إن أفضل ما يقوله أهل العلم علم الفلك Aslronomy أن الأخذ بأسباب العلم ومعرفة إمكانية الرؤية بطريقة الحساب لا يغني وليس بديلاً عن الرؤية بالعين المجردة. وعلماء الفلك يحتجون إذ أن بعض الناس بل بعض المثقفين يخلطون بين علم الفلك Aslronomy وعلم التنجيم Aslrology علم الفلك أو علم الهيئة كما كان يسميه أسلافنا القدماء يعتمد على الملاحظة والإرصاد للأجرام السماوية وتحركاتها ومم تتكون ويدخل فيه الحساب وعلم الفلك ينقسم إلى فروع منها علم الفيزياء الفلكية Alrophysics وهو كما قالوا مختص بدراسة الظواهر والصفات الفيزيائية لأجرام السماء. ومنها علم القياسات الفلكية Astrometzy وهو مختص بقياسات مواقع النجوم في قبة السماء. قال تعالى «فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم». ومنها علم الكونيات Cosmology ويختص بالبحث في أصل الكون.. وهناك أنواع أخرى وفروع من علم الفلك. أما علم التنجيم Astrology فهو مختص بتأثير النجوم والكواكب على الأحياء وهو ضرب من الرجم بالغيب ونوع من الدجل. وكما ذكر العلامة الدكتور علي الطاهر شرف الدين أنه لا بد لتحديد إمكانية الرؤية لكل الشهور من تحديد منطقة الرؤية والمسافة والزاوية والوقت. على أن هناك خلافاً بين علماء الفلك وعلماء اللغة والفقه في بعض المصطلحات المستخدمة في مجال الرؤية والحساب الفلكي. ففترة الاقتران التي يختفي فيها القمر عند نهاية الشهر الجاري وبداية الشهر الجديد يسميها الفلكيون ولادة الشهر New moon ويسميها الفقهاء وعلماء اللغة المحاق والاستسرار. أما ولادة القمر الجديد فيسميها الفقهاء وعلماء اللغة الأهوال. أي أن ما يسميه الفلكيون ولادة القمر لا يدل على بداية الشهر الجديد، وهو عند الفقهاء مثل مرحلة الطلق التي تعاني منها الحامل قبل الولادة ولا يبدأ عمر الطفل الجديد إلا إذا أهلَّ صارخاً. وأظن أننا بحاجة إلى توافق وإعادة تعريف للمصطلحات إلا أن الفلكيين المسلمين يختلفون عن غيرهم في أنهم يعطون الوحي مكانته التي يستحقها وهم يعلمون من اطلاعهم على كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه لا تضارب بين الرؤية والحساب ويستدلون بقوله تعالى «وهو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون» فالحساب مذكور في الآية بالنص مما يدل على جدواه وفائدته ولا نقول إلزاميته. وكذلك يدل على الحساب قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تصموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له»، وقوله فاقدروا له هو خلاق الرؤية.. فلا يكون ذلك إلا بالحساب سواء أكان فلكياً أو إكمال الشهر ثلاثين يوماً. والفلكيون المسلمون يحذرون من مخالفة الحساب خشية من أن يصوم الناس يوماً في شعبان ويفطرون يوماً في رمضان مع أن علماء الفلك يقرون بالرؤية ومنهجية ثبوت الهلال بقول عدلين من المسلمين. وهم يقولون إن الحساب الفلكي يحدد إمكانية الرؤية من عدمها ولا يغني عن التحري ولا الرؤية المجردة ومعنى ذلك أن للحساب الفلكي وقتاً لا غنى لنا عنه، وهو حين تتعذر الرؤية بسبب الغيوم والأمطار وخلافها، أما في الأيام العادية فإن الرؤية مقدمة بشروطها المعروفة على الحساب الفلكي، إن اختلفنا وذلك لأن الرؤية مقدمة في النصوص على الحساب مع أن الاثنين في رأيي أنا المتواضع أسلوبان تعبديان دلت عليهما النصوص كتاباً وسنة. وإليكم هذا البيان حول تحري رؤية هلال رمضان للعام 1435ه: بسم الله الرحمن الرحيم معهد السودان للعلوم الطبيعية لجنة علوم الفضاء والفلك والطبيعيات الجوية حول تحري رؤية هلال رمضان 1435ه يتحاذى القمر مع الأرض والشمس عندما يكون بينهما فيما يعرف بحالة الاقتران عند الساعة 8:11 بتوقيت مكةالمكرمة، من صباح الجمعة 27/6/2014م. وفي مساء هذا اليوم رؤية الهلال غير ممكنة في كل العالم الإسلامي حتى باستخدام المنظار الفلكي. أما يوم السبت 28/6/2014م يمكن تحري رؤية الهلال بالعين المجردة في كل من أمريكا الجنوبية والوسطى وغربي إستراليا واليمن ومعظم إفريقيا بما فيها السودان، وبصعوبة في شمال إفريقيا والجزيرة العربية والهند والملايو وأندونيسيا. لذلك فإن أول ايام الشهر المعظم هو يوم الأحد 29/6/2014م. ويستمر شهر رمضان 30 يوماً ينتهي مساء الإثنين 28/7/2014م. ففي هذا المساء يمكن تحري هلال شهر شوال إذ يمكن رؤيته بالعين المجردة في معظم العالم الإسلامي. ملحوظة: الأخذ بالحساب الفلكي ضرورة لتحديد إمكان الرؤية مكاناً وزماناً ولكنه لا يغني عن الرؤية ذاتها. تنبيه: الذين يبدأون صيامهم يوم السبت 28/6/2014م اعتماداً على بداية الدورة الفلكية للقمر سيكونون قد صاموا آخر يوم من شعبان، ولأن رمضان «30» يوماً من بدايته الصحيحة المنبنية على الرؤية فسيكونون قد أفطرواآخر يوم من الشهر المعظم! إن الموازنة والمصالحة بين الفقه والحساب أمر ضرورة للوصول إلى حالة من السلام الاجتماعي وسط المتعبدين لله بالصوم والحج وغيرها. وعلى الفلكيين أن يتسع صدرهم في حالة الخلاف عندما يعتمد الناس الرؤية المنضبطة بشروطها وإن خالفت الحساب ذلك أن الاجتهاد أصاب أو لم يصب وهو عبادة يثاب عليها المسلم.. مع مراعاة الاختلاف بين الفريقين في تحديد مفهوم ولادة القمر عند الفلكيين والهلال عند الفقهاء وأهل اللغة.. وعلى المعتمدين على الفقه أن يكونوا أوسع صدراً من نظرائهم علماء الفلك ويحترموا إقرارهم بأن الحساب لا يغني عن التحري والرؤية المجردة.. وهذه مساهمة مني فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمني ومن الشيطان ومستعد للمراجعة ولا حول ولا قوة إلا بالله.