لقد «تجندرت» الإصدارة رقم «2» أكثر من سابقتها.. إذ جعلت علامة التأنيث والتذكير تطغى على كل صفحة من صفحات الإصدارة ولكنها إمعاناً منها في الحطّ من الجنس الآخر «الخشن» ومن الازدراء به جعلت علامة التأنيث شامخة ومرتفعة إلى أعلى بينما علامة التذكير مستخذية وحانية رأسها إلى أسفل. وكل ذلك من باب الهوس الديني الذي يتهمون به سواهم. قلنا إن هؤلاء الجندرمة يجوز لهم أن يعرفوا الحق ولكنهم لا يتصرفون بمقتضى هذه المعرفة.. بل يتصرفون أممياً ودولارياً في باب الأسس التي يقوم عليها الدستور وفي باب مصادر التشريع استنطقوا د. الطيب زين العابدين عن مقاصد الشريعة وبين لهم أنها خمسة وهي «حفظ الدين «أي عدم تزويره»، حفظ النفس، حفظ النسل، حفظ العقل وحفظ المال.» وقالوا هي أعز ما يملك المرء ويحافظ عليه أياً كان دينه ولا ينبغي أن تتعارض الأحكام الفرعية مع مقاصد الشريعة بحال من الأحوال.. وهذا كلام جميل ومنضبط.. لكنهم سرعان ما انتكسوا وارتكسوا وأضافوا أن حقوق الإنسان هي «إجمالاً وبوجه عام مجموعة القيم والمبادئ المشمولة بصكوك دولية وفق معايير عالمية والتي لا يمكن للناس من دونها أن يتمتعوا بكرامتهم كبشر. ويقولون: «حقوق الإنسان بهذا المعنى هي أساس الحرية والعدالة والسلام ومن شأن احترامها أن يتاح استخدام وتنمية إمكانات الفرد المادية والروحية بصورة مثلى». ليس ذلك فحسب بل أوردوا قائمة بأسماء الوثائق الأممية التي أقرت هذه الحقوق وهي: «الشرعية الدولية لحقوق الإنسان» «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966م» و«العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966م» إضافة إلى جمهرة من الصكوك الدولية التي تنص على ما ينبغي وما لا ينبغي للحكومات أن تفعله لاحترام حقوق مواطنيها». إن الدين الذي تدين به مجموعات الجندرمة هذه هو دين الأممالمتحدة وقرآن هذا الدين هو صكوك الشرعية الدولية وكل صك يمثل سورة من هذا القرآن الوضعي وكل بند أو مادة في كل صك يمثل آية من آيات هذا الكتاب. لذلك كما يفعل المتدينون فالوثيقة رقم «2» تستشهد بهذه النصوص وهذه العهود والصكوك ولكنها عندما تتحدث عن الحقوق الخمسة لا تستند إلى نص من كتاب الله سبحانه وتعالى ولا إلى حديث ولا نص من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك يستمر تخليط هذه المجموعة الذين يخلطون عملاً حسناً وآخر سيئاً.. فهم يقولون عن خصائص حقوق الإنسان. { متأصلة في كل فرد من حيث هو إنسان { واحدة بالنسبة لجميع البشر أي ذات طابع عالمي، وذلك بغض النظر عن العنصر والجنس والدين والأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الرأي السياسي أو غيره فالناس جميعاً يولدون أحراراً ويتساوون في الكرامة والحقوق. { ثابتة كحزمة غير قابلة للتجزئة في كل الأحوال وغير قابلة للتصرف فلا يحق لأي من كان أن يحرم غيره منها وحتى لو لم تعترف بها قوانين البلد المعين، كما أن هذه الحقوق تلازمها واجبات تقتضي احترام حقوق الآخرين. هذه الخصائص لا تختلف في كثير ولا قليل عن نظرة الإسلام الشمولية لحقوق الإنسان.. بل لعلي لا أعدو الصواب لو قلت إن هذه الخصائص مستمدة من نصوص الكتاب والسنة بلا اعتماد على مصدر آخر أياً كان نوعه.. لأن أي مصدر آخر سوى نصوص الكتاب والسنة معرض للتصرف والتبديل والتغيير.. لأنه كله من وضع بشر.. والبشر يزدادون علماً يوماً بعد يوم وعاماً بعد عام ودهراً بعد دهر فلا عيب في أن يبدو لهم من العلم والمعرفة ما لم يكن متوفرًا قبل.. وواضح جداً من جملة الخصائص التي لخصتها الإصدارة «2» فإنه لا دخل للجندر في مسألة حقوق المرأة ولا حقوق الرجل إنما هذه هي حقوقهم الإنسانية.. وليس هناك لأي واحد من الجنسين حقوق أخرى إلا فيما يتعلق بالخصوصية، ويجب أن نتأكد أن الخصوصية المتعلقة بالدور النمطي للرجل أو المرأة تعتبر حقاً ثابتاً وراسخاً.. وهي في ذات الوقت واجب على من يتمتع بها.. أما الخصوصية المتعلقة بالمسائل الأخلاقية والإنسانية والأعراف والتقاليد والمروءة والشهامة فهي لا تعتبر حقًا إلا بمقدار التزام المجتمع بها طوعاً واختياراً ودون إكراه أو إلزام. مثلاً الخصوصية تقتضي أن تجلس المرأة في المركبة العامة على حساب الرجل إذا ضاقت المقاعد.. ولكنها ليست حقاً لها.. وهي مع ذلك ضرب من التمييز الإيجابي الذي لا يفرضه القانون لأن كلا الرجل والمرأة ملزم بسداد قيمة الرحلة من حُر ماله ولذا فهما متساويان في الحقوق ولا يجدي أن نتعسف مع الرجل ونلزمه بالقيام لتجلس أخته المرأة لأن هذا عين الظلم.. وعين التمييز السلبي والضار. كذلك إذا التقى الرجل والمرأة في سفر في رفقة مأمونة أو مع مجموعة محارم فإن التكاليف الشاقة تقع كلها على كاهل الرجل وهو ضرب من ضروب التمييز الطوعي والاختياري الذي يتنازل فيه الرجل عن حقه..لأخته المرأة غريبة كانت أو قريبة. وإمعاناً في الأخذ بالهوس الديني الأممي العلماني فإن الاصدارة «2» تعنون: د/ واجبات وحقوق المواطنة والمواطنة وكيفية أدائهما لواجباتهما. مع إن هذا الهوس لا يأتي متسقاً ومطرداً في كل ما صدر عن مجموعة الجندرمة.. ولكنها تعنّ لهم أحياناً فيصرون على تأنيث المفردة بالرغم من قاعدة تغليب الذكر على الأنثى في الخطاب على الإطلاق سواء قلوا أو كثروا فلو أن ألف أمرة ومعهن رجل واحد فلا تقل جئتنّ أو أهلاً بكنّ ولكن قل جئتم وأهلاً بكم. مطلق الذكورة على الأنوثة المطلقة وأنا أوجه خطابي هذا لمدير جامعة الخرطوم إن كان لها مدير وإلى مجلس أمنائها إن كان لها أمناء كيف تخاطبون أمة الإسلام بهذا الصلف وهذا التعالي وهذا الغرور.. وكيف تسمحون لمن يخاطب أمة الإسلام عبركم مثل هذا الخطاب؟ هذا المنبر ليس ملكاً لكم ولا ورثتموه من أسلافكم. أنا أقبل من مدير الجامعة أن يدّعي الغفلة.. وأن هذه الوريقات مرّت عليه دون أن يشعر.. وأقبل من مجلس الأمناء أن يجأر أعضاؤه بمُر الشكوى من كثرة اللجان والمجالس والإدارات التي فُرضت عليهم حتى إنهم مضطرون لإهمال بعضها. أقبل ذلك حتى لا أتهمهم بأنهم تركوا دين الله وراءهم ظهريا وأنهم يفعلون ذلك لعلة أصيلة فيهم أو لأن جهة أممية «ماسكة عليهم زلة». فإن لم يكن شيء من ذلك على الإطلاق.. فلا بد إذاً أن يكونوا هم «ماسكين على الإنقاذ زلة» بمعنى أن الأمر كله يدخل في باب السيطرة.. وهو أمر يحسنه الأمميون والعلمانيون عبر الرشاوي.. والفساد الإخلاقي.. والماسونية. أقول ذلك بسبب ما قرأته في الإصدارة «2» في صفحة 10 بالرقم «6». { لجعل الدستور مراعياً للنوع الاجتماعي يجب أن ينص ذلك الدستور صراحة ومن غير لبس على الآتي فيما يخص: «أ» باب الحقوق والحريات السياسية والمدنية.. ما هذا الهوج؟ ما هذه الرعونة؟ هل هذا طرح فكري أم تعليمات تصدر من غرفة عمليات أو مجلس قيادة انقلاب؟ هل هؤلاء علماء أم مجرد «شماشة»؟ «يجب» أن ينص الدستور «صراحة» و«من غير لبس» على الآتي!! وكل هذه التعليمات والأوامر والتهديدات.. من أجل ماذا؟ تصوروا!!. { «الالتزام بالحريات وحقوق الإنسان كما جاءت في الشرعية الدولية وإعمال مبادئ التمييز الإيجابي. { منع التمييز بكافة أشكاله بما فيها التمييز على أساس النوع الأصل العنصري، أو الاجتماعي، اللون، الرأي السياسي، الدين، اللغة، الإعاقة، الوضع الصحي، الوضع الصحي الحمل ، العمر إذا كان هذا ما تأمركم به الشرعية الدولية فليمصص جميعكم «.......» الشرعية الدولية.. قبح الله مسعاكم وخيّب آمالكم أما تقرأون كتاب الله؟ أما تصلون؟ أما تصومون؟.. أين قرأتم عن النوع والجندر والنوع الاجتماعي؟ في أية سورة؟ أم في أية آية؟ أم في أي حديث؟ أتعبدون رباً سوى الله؟ أم لعلكم تنكرون البعث والنشور والجنة والنار؟ أم لعلكم من الذين يتمنون أن يمد الله في عمر «ترابيكم» حتى يرى المرأة إمامة في الصلاة قبل أن تكون رئيساً للجمهورية؟ إمام للصلاة له عجيزة؟! ورئيس للجمهورية يحيض وينفس «ويربض» ويطلق ويعتد.. ويقصده الخطّاب!! أجسام البغال.. وأحلام العصافير كيف بالله عليكم يكون حال البلد إذا طلقت رئيسة الجمهورية أو مات عنها زوجها.. أفٍ لكم ثم أفٍ.. أجسام البغال وأحلام ربات الجمال!!