أولاً أخي د. حسن دعنا نعرف (الرأسمالية) (Capitalism) تعريفاً معاصراً وواضحاً لكل قارئ بعيداً عن مغالطات أهل (الاصطلاح) و (المفهوم) وتقعرات المتفلسفين من أهل التخصصات وجدالهم الذي لا ينتهي ولا يصل لحقيقة متفق عليها. فالرأسمالية أخي هي تلك المولود غير الشرعي لعقول مسعورة بعبادة المادة، أبوها اليوم هو (الدولار) وأمها (الربوية) تلاقيا لينجبا هذا المولود الفظيع شكلاً واسماً وتخلقاً وتطوراً. مولود جاء متضخماً مفتل العضلات بكامل أسنانه بل وأنيابه (التمساحية) ليقضم ويبتلع ويغرق بمهارة بارعة كل ما يعرض أمامه من أحياء. طبعاً درسنا جميعاً في الجامعات وقرأنا في الكتب والمجلات والصحف وغيرها، عن القطبين المسيطرين معاً (الاشتراكية) رحمها الله، و(الرأسمالية) لعنها الله. وأنا هنا لست بصدد إعادة كلام مكرور لمحامين مدافعين هنا وهناك، ولا لأهل آيدلوجيات متعصبين هنا وهناك كذلك، فقط ألفت نظرك إلى ما خلفته الرأسمالية اليوم في عالمنا من آثار ودمار مهول، حولت بها حياة الناس إلى جحيم لا يطاق وواقع مرير، دسّ الفضائل وأظهر الرذائل. أخفى الخير وأخرج الشرور وعظائم الأمور، فانعكست الرأسمالية بثمارها الخبيثة على واقع البشر حيثما كانوا.. فجعلتهم للأنعام أقرب، يعبدون شهواهم ويلغون فضائلهم وعقولهم لتتحدث بدلاً منها (الأموال الشيكات المقاصات الموبايلات اللابتوبات «وبرامجها المتنوعة» لتلغي التواصل البشري المألوف وصلة القربى وتنمية المهارات الحسية المعلومة. علَّبت الرأسمالية جميع ثمرات الأرض ووضعتها في عبوات (حديدية وبلاستيكية وفايبرية) وأضافت إليها (المواد الحافظة المسرطنة) بجميع أنواعها، هدية لأطفالنا وأجيالنا القادمة. وقطعت الرأسمالية كل أشكال التعاملات الاقتصادية المباركة، لتجعل من أبيها (الدولار) حاكماً بأمره وأمها (الربوية) حاضنة لكل المعاملات.. فما أبقت من باقية، حيث لا رحمة ولا زكاة ولا إحسان عندك أهلاً وسهلاً ليس عندك - فلتهلك من غير بينة، وعندك هذه يقصد بها (عندك كثيراً). في ظل الرأسمالية اخي د. حسن أضحى التنائي بعيداً عن تدانينا، وناب عن طيب لقيانا تجافينا، وفي ظلها أضحت مصيبتنا في (ديننا)، والدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا. ولن يعود لحياتنا صفاؤها، ولا لديننا بهاؤه ومجده، ولا لآمالنا رجاء، أو للتوقيف والإصلاح في دنيانا عنوان ما لم نحارب هذا (المارد الرأسمالي) الذي أحل عالمنا دار البوار. لعن الله الرأسمالية بكرة وعشية. من الوهج: قصدنا أن نفسح المجال لأكثر من مرة لأخينا البروف امير النعمان وهو كاتب هذه السطور اليوم.. منتهزين فرصة وجوده معنا بالسودان هذه الأيام بعد ان هجر البلاد لأرض الحرمين الشريفين هناك للعمل والارتزاق.. ولأن ما يكتبه يراع البروف النعمان له معانٍ ومفاهيم، خاصة أن الرجل رجل علم وسياسة.. وأمير معروف بغيرته الوطنية وجهاده ونضاله يوم ان دعا الداعي لذلك. والموضوع نطرحه كفكرة للنقاش والحوار خاصة ان البلاد هذه الأيام تنعم بمفاهيم واسعة في الحوار والنقاش الذي كثيراً ما يفضي الى جدل، وهذا الذي لا نبغيه ولا نريده.. بل نريده مثمراً ممتعاً مفيداً يخرج بنا من هذه الأزمة الى ما ينفع بلادنا وعبادنا.. وننتظر من أهل الرأى ما سيشاركون به معنا في الرأي حول الموضوع.