شاهد بالصورة.. الطالب "ساتي" يعتذر ويُقبل رأس معلمه ويكسب تعاطف الآلاف    شاهد بالفيديو.. الفنانة ميادة قمر الدين تعبر عن إعجابها بعريس رقص في حفل أحيته على طريقة "العرضة": (العريس الفرفوش سمح.. العرضة سمحة وعواليق نخليها والرجفة نخليها)    شاهد بالفيديو.. أسرة الطالب الذي رقص أمام معلمه تقدم إعتذار رسمي للشعب السوداني: (مراهق ولم نقصر في واجبنا تجاهه وما قام به ساتي غير مرضي)    بالصورة.. مدير أعمال الفنانة إيمان الشريف يرد على أخبار خلافه مع المطربة وإنفصاله عنها    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    قرارات اجتماع اللجنة التنسيقية برئاسة أسامة عطا المنان    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    شول لام دينق يكتب: كيف تستخدم السعودية شبكة حلفائها لإعادة رسم موازين القوة من الخليج إلى شمال أفريقيا؟    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى «17» نوفمبر القيادي الإسلامي أحمد عبد الرحمن محمد في إفادات جديدة (1 2):

يبدو أن ملامح الخريطة السياسية قد بدأت تتشكل في الأفق القريب على منهج الوفاق الوطني والتوافق السياسي، هكذا تبدو الصورة أكثر وضوحاً في غالب الحراك الذي يدور الآن والذي لم يتبلور بعد، فالكل لا يزال يتمنى أن يترجم هذا الحراك لتقترب التجربة السياسية المقبلة من عمر السودان من الإفصاح عن نفسها بشكل أوضح، الكل يطالب بأرضية مشتركة وحد أدنى من التوافق في هذه المرحلة بين أهل الحكم وأهل المعارضة، والكل يحاول أن يوجه رسالة لنفسه كيف يبدو المشهد السياسي في ظل تعاظم التحديات وبأي المداخل ستصوب الحكومة والمعارضة نحو أهداف المرحلة، وفي هذه الأثناء كثير من حكماء السياسة من المخضرمين والمعاصرين يقدمون النصائح تلو النصائح لأحزاب الحكومة والمعارضة على حد سواء منبهين من المخاطر المحدقة بالبلاد. ولقد قدم القيادي الإسلامي الأستاذ أحمد عبد الرحمن محمد نصائحه لكافة القوى السياسية بدءاً من الحزب الحاكم المؤتمر الوطني، وقال في حوار أجرته معه «الإنتباهة» في ذكرى ثورة 17 نوفمبر (انقلاب عبود) قال إن الضرورة تقتضي البحث عن ماعون أوسع وأكبر يجمع كل أهل السودان مستشهداً بالجهود التي تبذل الآن في سبيل جمع الإسلاميين، مشدداً على الدعوة لهذا الاتجاه يجب أن تؤخذ مأخذ الجد، وأضاف: الآن لا توجد خلافات كبيرة لتحقيق هذه الغاية قياساً في ذلك على القواسم المشتركة الموجودة، وحيا أحمد عبد الرحمن التلاقي الأخير الذي تم بين د. الترابي مع البشير وعلي عثمان داعياً إلى امتداد هذا التلاقي ليشمل الميرغني والصادق المهدي.
نسأل أولاً قبل الدخول في المواضيع المعاصرة عن ما تبقي من ذكرى 17 نوفمبر (انقلاب عبود)؟
بالنسبة لانقلاب 17 نوفمبر 1958م كنت أعمل ضابط مجلس في كسلا وأنتمي وقتها للحركة الإسلامية ووقتها أيضاً كنت أقطن في منزل العميد عبد الله الطاهر بكر عليه الرحمة وكان ذلك داخل الحامية، وأذكر عادة ما كان يخرج في الصباح الباكر لحضور الطابور العسكري، وفي ذاك اليوم هو لم يكن لديه أي فكرة عن حدوث الانقلاب، فعندما عاد من القيادة العسكرية قلت له إن الإذاعة تم فيها إعلان الانقلاب وقال لي صحيح لقد تم تنويرنا في الطابور العسكري بذلك، وبالتالي دائماً أنا ما أقول إن الانقلاب هو طبخة صنعها عبد الله خليل إلى حد كبير جداً بوصفه رئيساً للوزراء في ذاك الزمان.
هل قدم ذاك التفسير الذي حسب على حزب الأمة إذا كان ذلك وقتذاك أي إضافات أو إضاءات إيجابية في حصاد التجارب السياسيّة السودانيّة؟
ذاك التغيير الذي تم يعطي مؤشراً بأن مصر هي دولة مهمة في المسألة الجيوسياسية للسودان، وأعتقد أن هناك في ذاك الزمان قوى وطنية كبيرة جداً لم يكن تقييمها لمصر سليماً، فتلك القوى كانت تعتبر مصر هي المهدد الأساسي لاستقرار السودان وهذه رؤية كانت فطيرة جداً وكان توجهاتها أقرب لبريطانيا والمستعمر أكثر من القُرب من التيارات القومية والعربية في المنطقة، ولهذا وخشية من ذلك جاء انقلاب 71 نوفمبر، والقوى الوطنية ممثلة في الحزبين الكبيرين هي وافقت على الانقلاب وباركته وبعد مدة طويلة من بعد ذلك عارضته وكونت الجبهة الوطنية.
ونحن في ذاك الوقت كان عددنا قليل ولكن عندما جاءت المعارضة دخلنا وكان يمثلنا الأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد، والعقلية التي كانت تحكم آنذاك كانت لا ترى فينا غير أننا طلاب فما اهتمت لذلك، ولهذا كانت كل الاعتقالات منصبة في باقي المعارضة الوطنية بقيادة الراحل الإمام صديق عبد الرحمن المهدي ولم يعتقلوا القيادات الإسلامية وقتذاك مع أنهم كانوا نشطين في المعارضة والتي كان وعاؤها هو الجبهة الوطنية ضد نظام عبود.
أنا أتصور أن نظام عبود كأول تجربة للسودان في أن يحكم عسكرياً كان نظاماً محترماً ويحمل نوايا طيبة من العسكريين وقطعاً كان قلبهم على البلاد، وكان إلى حد كبير مظهرهم في الحكم نابع من المفهوم العسكري الصرف في الدفاع عن البلد وحمايته، ولذلك سجلوا مواقف مشهودة في موضوع التمرد في الجنوب وفي نفس الوقت رؤيتهم قاصرة هناك وكان الخطاب السياسي ضعيف جداً ولكن التركيز كان على التنمية والخدمات، فحققوا إنجازات كبيرة لا تزال موجودة، ولكن عبود لم يكن متابعاً بدقة لمجريات الأمور، ولهذا فإن السياسات الخاطئة نحو جنوب السودان والتي كانت من المنطلقات العسكرية فقط أقل ما يوصف أنها كانت فظيعة رغم الإنجازات الكبيرة التي حققها نظام عبود هناك، فمشكلة نظام عبود لم تكن في الشمال بل كانت هي في سوء استخدام السلطة في الجنوب.
وأنا أذكر جيداً حينما كنت في هولندا زارني د. حسن الترابي وقال لي هل فرغت من رسالة الماجستير وكان وقتها هو قد انتهى من رسالة الدكتوراه وطلب مني الذهاب للسودان قبل شهر أكتوبر 4691م، وحقيقة لم أكن أرغب في العودة من أوروبا مستعجلاً خاصة أن المقام قد طاب لي هناك، وبالفعل عندما عدت للخرطوم شعرت بأن الحركة الإسلامية حقيقة هي التي بدأت تبشر بنهاية نظام عبود رغم كل الإنجازات التي حققها لسبب واحد فقط هو سوء استخدام السلطة في الجنوب، ولم يشفع لنظام عبود وقتها أنه نشر الإسلام واللغة العربية هناك.
وعندما جئت للخرطوم كما ذكرت قدمت نفسي ووجدت الترابي ومعه زيادة أرباب وكان وقتها وزيراً للتعليم والبروفيسور محمد أحمد شبرين وكان الترابي يتحدث وقتها عن التغيير وضرورته وفي ذاك الوقت لم يكن يتحدث أي شخص عن التغيير، واستشهد الترابي في قوله بالطلاب في إيطاليا وفرنسا والذين حققوا التغيير في بلدانهم، وأذكر أن زيادة أرباب قد علق قائلاً: «الطلاب هنا لن يستطيعوا قلب تربيزة ناهيك عن سلطة»، فذهب الرجل وقتها قاطعاً الحديث ونحن بدأنا مشوارنا ذلك بأن الحركة الإسلامية لا بد من أن يكون لها سبق في إنهاء ذاك النظام للسبب الذي ذكرته لك والذي هو سوء استخدام السلطة في الجنوب، وليس بسبب عدم وجود حريات في الشمال.
إذن انتفاضة 21 أكتوبر ضد نظام عبود قد بدأت شرارتها بذاك الحراك والحديث حول ضرورة التغيير أليس كذلك؟
حقيقة المناخ كان مواتياً وبالفعل أنا أعتقد أن د. الترابي قد جسد هذا في آخر ندوة ومن خلال مذكرة كتبها باسم أساتذة جامعة الخرطوم، وهذه المذكرة التي قدمها بحكم أنه أستاذ نحن شاركنا فيها جميعنا، وأذكر أن هناك اثنين من الأساتذة رفضوا التوقيع على المذكرة لوصفهم لها بأنها مذكرة سياسية فيما وقع بقية الأساتذة على المذكرة وكان فحوى المذكرة أن الأمور لن تنصلح في الجنوب إلا بإنهاء النظام في الشمال.
هناك من شهدوا هذه الأحداث وقتذاك من فرقائكم السياسيين كانوا يقولون إن د. الترابي قد نشر هذه المذكرة في الصحيفة اليومية ولكن قال غير ذلك عندما تم استجوابه من قبل نظام عبود حول الفقرة الواردة في المذكرة (لن ينصلح الحال في الجنوب إلا بإنهاء النظام في الشمال) فما هو الصحيح هنا؟
هذه المذكرة تم إعلانها أمام كل الملأ ولم ينكرها أحد من بعد ذلك والذين رفضوا التوقيع عليها شخصين فقط عليهما رحمة الله وكانوا مهنيين وقتها وحجتهم كانت هي أن هذه مذكرة سياسية، فدخلنا نحن بهذا الفهم على أساس إيقاد الشرارة ونحن نعلم وقتذاك أن ثقلنا ضعيف ولا نستطيع بحكم حجمنا أن نتحكم في مآلات الوضع بعد إنهاء نظام عبود، ولذلك كان همنا هو نهاية النظام وأن يشارك غيرنا من يسار ويمين وغيره، وما ساعدنا على ذلك وجود المناخ الذي توفر في السودان عند كل المنظمات الفاعلة، ولذلك كانت ثورة 21 أكتوبر ضد نظام عبود قوامها وطابعها هم المثقفون وكانت هبة حقيقية، لذلك لا يمكن أن نقول إنه من منظورنا قد تمت تلك الثورة لأن هناك قوى كبيرة كانت لها مشاركات فاعلة جدًا خاصة المثقفين والطلاب.
وكان دائماً التحدي الموجود حتى الآن لهذه الأنظمة التي تنتهي بثورات شعبية أو انقلابات هو ماذا بعد، ولأننا بمجرد ما اتفقنا على سنة التغيير ليأتي من بعد ذلك حكم مدني ما كان هناك تصور ولا تهيئة لذلك، ولم يكن هناك من كل القوى السياسية أي تقدير للمرحلة ولذلك ما كان أمامنا نحن إلا أن نقف حجر عثرة أمام كل مخططات اليسار، وأنا قرأت كتاب محمد أحمد محجوب الذي كان يتحدث فيه عن محاولات اليسار أو الشيوعيين في تحويل الثورة لمصلحتهم، وأنا أداوم على قراءة هذا الكتاب حتى الآن لأن الرجل قد عاش معنا هذه التجربة بكاملها، وحقيقة نحن عندما شعرنا بأن اليسار يحاول جاهداً الاستئثار بتلك الحقبة التي أعقبت 21 أكتوبر تحركنا، وكان هدفنا هو دخول البلاد في مرحلة جديدة لا يتقدمها فصيل من الفصائل بل كل الشعب، فحدثت المواجهة بيننا وبين اليسار في ذاك الزمان وانتهت هذه المواجهة بعد أن تقوينا بالأحزاب التقليدية والتي كانت لا علاقة لها بأكتوبر، فذهبنا نحن كحركة إسلامية لتنشيطهم بعد أن شرحنا لهم المخاطر والمهددات المحدقة بالبلاد وكونا وقتذاك الجبهة القومية المتحدة، وبذلك استطعنا عمل كنترول ومارسنا ضغطاً كبيراً جداً على رئيس الوزراء في ذاك الوقت حتى يتم تكوين حكومة جديدة وبعد ذلك مضى المسار تقليدياً.
لأن الذكرى فرضت نفسها كمحطة تاريخية من عمر البلاد إلا أننا لا بد من أن نجد أنفسنا أمام الحاضر وحتى نربط الماضي بالواقع الذي نعيشه بعد كل تلك السنوات فهل تنوون كحركة إسلامية من الحراك الجاري الآن استنساخ وإحياء الجبهة الوطنية القومية المتحدة مرة أخرى؟
حقيقة لو تم هذا فيكون حينها هو الشيء المطلوب، فنحن الآن نبحث في ماعون أكبر يجمع أهل السودان، وبدأنا جهوداً كبيرة في سبيل جمع الإسلاميين وهذه الدعوة نتوقع أن تُؤخذ مأخذاً حميداً، على أساس ماهو خصمنا على الجهود الرامية لجمع أهل السودان في تجمع كبير جداً لأنه الآن لا توجد خلافات كبيرة بل أن القواسم المشتركة هي كثيرة، وهذه المسألة تجعل من البساطة أن يجتمع الناس في ماعون كبير يضم كل التوجهات الموجودة في البلاد حالياً، وخاصة فيما يتعلق بالأحزاب التقليدية والتي عجزت في أن تقدم نفسها للشباب في مواعين جديدة وخطاب جديد، ونحن قطعاً لا نقول إننا الأفضل أو الأحسن ولكن نسبياً نحن في الساحة أفضل بكوادرنا ومقدرتنا على التنظيم.
بذات القدر هناك آخرون قد ينظروا إليكم أنكم أصبحتم على غير ذلك فما ردك هنا؟
لا.. لا.. أي شخص مشاهد وموضوعي يشعر أن الحركة الإسلامية هي موجودة ومنظمة.
ألا تخشون من التمترس وراء هذا القول المعتمد دائماً على الزهو وإظهار القوة والمنعة؟
لا.. لا.. نحن لا بد من أن نقول إن منعتنا هي في جمع أهل السودان وفي خطاب مقبول لأهل السودان، ونحن نعوّل على الأغلبية الكبيرة التي لا تزال تعاني من ضيق في المعيشة وعدم توفر في ضروريات الحياة، لأنه من غير المعقول أن يكون السودان قد استقل في العام 1956م والحال حتى الآن كما نراه، وكل ما يقال ومهما ادعى الناس بأن هناك إنجازات تحققت مرئية ولكن مع كل ذلك هذا غير مبرر للحالة الموجودة الآن سواء في المستشفيات أو المدارس أو الطرق أو المطارات، فهذا كله غير مبرر لبلد استقلت سنة 1956م، ولهذا نحن نريد أن نجمع أهل السودان لنقول إن التحدي الذي أمامنا جميعاً كسودانيين كبير في مسألة توظيف إمكانات هذه البلاد.
هناك من ذهب بالقول من الإسلاميين الذين ينشدون الإصلاح السياسي وذلك بإعلانهم بأنهم يريدون إصلاح البلاد حتى ولو أدى ذلك لالتقائهم مع اليساريين كيف تنظر لمثل هذا القول؟
اليسار الآن هو مختلف جداً لأن اليسار الموجود الآن في السودان لم يعد الذي في اعتقادنا هو يسار عدائي للدين، رغم أن هناك بعض العناصر موجودة هنا وهناك وهذا شأن أي تجمع، وأنا أتذكر قيام ندوة في دار الحزب المجاورة لمنزلي وقتذاك في ضاحية بري، وهذه الندوة التي أُفتتحت بها الدار بدأ الافتتاح بتلاوة القرآن الكريم وتحدث من بعد ذلك عبد الخالق محجوب، وفي تلك الأثناء حدثت مشادات بين بعض العناصر التي كان يعشش في رأسها أن الفكر اليساري السوداني هو ضد الدين، فهنا التيار انقلب ووجد نفسه خارج الصورة فصاروا من بعد ذلك مثلهم مثل القوى التقليدية، وأنا كنت حضوراً في تلك الندوة بل وجالساً في الصفوف الأمامية، فنحن يجب أن لا نتوهم أن الحزب الشيوعي هو عدائي للدين، فهناك عيب كبير جداً كان لليسار قديماً والذي هو ارتباطه بالحزب الشيوعي الروسي أي كان من ضمن المنظومة العالمية الروسية، فهم إنجروا وراء ذلك وكان ذلك عيباً دفعوا الثمن الكبير لهذا السبب.
هل افتقد الحوار الوطني الآن الراحل محمد إبراهيم نقد؟
أنا أعتقد ذلك، وسبق أن قلت للراحل إن الحزب الشيوعي في بلاده قد انهار وأنتم إلى الآن تصرون عليه ولا تُقدمون حتى على تغيير الواجهة واللافتة، وقلت له لو أتيتم بحزب اشتراكي لكسبتم هذه البلاد جميعها، وذكرت له أن عبد الخالق محجوب عندما خاض الانتخابات في الدائرة التي ترشح فيها ظهر باسمه ولم يظهر بلافتة الحزب الشيوعي، وقلت له لماذا الإصرار على اسم الحزب بذات الاسم مع العلم أننا كإسلاميين غيرنا لافتاتنا أكثر من مرة، وكان رد نقد هنا واضح ذلك بأن قواعدهم هي من الصعب إقناعها بذلك.
على ذكر تغيير اللافتات الآن هناك حديث عن أن الحركة الإسلامية تريد تغيير اسمها ما صحة ذلك؟
حقيقة أنا لا استبعد ذلك لأن الأسماء ليست مهمة بقدر ما أن المهم هو المضمون، ونحن إذا اقتضى جمع أهل السودان كلهم في ماعون كبير نسميه أهل السودان فليس لدينا أي مانع، وأنا لا أتصور أن هناك ما يمنع ذلك إذا كان الموضوع هذا في مضمونه الأشياء التي يريدها أهل السودان.
في ظل التحديات الماثلة الآن ما هو المطلوب من المؤتمر الوطني في المرحلة القادمة لا سيما وأن الناظرين إليه يرونه لا يزال يزهو بالحكم؟
أنا دائماً أقول أننا في السودان بلد من البلدان المتخلفة، والعمل الذي نقوم به الآن هو خير وبركة والعافية درجات ويجب أن لا نطمع في أن نتحرك نحو عمل مقوماته غير موجودة.
والآن الناس يتحدثون عن وجود مراكز قوى وغيره، وأنا أعتقد أن التجمعات السياسية والاجتماعية بالضرورة أن يكون فيها مراكز قوى، ولكن مراكز القوى هذه منطلقاتها لا بد من أن تكون مصلحة الجماعة ومصلحة السودان، وهذه المراكز لن تتكسر إلا بالمزيد من التواصل والحوار، أما مسألة الزهو بالسلطة فهذه هي من التحديات التي تواجه المؤتمر الوطني، فالمؤتمر الوطني له قدرة كبيرة نحو إرساء القيم ورعايتها وهذه مسألة مهمة لأن القضية ليست هي لوائح ولا غيرها، وذلك حتى يشعر الجميع بأن الحكم ليس مسألة سهلة، والحكم في السودان مسألة معقدة ورضاء السودانيين صعب مهما تعلم تجد السقف عالياً، ولذلك فأنت بقدر الإمكان تقبل هذا التحدي وتحاول بقدر الإمكان تلزم نفسك بمرجعياتك وتتواضع لأن هذه هي الطرق التي يحترم فيها السودانيون الحاكم.
الحديث عن وحدة الإسلاميين ظل نغمة ممجوجة ومتكررة والكل يرى ضجيجاً ولا يلمس طحيناً ما الحكاية؟
وحدة الإسلاميين بالمفهوم التقليدي مسألة تجاوزها الزمن، ولكن ستأتي صيغ جديدة تجمع الإسلاميين بالمفهوم الواسع، فالمطلب القادم هو جمع أهل السودان جميعهم في ماعون كبير.
كيف تنظر لأشواق د. حسن الترابي في ذلك ولتحمسه الأخير هنا؟
د. الترابي قطعاً تقدم به العمر وأنا كذلك، والإنسان كلما تقدم به العمر يحرص على عمل الآخرة، وأنا حقيقة آخذ حديثه بصدق شديد ولا نقلب هنا صفحات الماضي لننظر لهذا الحديث أو ذاك، فنحن ما يهمنا هو اليوم، فالترابي هو رجل كبير وقائد والشيء من معدنه لا يُستغرب ونحن عشنا معه منذ العام 1949م وهو قلبه على هذه البلاد وهو دائماً يهمه الرأي الآخر وهو الآن يسعى لتقريب المعارضة وفي نفس الوقت عُراب الحوار الوطني ولا أحد يستطيع أن يخدش في هذا.
وتوجهات د. حسن الترابي الجديدة هذه تطمئن الجميع بأن البلد بخير وعلاقاته الآن هي طيبة مع رئيس الجمهورية ومع علي عثمان والآخرين، وهذا كله يجب أن لا ينظر له على أساس أنه خصماً منه بل العكس، نحن نتمنى أن تكون العلاقات أوسع مع السيد محمد عثمان الميرغني والصادق المهدي ومع كل أهل السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.