تزايدت تدفقات أعداد الأجانب بصورة غير شرعية وبدرجة سافرة بالبلاد في الفترة الماضية وعزاها عدد من المختصين لضعف الرقابة من الجهات المعنية في النقاط الحدودية لا سيما في ظل تنامي الحديث عن تسللهم وتهريبهم عبر جيوب ومسارات معروفة على الحدود في وقت تعالت فيه الأصوات في الآونة الأخيرة خاصة وسط من يمتلكون القرار محذرة من مغبة تفاقم ظاهرة الوجود الأجنبي بالبلاد الذي أصبح سمة بارزة في الشارع السوداني وأبدى عدد كبير منهم قلقهم حياله في وقت اعتبره البعض مهددًا قويًا للنسيج الاجتماعي بعد أن شكل مظهرًا من مظاهر العاصمة.. ونادوا بتطوير التشريعات والضوابط لتكون مواكبة للاعداد الكبيرة والتنوع في الوجود الأجنبي واتخاذ الإجراءات الصارمة ضد المجموعات التي تعمل في تهريب الأجانب بعيدًا عن أعين السلطات واتخاذ الإجراءات الجنائية في مواجهة أي أجنبي في حالة ثبوت عدم تقنين وضعه أو دخوله الى البلاد بطريقة غير شرعية، ولعل التزايد الحاد في اعداد الأجانب بمختلف تصنيفاتهم بدا يطفو إلى السطح تزامنًا مع التغيُّرات السياسة والاجتماعية التي أعقبت توقيع اتفاقية السلام الشامل وتفجير أزمة دارفور وما صاحبها من تداعيات معقدة قادت إلى ذلك عبر قوات حفظ السلام «اليوناميد» أو من خلال المنظمات الإنسانية فضلاً عن المتغيرات الأخرى التي نتجت من الطفرة العمرانية والنمو الاقتصادي واستخراج البترول ودخول العديد من الشركات الأجنبية في ظل تشجيع سياسة الاستثمار وجذب رؤوس الأموال إضافة الى التداخل المجتمعي في المناطق الحدودية والذي قاد الى تزايد الهجرات غير الشرعية التي باتت تتفاقم على نطاق حدود السودان المترامية الأمر الذي أصبح ينذر بانعكاسات مختلفة، ويعد المجلس الأعلى لضبط الوجود الأجنبي الذي يرأسه النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه الذي أنشئ في العام 2006م كان بمثابة خطوة أولى في طريق تقيد حركة الأجانب وبالتالي وجودهم بالبلاد إلا أن تراجع عمل الحملات مؤخرًا أدى الى تزايدهم بصورة كبيرة وذكرت إحصائية أصدرتها جهات الاختصاص تضامنًا مع السفارة الإثيوبية في وقت لاحق عن وصول عدد الإثيوبيين إلى ثلاثة آلاف وسبعمائة موجودين بالسودان تحت مظلة العمالة غير الماهرة والمنظمة حسب تصنيف مكتب العمل. أمين عام علاقات العمل بالاتحاد العام لعمال السودان فتح الله عبد القادر أكد عدم تفعيل قانون الأجانب بالبلاد بالطريقة المطلوبة منوها إلى أن القانون يحرم العمالة الأجنبية العادية ويشترط فيها الاختصاصات النادرة والتي تكون مقيدة بتدريب الكوادر السودانية لاكتساب الخبرات في المجلات المعنية مشيرًا الى أن الوجود الآن أصبح بصورة رهيبة وبأعداد اجتماعية لا توصف ومخالفة للخبرة داعياً إلى ضبط القوانين واللوائح وشن حملات واسعة لذلك وحمّل في الوقت ذاته إدارة الداخلية ممثلة في إدارة الأجانب تفاقم الظاهرة مطالبًا بتوفيق أوضاعهم مشيرا الى أن العادات السيئة وتفشي نسبة الجريمة يكون للأجانب نصيب الأسد فيها. من الصعوبة السيطرة على الحدود ووقف عمليات التسلل والتهريب مفردات ظلت تتناولها الدول الكبرى والتي عجزت تمامًا عن سد منافذ الهجرة غير الشرعية إليها فكيف يكون الحال بالنسبة للسودان بإمكاناته المحدودة بجانب مشاركته مع 9 من الدول الإفريقية التي تعاني من العوز والجفاف ويمرح فيها طاعون العصر إلا أنه يمكن للدولة أن تحد من عمليات الوجود بتفعيل حملاتها ضد الهجرة غير الشرعية وإيجاد دراسات واعدادها للتعامل مع الوجود الأجنبي في جميع جوانبه للتقنين والتنظيم لتفادي كثير من المشكلات الناجمة من دخولهم البلاد.