مهرجان آمال السينمائي الدولي للسينما العربية الأوروبية والذي تقيمه مؤسسة الأرجواني جسر الثقافات بمدينة سانتياغو دي كومبستيلا بإسبانيا من المهرجانات التي تتميز بطابع حميم في التلقي والتحاور والتواصل مابين إدارة المهرجان والضيوف والمشاركين والجمهور الحاضر من داخل وخارج إسبانيا هذا رأي الكثير من صناع الأفلام الذين شاركوا في نسخته التاسعة «آمال11» بين 24 و29 أكتوبر 2011 والتي جاءت تحت كلمات ثلاث حاولت أن تكون أقرب لواقع العالم العربي الذي يمر بتحولات لا تخفى على عين فكانت ثلاثية إنشاد هذه النسخة خبز سينما حرية. احتضنت هذا الحدث المدينة المقدسة لدى الأوروبيين أو قلب أوروبا المقدس كما يحلو لمؤسس ومحتضن المهرجان الدكتور غالب إبراهيم تسميتها مدينة سانتياغو دي كومبستيلا وهي واحدة من أجمل مزارات أوروبا السياحية وأهم معلم فيها الكاتدرائية التي يحج إليها المسيحيون من مختلف بقاع العالم. وفيها قبر القديس يعقوب الكبير والبلدة القديمة التي تمثل الشق المقابل لحداثة أبنية الجانب العصري هذا التباين أعطى رحلة التجوال فيها الكثير من الجاذبية. مسرح التياترو برينسبال كان شاهداً على أمسية استثنائية في افتتاحية آمال 11 والتي دوزن لحظاتها برقة الأخوان جبران وهي فرقة عود ثلاثية هم سمير وعدنان ووسام من الناصرة في فلسطين قدموا فواصل موسيقية أبهجت الحضور سبق ذلك هدير القرنفل الأحمر منذ صبيحة اليوم حيث قدم مجموعة كبيرة من الشباب والشابات المتطوعين في المهرجان مئات من ورد القرنفل الأحمر لسكان المدينة وزوارها معلنين احتفاءهم بنسخة جديدة من المهرجان الذي يقام سنوياً منذ التأسيس في العام 2003 هذا التنظيم من خلال الاستعانة بمجموعة كبيرة من المتطوعين الشباب في كافة النواحي ومن جنسيات مختلفة أضفى بعداً حيوياً على أجواء الفعالية التي اتسمت بدقة عالية من ناحية مواعيد العروض والأنشطة المصاحبة كل ذلك يراه المتابع يسير بهارمونية أخاذه وتجبرك حفاوة الاحتفاء أن ترسم بداخلك انطباعاً ايجابياً عن كل لحظة. فلاش باك في موقع المهرجان على الإنترنت نقرأ هذا العنوان «السنة التاسعة للمهرجان الدولي للسينما الأوروبية العربية آمال تحطم الأرقام القياسية في عدد المشتركين». بتاريخ مارس 2011 إذاً فللأحلام متسع أن تكبر تحت الضوء هذا ما همس به غالب جابر مارتنيث مدير المهرجان لنفسه عندما قرأ ذلك وسرى في جسده إحساس أكبر بالمسؤولية فالواقع بدأ يرتفع ليصل إلى أمل قديم زرع في فضاء ملائم المناخ وإن بدا عصياً حيناً وجباناً في أحايين لكن مايهم أننا الآن أكبر وفي كل عام نكتسب مرافقين على هذا الطريق يقول غالب: «الحرية تعبر عن نفسها في هذه الطاقات الشابة من الوطن العربي القارة العجوز باتت تتطلع لهكذا من ينعشها الخبز لا أحد يستطيع العيش من دونه والسينما هي أحد أقوى الجسور التي تلغي المسافات بين العوالم والخبز والسينما يقودان إلى الحرية قبل زمن عندما قرر والدي عمل مهرجان سينما في مدينة سانتياغو اختار اسم أمل وللمفردة قدرتها على شرح ذاتها وعندما سار المهرجان في درب عطائه تحصلنا على آمال نحصدها عندما تشاء وتزرع فينا حضورها وقتما نشاء وبعزيمتنا نتفق على استدامة تجددها في كل عام كأرجوانة تعرف الطريق إلى نضارة قد تغيب حيناً ولكنها سريعاً ماتعود لا أحد لا يحب العيش في الحرية». دي كومبستيلا عندما تتكئ على المغيب كل شيء يسلب الألباب تترافق مع الحاضرين من وسائط الإعلام المختلفة من البلدان العربية والأجنبية مصر تونسفرنساإسبانيا والمغرب في رحلة العادة إلى التياتروبرينسبال في البلدة القديمة مكان عروض معظم الأفلام ماعدا عرض الثانية عشر ظهراً والذي يقام بمعرض كاروني بمقر مؤسسة الأرجواني الطريق المبلول بمطر خفيف يسطع بنور شمس هربت من الغيوم التي تسكن الفضاء فوق الرؤوس ترسل أشعتها الواهنة الباردة بلون وتحتفظ هي بالدفء النادر. العائدون من رحلة عمل، الواقفون قرب الطريق في انتظار لحظة عبور من جهة الحديقة إلى البلدة الجالسون في مقاهي امتدت مظلاتها البيضاء في توازٍ أمامها يحتسون ما توفر من كافيين، والصبية في رحلة العيد اليومية وموسيقا عازفي جيتارتان ليستا كاللتين ذكرهما محمود درويش.. جيتارتان تتبادلان موشحاً وتقطعان بحرير يأسهما رخام غيابنا عن بابنا .. وترقصان السنديان.. جيتارتان.. أبدية زرقاء تحملنا وتسقط غيمتان في البحر قربك ثم تصعد موجتان.. فوق السلالم تلحسان خطاك فوق وتضرمان.. ملح الشواطئ في دمى وتهاجران .. جيتارتان. هما جيتارتا بارعين يرقصان الضوء والخصلات الذهبية والعطر المشتهى. والقرنفلات التي تقودك بحمرتها إلى موقع عرض السادسة مساء والذي خصص للأفلام القصيرة كما هو الحال بالنسبة لعرض منتصف النهار وفي هذه الفئة نجد الأفلام الروائية والوثائقية وقد شاركت أفلام داخل وأخرى خارج المنافسة وهي: الأفلام الروائية القصيرة «مختار»، لحليمة أوردير «الغسيل الوسخ»، لمالك عمارة «سبيل»، لخالد المحمود «خالد»، دانيا لغرابنر«الحياة القصيرة»، لعادل الفاضيلي «فياسكو الفشل»، لنادية حمزة «كتم الصوت»، مؤيد عليان «قراقوز»، لعبد النور زهزه. أما الوثائقية القصيرة فهي: «بأي طريقة»، لشايلا مينونومونر والكسندرا «المدينة» ،لغونزالوبالستر «يوم في سمارة»، لفاني ديلاتشيكا «رسائل إلى فلسطين»، لراشد المري «بلا عنوان»، لنيلبلوفة تنوعت طرائق التعبير في هذه الأفلام كما هي العادة في المهرجانات عن الأحوال الإنسانية ومحاولات الشخصيات أبطال الأعمال بشكل فردي أو جماعي لتغيير واقعهم أو حتى من خلال مشاركة أطراف أخرى تنقل هذا الواقع للخارج رغبة منهم في هذا التغيير كالفيلم الوثائقي الفلسطيني الفرنسي الذي يحكي عن تجربة صانعيه في غزة حيث ذهبا لنقل واقع الحال اللذان يصطدمان بكارثيته فيتعاونان بعلاقاتهما مع مندوبى حقوق الإنسان لفعل شيء. أو الفيلم الإماراتي رسائل إلى فلسطين والذي يحكي عن عمليات تجميع أصوات عربية لمؤازرة الفلسطينين تحت الاحتلال وهنالك القصيدة الخالدة لقسطنطين كفافيس «المدينة» معبراً عنها في الفيلم الأسباني المغربي بذات الاسم الإحساس بالهزيمة ورغبة المهاجر في العودة إلى بلدها المغرب بعد عدة سنوات قضاها في إسبانيا. قصة شخصية لكنها تعكس قدر الكثيرين.