بدت دار المؤتمر الوطني في حلة زاهية أمس وهي تتأهب لاستقبال قيادات وكوادر الحزب وضيوفه من داخل وخارج البلاد بمناسبة المؤتمر العام الثالث في دورة الانعقاد الثانية.. وكان واضحاً أن سياسة الوطني مع هذه المرحلة الجديدة التي تلت انفصال الجنوب إذ يعتبر هذا المؤتمر الأول بعد التاسع من يوليو الماضي.. والسياسة التي عنيتها التغيير الشامل للحزب أقرب ما يكون لتغيير الجلد حتى في الشعارات فبعض من الشعارات الماسخة على شاكلة نعم للوحدة لا شمال بدون جنوب المؤتمر الوطني فوق شطبت من على جدران الحزب وحلت محلها شعارات قومية بحتة مثل « سنبنى السودان، معاً لرفعة البلاد، نعم لدفع عجلة التنمية».. وهي شعارات تنم عن توجه جديد للحزب الحاكم وظهر ذلك جلياً في كثير من الملامح العامة للمؤتمر العام التنشيطي أمس. خطاب الرئيس.. بداية مرحلة تدشين المؤتمر الوطني لمرحلة جديدة من قيادته للبلاد تبدّت بشكل كبير في كلمة الرئيس البشير وأبرز ملامحها سبعة محاور رئيسة وهي دعم ومساندة الثورات العربية، مواصلة الحوار مع القوى السياسية، الانفتاح على مكونات المجتمع السوداني، التأمين على المحافظة على الهوية القومية والدينية، الاهتمام بالمواطن والتسارع إلى تخفيض الضغط المعيشي عنه، تمتين عرى التواصل مع الخارج، العمل على المحافظة على ريادة الحزب من خلال التفاف الجماهير حوله. وبالنظر سريعاً لهذه الملفات السبعة. تحيا الثورات العربية أولاً، حيّا البشير في فاتحة كلمته الثورات العربية التي دعموها بالرأي والمال وحتى العتاد العسكري وذكر الحضور بأن رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل سيكون مشاركاً في جلسات المؤتمر ليوم الغد «اليوم» علاوة على أن عدداً من الأحزاب المصرية شاركت في المؤتمر على رأسها حزب الوفد. الأحزاب حوار حتى النهاية ثانياً: وبشأن الحوار مع القوى السياسية بدا الوطني منتشيا باصطياد صنارته للحزب الاتحادي الأصل وضمه إلى الحكومة المقبلة وكان الأصل قد أرهق حتى الصحافة لجهة عدم وضوح رؤيته حتى أول الأمس، وقد حضر نجل الميرغني وبرفقته عدد من قيادات الحزب في المؤتمر واحتفت بهم قيادات الحزب على رأسهم مهندس الاتفاق معهم مستشار الرئيس إبراهيم أحمد عمر، ومن اللافت أن نجل الميرغني جاور إبراهيم جلوساً وقد امتدح البشير مشاركتهم المرتقبة وكان ذلك أيضاً حال ممثل الأحزاب في كلمته د. جلال الدقير والطريف أن الفرحة بالاتحاديين بلغت قمتها حتى لدى مقدم الحفل المذيع الزبير أحمد الذي قدم الدقير بصفته رئيس الاتحادي الأصل ثم تراجع سريعاً عن هفوته. الجديد في حديث البشير مواصلة حزبه الحوار ليس بهدف المشاركة بل لتكون ملامحة مادة لمشروع الدستور القادم كما قال. الوطني.. حزب إلا لمن أبى والمسألة الثالثة أن الحزب أكد مواصلته الانفتاح على مكونات المجتمع السوداني بتفعيل وتحريك آلياته وسط قواعده، وقد برز ذلك في كلمة نائب رئيس الحزب د. نافع الذي ذكر تنفيذهم للمؤتمرات القاعدية بنسبة 95% وسعيهم للتواصل مع المواطن الذي راهن عليه البشير وأكد أنه يقف إلى جانبهم عندما سخر من خصومه وقال «الذين يشيعون أن الربيع آتٍ سينتظرون وقتاً طويلاً لأن أهل السودان يعيشون ربيع ثورة الإنقاذ منذ أكثر من عشرين عاماً وباهى بأن حزب متجدد ويلامس قضايا الشباب». سودان واحد موحد رابعاً: التأمين على المحافظة على الهوية القومية والدينية التي كانت في حالة ارتباك قبل انفصال الجنوب بينما الأمر الآن في مساره الصحيح وبمناسبة الجنوب غابت الحركة الشعبية عن مؤتمر الوطني وقد تم تجاوزها. «قفة الملاح.. لقد هرمنا من غلائها» خامساً: سعى الوطني والحكومة إلى تخفيف أعباء المعيشة وهو أمر جد لو لم يعمل الوطني على تداركه سيخلف تأثيرات سالبة وقد وجه البشير القطاع الاقتصادي بالاهتمام بهذا الملف وتعهد بكبح جماح الأسعار. الخارج.. تواصل من أقصى الشرق إلى الغرب سادساً، الملف الخارجي وقد وضح اهتمام الوطني بتمتين علاقاته الخارجية من خلال العدد الكبير من الضيوف الذين شرفوا مؤتمره حتى أن د.نافع اهتم بالأمر وذكر البلدان التي جاء منها أصدقاؤهم بالاسم والتي تجاوزت الثلاثين أهمها حليفهم الحزب الحاكم في الصين الذي حرص ممثله أن تترجم كلمته عبر مرافق من بني جلدته وقد امتدحوا البشير كثيرًا ما يدل على عدم تأثر العلاقات السودانية الصينية بانفصال الجنوب، وكذلك شارك الحزب الحاكم في تشاد أهم حلفاء الوطني من غرب القارة السمراء بجانب تنزانيا، إريتريا، النيجر، مالي، جنوب إفريقيا، كينيا، إثيوبيا، باكستان، ماليزيا، أندونيسيا، الهند، النمسا، فرنسا،المملكة المتحدة،ليبيا،العراق وتونس. «حزباً قدل فوق فوزو» سابعاً: وهو الأهم بالنسبة للحزب هو العمل على ريادة الحزب وما حققه في الانتخابات من كسب واكتساح على كل المستويات وكان البشير أمس الأول في الشورى ومع تواضعه بأنهم لا يريدون أن يحكموا لوحدهم ويضعون رجلاً على رجل إلا أنه وصف الوطني بالحصان الكبير كونه حزباً حاكماً، وفي هذا السياق ثمّن الرئيس دور القوات المسلحة وحتى ممثل الأحزاب د. جلال الدقير امتدح دور الجيش وهو مسألة حقيقية وقد قال لى عقب الجلسة أمين التنظيم والقيادي بوطني جنوب كردفان أحمد صباحي لا أحد يعرف عزة القوات المسلحة مثل مواطني جنوب كردفان. وأشار البشير إلى استتباب الأمن بانتقاده المعارضة وإشاعتها اضطراب الأحوال إذ انتقدهم وبقسوة بالقول هناك من يتحدثون عن عدم استتباب الأمن وهم يأكلون أشهى الطعام ويركبون أفخم السيارات في شوارع الخرطوم المسفلتة لكن في نظرهم رمد». محطات ما قبل المؤتمر قوش والرزيقي.. حديث ليس للنشر ظهر الفريق المهندس صلاح عبد الله «قوش» في المؤتمر ودعاه أستاذنا رئيس التحرير الصادق الرزيقي للجلوس بجانبه وقد استجاب الرجل خاصة وأن القاعة قد امتلأت بكاملها وتقاسم البعض الكرسي الواحد بل أن رئيس حزب الأمة القيادة الجماعية الصادق الهادي وقف لدقائق حائرًا باحثاً عن مكان وكذلك والي البحر الأحمر قبل أن تحل المراسم مشكلتهما اليسيرة.. المهم جلس قوش بجوار الرزيقي وكأنما كلا منهما كان ينتظر مقابلة أخيه وقد دخلا في حديث هامس لفترة طويلة حتى أن البعض كان ينوي إلقاء التحية لقوش ومنهم وزير إلا أن بعضهم ذهب في حال سبيله بعد أحس بأهمية ما يدور بين الرجلين وحتى لا نلح على أستاذنا بالكشف عن ما دار، فواقع الحال يقول إنه حديث ليس للنشر لكن بالقطع لا يخلو من الشأن العام والحكومة المقبلة سيما وأن بعض الصحف «ألفت» على قول الرئيس البشير وسمت قوش للوزارة كما أن الحديث قد لا يخلو من الشأن الدارفوري، والرجلان يعرفان أدق تفاصيله التي هي ليست للنشر.. حضور قوش للمؤتمر مسألة جيدة في حد ذاتها بعد إبعاده من منصبيه الحكومي والتنظيمي مايدل أن المؤتمر يجمع ولا يفرق. السيسي.. ضيف من الدرجة الأولى احتفى البشير برئيس حركة التحرير والعدالة التجاني السيسى وامتدح اتفاق حكومته مع حركته كما لم ينسَ مجهودات حليفهم الأكبر دولة قطر التي شارك وفد منها في المؤتمر.. الترتيبات مع السيسي ورفاقه تسير على قدم وساق وقد أكد ذلك والي شمال دارفور عثمان كبر الذي حاولت جهات ما خلق فتنة بينه والتحرير والعدالة. المصريون.. قلوبهم بين السودان ومصر كلمة قوية تلك التي ألقاها رئيس حزب الوفد د. السيد بدوي وقد حيّا في مفتتحها الحضور باسم الثورة المصرية وأشار إلى مدى يقينه بقلق السودان لما يجري في بلادهم، وقد علمت أن الوفد المصري سيغادر صباح اليوم وقد التقى الرئيس البشير صباح أمس بينما التقت جماعة الإخوان المسلمون في مصر بالنائب الأول عصر أمس. الدقير يدعم البشير قدم رئيس الاتحادي جلال الدقير كلمة نيابة عن الأحزاب وكان فيها «نفس» المؤتمر الوطني ولكن الحق يقال إن الرجل في كثير منها أبدى مواقف جعلت أنصار الوطني يتجاوبون معها عندما أبدى سعادته بموافقة الاتحادي الأصل المشاركة وخاطب البشير مباشرة قائلاً « سنتحمل معكم المسؤولية ليس بحجم أنصبتنا في السلطة وسنتحملها كاملة بكل تبعاتها وسنكون خلفك في المسيرة. جبهة الشرق.. مشاركة الصديق ذهب قيادات جبهة الشرق الثلاثة كل إلى حال سبيله وكوّن كل منهم حزباً وقد شوهد في الصف الأول مستشار الرئيس موسى محمد أحمد والوزير مبروك سليم وبجواره الوزيرة آمنة ضرار.. مشاركة قيادات الشرق مهمة للوطني وتعني أن اتفاقه مع الجبهة ما يزال بخير فضلاً عن مشاركة ولاة الشرق الثلاثة وقيادات حزبهم وقد ظهر بعد طول غياب والي البحر الأحمر محمد طاهر إيلا. المهدي معذور تقدم القيادي بحزب الأمة من شباب المراسم بهاء الدين الذي يتبع للشبكة الطلابية وقال له «حزب الأمة القومي» وأجلسه بهاء في الصف الأول فى مكان خصص لرئيس الأمة القومي الصادق المهدي.. تاج الدين أبلغ «الإنتباهة» أن المهدي في القاهرة وسيحضر اليوم وربما يشارك في الجلسة الختامية.. مشاركة حزب الأمة تبعث التفاؤل في إمكانية مشاركته والتي اقتربت في شخص نجل المهدي وآخرين رغم تبرؤ المهدي من ابنه سياسياً. عدد من الأحزاب شاركت الوطني مؤتمره منهم الأمة الفدرالي بقيادة د. أحمد نهار والاتحاد الاشتراكي بقيادة محمد أبو بكر بينما لم تقع عيني على أنصار السنة الذين خذلوا الوطني في انتخابات جامعة الخرطوم.