية عن تخصيص أية اعتمادات للتعيين في مداخل الخدمة وفي مستويات الهيكل الأخرى لأكثر من عقدين مما أفقد «سونا» نسبة كبيرة من قوتها العاملة، حتى وصل عدد الوظائف الشاغرة أكثر من «50%» في آخر هيكل مجاز في 1997م. وأيضاً ضعف شروط الخدمة ووقف التعيين في مداخل الخدمة أو في مستوى من مستويات الهيكل أحدث اختلالات خطيرة في أوضاع القوة البشرية وتمثل ذلك في أن أكثر من «50%» من العاملين قد تجاوزت سنهم الخمسين عاماً، وأن من تقل سنهم عن الخمسة والثلاثين لا يتجاوز عددهم نسبة «1%». بجانب تدني نسبة عدد الصحافيين القوة الأساسية بالوكالة لأقل من «35%» مقارنة بالقطاعات المساندة التي تزيد نسبة عدد العاملين فيها عن «65%»، هذا إضافة إلى النسبة العالية من العمال خارج الهيئة التي بلغت أكثر من «30%»، وكذلك النسبة العالية في عدد العنصر النسوي، وما يعانيه من قيود بيولوجية واجتماعية تحدُّ من عطائه وتؤثر في سير العمل الذي تقيده ظروف المكان والزمان.