ربما لم يخطر ببال ولي امر الطفل (ع) ان التفكير في ادخال ابنه للخلوة خلال فترة العطلة المدرسية قد تكون خطوة مدمرة لطفله، ليس من الجانب التعليمي نسبة لنزاهة المشروع في حد ذاته لتناوله التعليم والتحفيظ للقرآن الكريم الذي لطالما عرف مجتمعنا السوداني بنتهاجه خلال العطلة المدرسة، فمشروع الخلاوي غني عن التعريف لقداسته، لكن عندما يغيب الضمير الانساني ويتحول البشر الى وحوش مفترسين يتصيدون الفريسة الضعيفة، هنا يجب ان نقف حول هذا الموضوع لتنبيه المجتمع والادارات المسؤولة، ونسرد لهم قصة الطفل «ع» الذي تعرض لعملية تحرش من قبل معلم الخلوة، وذلك عندما اصدر والد الطفل قرار ان يلتحق ابنه بالخلوة لتجويد القرآن وحفظة تأهيلاً للعام الجديد، وفي الصباح اخذ الرجل ابنه وذهب به، عندها تعرف على معلم الخلوة، فهو رجل متقدم في العمر ذو لحية طويلة بيضاء، فتوسم الرجل فيه خيراً واوصاه على ابنه، وبعد مرور شهر وانتهاء اليوم بالخلوة خرج الطلاب يجرون للعب في الشارع، وكانوا في انتظار الطفل «ع» ليلحق بهم، لكنهم عرفوا ان المعلم طلب منه البقاء بالخلوة لتسميع بعض السور القرآنية، وان يملأ له «الزير»، فذهب «ع» له، وعندها طلب المعلم من الطفل ان يجلس بالقرب منه، وبدأ يتحرش به، فخاف الطفل وارتعش لكنه لم يستطع ان يمنعه نسبة لأنه معلمه، ولم يكن امامه سوى الاستسلام للأمر، وفي تلك الاثناء ظهر طفل اخر يدعى «م» صديق «ع» لكنه اكبر منه سناً فوقف عندما شاهد الجريمة، واسرع هاربا ليخبر بقية الاصدقاء، واتفقوا على ان يهددوه ان لم يستجب لهم، وعندما خرج قابله الاصدقاء واخبروه انهم شاهدوا الحادثة، وذهبوا به الى منزل مهجور في طرف الحي الذي يسكنون به واغتصبوه، فكان «ع» خائفاً من معلمه الذي قال له ان اخبر احد بما حدث سوف يقتله بجانب خوفه من الفضيحة، وان يعرف ابواه ما حدث، واستمر الاصدقاء يبتزون «ع» في كل مرة واخرى ويغتصبونه، حتى اصيب «ع» بأذى وجروح عميقة. وفي ذاك اليوم لاحظت والدته التغير في مشيته واصيب بحمى حارقة، وذهبت به الى الطبيب وبعد الاستفسارات اجرى له فحوصات، واتضح من خلال التقارير الطبية انه تعرض لحالة اغتصاب، وبعد ان سألته والدته اخبرها بكامل القصة، وعند حضور والده ذهبا الى قسم الشرطة ودونا بلاغ في مواجهة المتهمين المعلم وأربعة اولاد آخرين لا تتجاوز اعمارهم «15 17» عاماً، وافادت الباحثة الاجتماعية واخصائية علم النفس ان الحالة النفسية للطفل المغتصب ان لم تعالج فسيتعرض الطفل الى تدهور مفاجئ في سلوكياته أو مستواه الدراسي وصعوبة في التركيز والتعامل لا تفسرها أى حالة جسدية أو مشكلة صحية يمر بها، ويكون الطفل دائما مترقباً وحذراً وكأنه يتوقع حدوث شيء سيئ له، بالاضافة الى انه يمكن ان يمتثل للأوامر بصورة بالغة أو يكون منطوياً وغير متفاعل، واشارت الباحثة الى أن هذه الحوادث المؤسفة حوادث فردية تنتج من أفراد شواذ ولا يمكن أن تمثل قاعدة أو ظاهرة عامة، وأصحاب هذه الجرائم هم مرضى يستحقون العلاج، لذلك لا داعي للمبالغة في الخوف أو الاستمرار في رواية هذه الحوادث أمام الأطفال بالذات حتى لا يصابوا بالهيستيريا والخوف والفزع، لافتة الى انه لا يمنع أن تقف الأسرة موقفاً حازماً بمسؤوليتها في إبلاغ السلطات عن المجرم حتى توقف اعتداءاته على أطفال آخرين، ولينال عقابه الرادع، وأن تجري الأسرة فحصاً طبياً على الطفل للتأكد من عدم وجود أضرار جسدية حدثت له، ولتكون أيضا قرينة وبينة مهمة عند الإبلاغ الرسمي، ولا بد أن تستشير متخصصاً ليساعدها على حسن التصرف. وقالت يجب تناول هذه الحوادث بحساسية وهدوء حتى لا تشجع أصحاب النفوس الضعيفة على الإقدام على مثل هذه الأساليب والجرائم ومن ثم تزداد وتنتشر في المجتمع، وكذلك من أجل ألا تخلق نوعاً من الشعور بالإحباط والذعر والرعب يعيق الاحساس بالأمان داخل المجتمع، كما يجب على إدارة المدرسة والحضانات أن تكون مسيطرة على الموقف بتشديد الرقابة على الفصول واختيار أفضل العناصر من الأساتذة والاهتمام بسلوكياتهم لتأمين الأمان للأطفال الصغار من التلاميذ، واضافت أن المجتمع يلعب دوره المنشود في مقاومة الاغتصاب وليس بتشجيعه.