من الحكم المأثورة عن الرئيس البوسني المسلم/ عزت بيجوفيتش رحمه الله أنه نصح مسؤولي الحكومة المعنيين ب «القضاء على وباء الملاريا» الذي بات يهدد صحة مواطنيه، خاصة النساء والطفال بأن يتجهوا إلى «تجفيف مستنقعات المياه الآسنة» في البلاد للقضاء على «يرقات إناث البعوض» بدلاً من إنفاق الأموال على المكافحة بأدوية ومبيدات لم تنجح في القضاء على الملاريا. مكافحة البعوض بثلج مطحون بحجم كرات البرد! وفي ألمانيا، يحكي الألماني أوليفر زامه قصة «20» سنة من عمله في مكافحته لليرقات السوداء التي تتحول إلى بعوض، ويقول: إنه ينضح الماء بدلو من أحد الأذرع الجانبية لنهر الراين بالقرب من ميناء «كارلسروه» النهري، «فهناك حشرة صغيرة تزعجنا» مشيراً بذلك إلى اليرقات السوداء التي تتحرك في المياه العكرة، ويبلغ عدد هذه اليرقات من سبع إلى ثماني يرقات، وهو بذلك عدد كبير بلا شك، لأنه خلال أسبوع واحد ستكون هناك ملايين من البعوض اللادغ إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة هذه الحشرات «عندها سيذهب الهدوء من حمام السباحة العام المجاور لهذه المنطقة» وهو ما يدعو زامه الذي يعمل في قسم مكافحة الحشرات في منطقة أوبرراين للبحث عن وسيلة لمكافحة هذه الحشرات! ويقول زامه : «يستوجب هذا الوضع إيجاد جهاز كبير، وبالتحديد طائرة عمودية، تقوم بإلقاء المبيد الحشري على هذه الحشرات اللادغة التي تطفو فوق مساحة كبيرة من مياه هذه المحمية الطبيعية، وجاءت شاحنة ثلج محملة بالخليط الثلجي القاتل لهذه الحشرات، وتقوم طاحونة بكسر الثلج إلى قطع صغيرة بحجم بلورات البرد ثم وضع هذه البلورات في حاوية معدنية بدت عند امتلائها وكأنها كوب هائل الحجم ممتلئ بالفشار، وأقلعت الطائرة العمودية وهى ترفع معها حاوية الثلج، وسرعان ما اختفت بحمولتها المتأرجحة أسفل جذعها حيث حدد أوليفر زامه المناطق التي سيلقى فيها هذا المبيد بدقة باستخدام نظام تحديد المواقع، وعندما وصل قائد الطائرة للمكان المحدد أمطر هذه المناطق بكريات البرد المسممة، وأفرغ شحنته من هذا البرد. أنثى البعوض تضع بين «60» و «80» بيضة «12» مرة في السنة: ثم يقوم الطيار بعدة طلعات مشابهة قبل أن يتم عمله وتأتي من بعده «قوات المشاة» التي تحاول القضاء على ما تبقى من هذه الحشرات يدويا «لأن الطائرة لا تستطيع الوصول للحشرات الصغيرة الموجودة عند حافة النهر» حسبما أوضح زامه وهو يرتدي حذاءه البلاستيكي ذا الرقبة الطويلة مضيفاً: «أعرف من خلال عملي على مدى عشرين عاماً كل فتحة تختفي فيها يرقات الحشرات، وأحياناً أتعجب لكيفية وصول الحشرات إلى هذه الأماكن». وأوضح زامه أن أنثى البعوض يمكن أن تضع بيضها «12» مرة في السنة وأن عدد البيض في كل مرة يتراوح من «60 » إلى «80» بيضة، وأن ذلك قدر كاف لحفظ نسل البعوض رغم استمرار مكافحته. وأشار زامه إلى أن البعوض يحب برك المياه العذبة التي تتكون بسبب الفيضانات التي كثرت هذا العام في ألمانيا!. واستخدمت الطائرة «15» مرة هذا العام لمكافحة البعوض مقارنة بخمس مرات في أعوام أخرى، وأشار زامه إلى صندوق به رمل وقال إنهم يستخدمون المزيج البروتيني القاتل الذي يستخدم في قتل البعوض عبر وضعه في هذا الرمل لضمان حسن توزيعه فوق هذه المساحات التي علتها الطحالب الخضراء من خلال نثره كما كان يفعل المزارعون في ألمانيا سابقاً عند نثر البذور يدوياً، ويتحلل البروتين في الماء قبل أن تأكله اليرقات وينهش أمعاءها «دون أن يسبب ضرراً للأحياء الأخرى في المنطقة»، وذلك حسبما أوضح نوربرت بكر، مدير قسم مكافحة البعوض اللادغ في منطقة أوبرراين والذي أشار إلى أن هناك في الوقت الحالي دراسة أخرى عن الآثار المحتملة لهذا المبيد على الأحياء الدقيقة وهو ما جعل زامه يأخذ عينة من مياه البرك قبل طلعات الطائرة العمودية وبعدها. وينظر حماة البيئة بعين الشك لهذه الجهود الجهيدة في مكافحة الحشرات في المحمية الطبيعية باستخدام طائرة عمودية غير عابئين بما يقوله العلماء من أن هذه المحاولات تصب في مصلحة طيور المحمية لأنها تقيها من خطر انتقال فيروسات قاتلة إليها، ورأى أندريه باومان، رئيس رابطة «نابو» لحماية الطبيعة في ولاية بادن فورتمبرج جنوبألمانيا، أن هذه الطيور قادرة على تحمل هذه الفيروسات دون مساعدة من الإنسان، غير أن حماة البيئة لا يستطيعون حشد الكثير من الأنصار وراءهم لمعارضة جهود مكافحة البعوض لأن الناس كانوا يعانون كثيراً من البعوض قبل بدء جهود مكافحته «حيث كان المزارعون يحمون أنفسهم أثناء العمل بجراراتهم في الحقول بسترات واقية تشبه لباس الغطاسين» حسبما أوضح زامه. كما أن نوربرت بكر، مدير قسم مكافحة البعوض اللادغ في منطقة أوبرراين، يذكر بدورات كرة القدم التي كان لاعبوها يتوقفون فجأة أثناء اللعب «لأن لون جميع اللاعبين أصبح أسمر مثل لون الحكم بسبب البعوض الذي كساهم»! المصدر: «د ب أ» من ميناء كارلسروه بألمانيا 1 جريدة الأهرام القاهرية العدد «45900» ليوم الثلاثاء19/ رمضان/1433 7/ 8/ 2012م.
