قبل أكثر من أسبوعين حزم المئات من أهالي المناصير أصحاب الخيار المحلي حقائبهم حيث لا شيء بداخلها سوى مسند وغطاء يقي زمهرير الشتاء واتجهوا صوب مدينة الدامر، ليستقر بهم المقام على مقربة من مباني أمانة حكومة ولاية نهر النيل، منفذين لاعتصام قالوا إنه بغرض الضغط على الحكومة لتنفيذ ما وصفوه بالحقوق، وطيلة هذه الفترة مازالت الأمور على ما هي عليه تجاه المطالب، غير أن والي الولاية الفريق الركن الهادي عبد الله محمد العوض، أصدر على الفور بياناً حمل جملة من الإشارات مفادها أن العمل بدولاب الولاية يسير وفق ما خطط له، وأشار إلى عدد من مشاريع التنمية والخدمات والاستثمارات وغيرها من برامج التنمية بالولاية بحسب ما جاء في البيان، بيد أن اللافت في البيان ما حمله من إشارات وصفها البعض بأنها محاولة لتبرير الفشل وإلباس ذلك ثوباً سياسياً، وذلك من خلال ما جاء في البيان، فبدلاً من أن يتصدى للقضية بوضوح اكتفى بالقول إنها شأن اتحادي، وهذا الحديث رفضه المناصير بقولهم: «كان على الوالي أن يكون داعماً لحل القضية والتحرك في اتجاه الحل لأنها شأن يخصه»، إلا أن تعامل حكومة الولاية لم يتخط هذا البيان وتأكيده، رغم مرور أكثر من خمسة عشر يوماً على اعتصام المناصير، وهو أمر يعطي المعارضة فرصةً للمزايدة حول القضية التي لم تنفِ الولاية عدالتها، وبالرغم من المحاولات التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني للوصول لحل بين الأطراف المعنية، إلا أن أصحاب المصلحة من الاعتصام مازالوا متمسكين بتنفيذ الحقوق كاملة، بيد أن وحدة السدود فضلت ألا تحرك ساكناً وفق ما ذكره اللواء «م» عثمان خليفة رئيس لجنة المتأثرين الذي أكد ل «الإنتباهة» أنه منذ أكثر من خمسة أعوام ظلت قضية المتأثرين من قيام سد مروي من الملفات الساخنة، وما أن تهدأ باتفاق يتم التوصل إليه من قبل الأطراف حتى تعود أكثر سخونةً، وعندها يصوب المتأثرون اتهامهم لوحدة السدود بعدم تنفيذ الاتفاق، وأكثر من ذلك سعيها لتعطيل تنفيذ قرار السيد رئيس الجمهورية ودعمه لمواقف المتأثرين. ومن الواضح أن اعتصام المناصير ألقى حجراً في بركة الولاية الساكنة طيلة هذه الفترة، وجعلها تموج وتتململ من سياسات الوالي تجاه عدد من قضايا الولاية، وأحدث حالة من الارتباك بحكومتها. وهو ما ظهر جلياً خلال نشاط الوالي وعبر إعلان في عدد من الصحف استمر لأكثر من أربعة أيام دعا فيه كل أبناء الولاية بالخرطوم للقاء تفاكري إضافة لمؤتمر صحفي يقام في ذات اليوم، ليفاجأ الجميع بإعلان صبيحة موعد اللقاء وعبر عدد من الصحف بإلغاء الحشد والمؤتمر الصحفي، بحجة إكمال خطط ورؤى المحليات في قضايا التنمية وتطوير القطاع الزراعي، إلى جانب التشاور لتنسيق الجهود الشعبية. ويبدو أن الأمور بالولاية تتجه نحو التصعيد، وأن أسلوب الاعتصامات بات ورقة ضغط تهدد عرش الفريق الهادي. وعلى نحو ما جري بالدامر وغير بعيد منها نفذ أهالي منطقة الحديبة اعتصاماً داخل أراضيهم بالمزارع المجاورة لمشروع الأمن الغذائي وفق ما ذكره المواطن الهادي سعيد رئيس لجنة المتأثرين بأن أراضيهم كانت عبارة عن حيازات وودياناً تاريخية قبل أن تشرع الحكومة في توزيعها على أعضاء المجلس التشريعي بالولاية. وعلى ذات المنوال انتقل التصعيد صوب محلية أبو حمد التي مازالت بدون معتمد ويدير شؤونها المدير التنفيذي وسط غياب للشفافية كما ذكر قيادي بالمنطقة فضل حجب اسمه، مؤكداً أنهم بصدد تنفيذ اعتصام قال إنه يفوق اعتصام المناصير، وأكد أن الأسباب تكمن في عدم إيفاء حكومة الولاية بالالتزام بتركيب وابورات لتوليد الكهرباء علاجاً لهذه المشكلة بالمنطقة. كما أن جنوب الولاية هو الآخر لم يكن بمنعزل عن الأحداث والمطالبة بحل القضايا الآنية، وتشير متابعات الصحيفة إلى أن قضية تقسيط الدفع للكهرباء في مناطق شمال محلية شندي مازالت تنتظر الحل، بعد أن التزمت الحكومة الاتحادية بدفع ما عليها وكذلك المواطن الذي دفع ما عليه من مبلغ قدره «3000» جنيه. وأخيراً هل ينجح والي الولاية الهادي عبد الله في التصدي لكل هذه العواصف بهدوء ودون خسائر بالتعاون مع المركز؟ الأيام القليلة القادمة ستقول كلمتها الحاسمة.