من موقعي الصحفي ظللت أتابع وأراقب ما يجري في الوقت الحالي في مؤتمرات المستوى القاعدي للعضوية المنتظمة والمنظمة والمنتمية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، وذلك على النحو الذي تنقله وتنشره الصحف الصادرة بالخرطوم. وبناء على ذلك فقد كانت ملاحظتي الأولى هي أن ما قد يمكن ويجوز وصفه بصراع داخلي قد أخذت مؤشراته تغطي شاخصة في الذي تنطوي عليه وتشير إليه هذه المؤتمرات، كما برز على سبيل المثال، وليس الحصر بطبيعة الحال، في بعض المناطق مثل القولد في الولاية الشمالية والمناقل بولاية الجزيرة والفولة بولاية غرب كردفان، وغيرها من الحالات المماثلة التي برزت كظاهرة عامة متصاعدة ومتفشية ومتفاقمة ومتفجرة ومنفجرة ومحتقنة في مناطق أخرى ممتدة وشاملة لكل أنحاء وأرجاء الخريطة الجغرافية للوطن شرقاً وغرباً وشمالاً ووسطاً وجنوباً. أما الملاحظة المهمة الأخرى التي كانت لافتة لي كما أرى، من موقعي كمراقب ومتابع صحفي كان منتمياً وكادراً ناشطاً في الحركة الإسلامية للنخبة السودانية الحديثة والمعاصرة والمؤسسة لهذا الحزب، فقد كانت هي تلك الروح المتحدية والمتحفزة من جانب القيادة الجديدة التي تولت مهامها أخيراً في المستوى التنظيمي الحزبي والرسمي الأعلى، ممثلة بصفة خاصة في البروفيسور إبراهيم غندور الذي تم تصعيده واختياره كخلف لسلفه د. نافع علي نافع بعد الإعفاء المفاجئ للأخير ضمن التغيير المثير للجدل الذي أقدم على القيام به السيد رئيس الجمهورية ورئيس الحزب المشير عمر البشير في نهاية العام الماضي، وهو التغيير الذي ساد تفسير له من جانب القيادات الفاعلة والكوادر الناشطة في الحزب الحاكم بأنه قد أتى في سياق وإطار ما يسمى بالوثبة الحزبية والوطنية والحضارية المزمعة التي يعمل الحزب على القيام بها والإقدام عليها في هذه المرحلة وما بعدها من مراحل قادمة ومقبلة. وإذا كانت المؤتمرات القاعدية الراهنة والجارية والمتلاحقة والمتصاعدة من المستوى القاعدة إلى المستويات العليا الحاكمة والمتحكمة والمسيطرة بهيمنة منفردة في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، ربما قد يمكن ويجوز وصفها بناء على ما أشرنا إليه بأنها تعتبر بمثابة الاختبار والامتحان الأول الثقيل الوزن والشديد الوطأة بالنسبة للبروفيسور إبراهيم غندور في موقعه ومنصبه الجديد كمساعد للسيد رئيس الحزب ورئيس الجمهورية للشؤون الحزبية، فإن الذي دفعني للإشارة لما يجري في النشاط السياسي الحالي والجاري في الحزب الحاكم على الصعيد القاعدي، هو إطلاعي بالصدفة البحتة والمحضة على الأوراق التي تم تقديمها في المؤتمر القاعدي لمحلية كرري الذي تم عقده أمس الأول بولاية الخرطوم. وقد كانت ملاحظاتي المبدئية التي تواردت بشكل فوري إلى ذهني على النحو التالي: وفقاً للبرنامج الخاص بجدول أعمال المؤتمر كما اطلعت عليه في الورقة التي تحصلت عليها بالصدفة البحتة والمحضة فقد استغرقت الجلسة الافتتاحية حوالي ساعتين من الساعات الست التي بدأت في الثانية عشرة ظهراً وامتدت حتى الساعة السادسة مساء. أما الجلسة الثانية فقد استمرت أيضاً حوالي ساعتين رغم أنها قد كانت هي الجلسة المهمة حيث شملت إجازة جدول الأعمال، وتقديم خطاب الدورة المنصرمة، وتقرير مجلس الشورى، وتقرير الأداء التنفيذي، إضافة لتقديم أوراق العمل وهي ورقة عن الحكم المحلي، وأخرى عن الإصلاح والتطور وقد تم تخصيص أقل من نصف ساعة فقط للنقاش والمداولات في هذه الجلسة، وبعد ذلك تم عقد جلسة إجرائية امتدت لحوالي نصف ساعة لاختيار أعضاء مجلس الشورى في المحلية واختيار المصعدين لمؤتمر الولاية. أما الجلسة الرابعة والأخيرة التي امتدت لحوالي ساعة ونصف فقد تم فيها تقديم البيان الختامي وكلمة رئيس المؤتمر بالمحلية كان الختام كما بدأ بالقرآن.. ونواصل غداً إن شاء الله.