لم يجد رئيس المجلس التشريعي لولاية نهر النيل بدًا من افتتاح الجلسة الأولى للدورة التاسعة بالحديث عن القضية التي فرضت نفسها بقوة وطغت على كل ما سواها من أحداث واهتمامات، وهي قضية المناصير من أصحاب الخيار المحلي الذين يعتصمون أمام مباني رئاسة الوالي بالدامر منذ شهر، ويصرون على مواصلة اعتصماهم حتى تصل قضيتهم إلى الحل الذي يرضيهم. رئيس تشريعي الولاية يحيى محمد جيب السيد قال خلال افتتاح الدورة التاسعة للمجلس الأحد الماضي 18 ديسمبر إن هذه الدورة البرلمانية تأتي في ظل انشغال كل أهل الولاية بأمر أصحاب الخيار المحلي المعتصمين بعاصمة الولاية، معددًا المحاولات التي قام بها المجلس للتدخل من أجل إيجاد حلول لهذه القضية التي تطاول أمدها، مبينًا أنهم قاموا بتشكيل لجنة متخصصة عقدت عددًا من الاجتماعات وقامت بزيارة لمناطق الخيار المحلي طافت خلالها كافة أرجاء محلية البحيرة ومن ثم قدمت تقريرًا مفصلاً عن الوضع، سيتم استصاحبه خلال دراسة الميزانية التي تم إيداعها بالفعل خلال تلك الجلسة. وأضاف جيب السيد أن المجلس قاد مبادرة على إثر الاعتصام حيث اجتمعت لجنة شؤون المجلس بلجنة المتأثرين ليومين متتاليين تم خلالهما مناقشة المذكرة ذات البنود العشرة التي رفعها المتأثرون لوالي الولاية، مع التطرق إلى كافة القضايا المتعلقة بالخيار المحلي، موضحًا أن الاجتماعات خلصت إلى توافق في الرؤى على كافة النقاط، كما اتفق الجميع على أن الجهاز التنفيذي بالولاية قدم كل ما هو مطلوب منه في هذه القضية وأن ما تبقى في هذا الشأن يرتبط بالمركز.. وأضاف يحيى أن لجنة شؤون المجلس طلبت من المناصير فضّ اعتصامهم بعد أن وصلت وجهة نظرهم لكافة الجهات ليسعى الجميع بعدها لإيجاد الحلول المناسبة لقضيتهم، إلا أنهم مصرون على الاستمرار في الاعتصام.. وأكد أن التعاطي بين المجلس والمتأثرين لا يزال قائمًا حيث أوفد المجلس عضوًا ليشارك في لجنة الحوار التي تم تشكيلها بين المتأثرين وحكومة الولاية. وقد تداخل عددٌ من النواب حول قضية المناصير حيث تقدم عبد الغفار أحمد بطلب تعليق جلسات المجلس حتى حل قضية المناصير، غير أن رئيس المجلس رد عليه بأن ذلك أمر لا جدوى منه حيث يمكن للمجلس أن يُسهم في الحل وهو منعقد أكثر من كونه غير منعقد.. وتساءل العضو مهدي الفاضل ممثل جماعة أنصار السنة بالمجلس هل سيظل الملف عالقًا إذا لم يتم فض الاعتصام؟ وما هي الضمانات التي تم تقديمها للمناصير بحل قضيتهم في حال فضوا اعتصامهم؟ ولماذا لم يقبلوا بهذه الضمانات في حال تم تقديمها؟ وأشار العضو في حديثه لضرورة وأهمية دخول منظمات المجتمع المدني لإحداث اختراق في هذه القضية باتجاه إيجاد حلول عاجلة لها. وقال النائب بشير ميرغني عن المؤتمر الوطني إن هذا المجلس هو المعول عليه من المناصير، وأنه الأولى بتولي هذه القضية وإيجاد حل لها، وتحدث عن أسباب حجز القافلة التي أرسلها مولانا محمد عثمان الميرغني للمتأثرين بمنطقة العوتيب جنوبشندي، قائلاً إنها تعتبر عملاً إنسانيًا ويجب الإفراج عنها، كما طالب المجلس بتصويب جهوده مع رئاسة الجمهورية بشكل مباشر.. النائب فاطمة إدريس من المؤتمر الوطني قالت «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها»، وإن سد مروي مشروع تنموي له فوائد وإيجابيات عديدة، كما أن له سلبيات أبرزها إفرازه لهذه القضية التي تعتبر أهم قضية في الولاية، مضيفة أن الحلول التي تم عرضها على المتأثرين فيها الكثير من الفوائد وكنت أتمنى أن يوافقوا عليها، موجهة رسالة للمعتصمين بفض اعتصامهم والعودة إلى مواقعهم بعد أن أوصلوا رسالتهم. النائب عائشة عثمان وجهت أسئلة لوزير الزراعة حول المشروعات الزراعية بمناطق الخيار المحلي، وقد أجابها الوزير بأن هنالك شقين من المشروعات وهي مشروعات التوطين ومشروعات الإعاشة، وأن العمل في مشاريع الإعاشة اكتمل في أربع منها وسينطلق في أربعة أخرى في الموسم القادم، أما مشروعات التوطين فقد تم إعداد دراسات لها وتحويلها لوزارة المالية الاتحادية من أجل تمويلها. وتساءل النائب بدر الدين العوض عما يقال من صعوبة استمرار هذه المشروعات في ظل المد والانحسار الذي تشهده البحيرة لمسافات كبيرة، ولكن وزير الزراعة رد عليه بأن هناك دراسات أشارت بالفعل لصعوبة استمرار الزراعة في هذه المشروعات بسبب انحسار البحيرة خلال فترة الصيف، ولكنه وفق الطواف الذي قام به في المنطقة يعتقد أن مساحات مقدرة من هذه المشروعات قابلة للاستمرار وأن المناطق التي تنحسر منها مياه البحيرة خلال الصيف يمكن زراعتها بالطرق البلدية المتعارف عليها. أما في الموسم الشتوي فمساحات كبيرة من هذه المشروعات قابلة للزراعة. النائب عائشة عثمان تقدمت بسؤال آخر لوزير المالية حول الاستثمارات التي يمكن أن تقام بمحلية البحيرة، وأجابها الوزير بأن هنالك العديد من الخيارات الاستثمارية بمحلية البحيرة تتراوح بين التعدين وصناعة الأسمنت والإنتاج السمكي والتخزين المبرد والمشروعات السياحية. على الصعيد الميداني ظل المناصير يواصلون اعتصامهم بميدان العشير شرق مباني أمانة الحكومة بالدامر، في ظل حراسة متواصلة من قوات الشرطة بعدد صغير نسبيًا من الجنود، مع استمرار الوضع السلمي للاعتصام الذي وافى شهرًا كاملاً حتى الآن، في حين ظلت لجنة الحوار المشتركة بين الجانب الرسمي وجانب المعتصمين تواصل انعقادها، دون أن يلوح في الأفق ما يفيد بحدوث انفراج في الأمر.