الإخوة الأعزاء رفقاء السلاح قدامى المحاربين نُخصِّص صفحتنا اليوم ونحن نحتفل بذكرى عيد القوات المسلحة السابع والخمسين لنسلّط الضوء على مرفق تعليمي راقٍ يعكس ما وصلت إليه قواتنا المسلحة من تطوّر في مجال العمل والمعرفة وبناء قدرات أفرادها وقادتها في شتى مجالات العلم والتدريب، والتقانة والإبداع. كرري تحدّثنا في الماضي: عن رجالٍ كالأسود الضارية وعن معارك في التباب الحارقة وتحدّثنا اليوم: عن انطلاقة للعلم واسعة وعن سواعد عجمت بالسلاح والمعرفة مساهمة من «الاتكاءة» في إحياء ذكرى عيد الجيش رأينا إعداد صفحة عن مرفق علمي متطور وراقٍ خرج من بين صفوف القوات المسلحة شامخاً تتسارع خطاه وخطى القائمين بأمره لنشر المعرفة والعلم كأساس لبناء القدرات وإعداد قادة أصاغر مسلحين بالعلم كل في مجال تخصصه، إعدادٌ مبني على منهج متكامل ينافس مناهج أرقى الجامعات في وطننا العزيز. إننا نفتح صفحتنا اليوم لتحدّثنا إدارة جامعة كرري عن النشأة ومراحل تطوّرها وما وصلت إليه اليوم. ونقرأ في كتب «التاريخ العسكري، وتاريخ الأمم» أن كثيرًا من التطوّر الذي حدث في مجالات تهم الإنسان خرج من المؤسسات العسكرية لتلك الأمم وأن الحاجة هي السبيل للاختراعات والحروب تفرض على كل طرف أن يبحث عن كيفية تحقيق التفوّق على الطرف الآخر.. فالتطوّر الذي حدث في وسائل الاتصالات واستخدام الطائرات والآليات واحتياجات الفرد من معدات الوقاية والقتال بمختلف أشكالها واستخداماتها كل ذلك خرج من المعاهد العسكرية ومصانع الإنتاج الحربي وأصبح بعد ذلك مطروحاً للتطوير والإبداع للاستخدمات المدنية. والحديث في هذا المجال يطول ويحتاج إلى مساحات وأبحاث وتوثيق.. لقد بدأت محاولات إدخال العلوم الأكاديمية في منهج الكلية الحربية منذ بداية السبعينيات عندما سعى قائد الكلية الحربية في ذلك الوقت اللواء الركن توفيق أبو كدوك رحمة الله عليه لإدخال علوم السنة الأولى والثانية في الجامعة من ضمن برنامج الطالب الحربي وربط الكلية الحربية بجامعة الخرطوم، وبدأ تنفيذ الفكرة إلا أن القائمين بأمر التعليم العالي وضعوا العوائق في طريق الفكرة ورفضوا الاعتراف بمنح الطالب الحربي الذي يجتاز الفترة الدراسية الشهادة الجامعية المتوسطة التي يطلق عليها «Intermediate» فماتت الفكرة في بدايتها وكان بين الطلاب الذين بدأ تطبيق البرنامج عليهم طلاب متفوقين حُرموا من العلم بسبب عقول متحجرة برقراطية السلوك.. واليوم نجد معظمهم يحملون شهادة الدكتوراه وعددًا منهم «محاضرين» بجامعة كرري التي نتحدّث عنها اليوم ووكيل الجامعة اليوم منهم. وتكرّرت المحاولات بعضها خرج من كلية القادة والأركان وبعضها خرج من أكاديمية نميري العسكرية العليا وهذا يدل على إصرار منتسبي القوات المسلحة وقادتها على البحث عن الإبداع والعلم والمعرفة تطويراً لقواتنا المسلحة. كان لا بد من وصول تلك المحاولات إلى النتيجة المنشودة التي تهدف إلى إعداد قادة أصاغر يحمل كل منهم بعد تخرجه من الكلية التي ينتمي إليها درجة البكلاريوس في مجال تخصصه ومن خلالها يكون المجال مفتوحًا أمامه لتطوير قدراته العلمية. هكذا خرجت جامعة كرري تحدث عن أخبارها ساحة العلم في جميع المجالات لتغطي كل احتياجات القوات المسلحة وتساهم في تنمية الوطن والأمة. التحية لقواتنا المسلحة وهي تحتفل بعيدها السابع والخمسين والتحية لجامعة كرري مشعل النور الذي يضيء القلوب بالمعرفة.