المملكة العربية السعودية هذه البلاد الطاهرة الطيبة النقية منبع الرسالات ومهبط الوحي ويكفي أن بعث فيها خير البشرية محمد بن عبد الله خاتم النبيين وسيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ليكون للعاملين نذيراً. بل هي قبلة المسلمين وملاذهم عند الشدائد ووقت الضيق والفرج معاً. وتربطنا بالمملكة العربية السعودية علاقات أزلية روحية وثقافية واجتماعية، وبعبارة أدق فالمملكة العربية السعودية هي الأم الرؤوم لكل العالم الإسلامي وقبلة الأنظار والهدى المبين.. هاجر إليها العديد من أبناء وطني رسل المحبة والسلام بل سفراء السودان وقد انتشروا في أرجاء المملكة كافة وكانوا وما زالوا بحق وحقيقة خير سفراء لبلادهم والرقم الأول على مستوى الجاليات وذلك بشهادة المواطن السعودي نفسه وهذه شهادة يعتز بها كل سوداني ووسام شرف على صدره. خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وقواه قام بأدوار فاعلة ومتعاظمة تجاه الإسلام والمسلمين.. ولا يخفى على أحد الدور الذي تقوم به المملكة العربية السعودية في رأب الصدع وإصلاح ذات البين والسعي الجاد والمتواصل للم شمل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها وتوحيد صفهم بعدما توحدت قبلتهم. فالمملكة العربية السعودية لها ثقلها في العالمين العربي والإسلامي بل العالم أجمع.. فيد المملكة هي الطولى عند المحن والشدائد وساعة العسر واليسر ويتضح دورها في ذلك جلياً عند الكوارث والفيضانات والزلازل والمجاعات.. فكم من جائع أطعمته وكم من بات في العراء آوته.. وهذه شهادة حق لا بد أن تقال. كما لا يخفى دور المملكة العربية السعودية الفعال في المنظمات والهيئات. هذا والمتتبع لمسيرة المملكة يجد أن دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام قد أصابت «رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ». وطيف هاجر وهي تستروح الماء لنفسها ولطفلها الرضيع في تلك الحرة الملتهبة حول البيت، وهي تهرول بين الصفا والمروة وقد أنهكها العطش، وهدها الجهد وأضناها الإشفاق على الطفل، ثم ترجع في الجولة السابعة وقد حطمها اليأس لتجد النبع يتدفق بين يدي الرضيع الوضيء. وإذا هي زمزم ينبوع الرحمة في صحراء اليأس والجدب. «رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ». فالشيء الذي يسعد القلب ويفرح النفس ذلك الأمن والأمان اللذان تنعم بهما المملكة العربية السعودية، وهذه نعم من نعم الله علينا لا يشعر بها الإنسان الذي يعيشها، ولكن متى ما افتقدها الإنسان فإنه يحس بها وكما قال الشاعر: عجلات التاريخ تجري سراعاً وهي تطوي الزمان باعاً فباعاً فالمملكة العربية السعودية هي الأم الرؤوم لكل العالم الإسلامي وفي شتى بقاعه حيث تضم المسلمين في كل عام في موسم الحج هذا المؤتمر الجامع للمسلمين قاطبة.. مؤتمر يجدون فيه أصلهم العريق الضارب في أعماق الزمن منذ أبيهم إبراهيم الخيل «مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا».. ويجدون محورهم الذي يشدهم جميعاً إليه.. هذه القبلة التي يتوجهون إليها جميعاً ويلتقون عليها جميعاً ويجدون رايتهم التي يفيئون إليها.. راية العقيدة الواحدة التي تتوارى في ظلها فوارق الأجناس والألوان والأوطان.. ويجدون قوتهم التي قد ينسونها حيناً.. قوة التجمع والتوحد والترابط الذي يضم الملايين.. الملايين التي لا يقف لها أحد لو فاءت إلى رايتها الواحدة التي لا تتعدد.. راية العقيدة والتوحيد.. وهو مؤتمر للتعارف والتشاور وتنسيق الخطط وتوحيد القوى وتبادل المنافع والسلع والمعارف والتجارب وتنظيم ذلك العالم الإسلامي الواحد الكامل المتكامل مرة في كل عام، في ظل الله بالقرب من بيت الله وفي ظلال الطاعات البعيدة والقريبة والذكريات الغائبة والحاضرة في أنسب مكان وأنسب جو وأنسب زمان. فالعلاقات السودانية السعودية وفي كل يوم تشرق فيه شمس الصباح وتتفتق زهور وورود المحبة والمحنة والإلفة والإخوة الصادقة نجد أنها تزداد قوة ومنعة وأكثر صفاءً ونقاءً ووداً وترابطاًِ وتماسكاً.. فالصندوق السعودي للتنمية فقد أسهم مساهمة فاعلة وكبيرة ومقدرة وذلك بتقديم التمويل اللازم لمشروعي سد مروي وسكر النيل الأبيض بما قيمته «375» مليون ريال لصالح هذين المشروعين، وكذلك أسهم بنصيب وافر في تعلية خزان الرصيرص هذا إلى جانب المشروعات الاستثمارية الأخرى وجهد الخيرين من المملكة العربية السعودية في بناء المساجد ودور العبادة في مناطق السودان المختلفة والعطاء ما زال مستمراً في مناحي الحياة، والاستثمارات السعودية بالبلاد في المجالات الزراعية والصناعية إضافة لتسيير المملكة لجسور جوية إلى مطار الخرطوم مساهمة منها لمتضرري السيول والأمطار والفيضانات التي اجتاحت أجزاء واسعة من السودان إبان خريف هذا العام والأعوام السابقة مما كان له الأثر البالغ في نفوس المواطنين بصفة عامة وعلى وجه الخصوص الذين تضرروا من جراء هذه الكوارث الطبيعية. علاقة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى وخير دليل على ذلك الزيارة التي قام بها أخيراً رئيس الجمهورية للمملكة ومشاركة حجاج بيت الله الحرام من السودان في غسل الكعبة وكسوتها والتقائهم بأشقائهم السعوديين في هذا المؤتمر الإسلامي الجامع الذي توافد إليه الناس من كل فج عميق.