حالة السأم التي صاحبت حضور حلقة النقاش التي أقامها مركز دراسات المستقبل حول وثيقة الدوحة لسلام دارفور «أمس» واستمرار الجدل حول قضية دارفور ومفاتيح حلها، جعلت د. أمين حسن عمر رئيس الوفد المفاوض بمفاوضات الدوحة يؤكد أنها قضية سياسية تُؤخذ مواقفها بما يتلاءم ووجهات النظر، وأن مناخ السأم خيم على الأطراف المفاوضة حول القضايا الأساسية لمشكلة دارفور التي تبرر الاحتجاج والتمرد. وتمركزها في التفاوت في التنمية البشرية بأبعادها بين قدرة القيادات في المركز على التطور السريع وبين الأطراف، أوجب أن تُحل ولو بخسائر أو معالجات بعد أن بدأت تلوح حلولها بوجود فرص السلام الذي يقوم على أساس ديمقراطي، وإن لم تكن غير مقنعة للطرفين، خاصة أن سقف القضية كان يرتفع بسبب الأجندة السياسية الداخلية أو الاقليمية غير المفهومة والمبررة، كموقف ليبيا ودعمها للحركات المتمردة في الإقليم ، وتوظيف الحركة الشعبية لهذه الحركات التي خرجت من رحم المؤتمر الشعبي، مما أشعل فتيل الصراع، واستخدام الشعبية لها باعتبارها ورقة ضغط على الحكومة، وقال إن مقاربات وثيقة الدوحة لقضية دارفور تعترضها بعض الأشياء التي لا يمكن حلها في إطار التفاوض كمواقف القوى السياسية ومدى سعيها الإيجابي، أيضاً المواقف الدولية المتقلبة التي أكد أن الحكومة لديها المقدرة على المشكلات التي تليها في ما يتعلق بالإقليم، وإعطاء ضمانات مؤقتة لأهل دارفور بالتمثيل في السلطة المركزية بالمعايير الموضوعية ورفع معدل التنمية. وفي ما يتعلق بالجوانب الأمنية فقد أشار إلى أنه تم وضع بنود لعلاج التوتر مع دول الجوار، وأن ما حدث بتطبيع العلاقات مع إنجمينا أدهش الكل رغم ضعف الثقة بإنشاء فرق مشتركة وإيجاد مجموعة اقتصادية أمنية على الحدود، أيضاً صراعات القبائل قد انكمشت بسبب المعالجات أو التعقل الذي نزل على زعماء القبائل، ومن ثم تطرق د. أمين إلى القضية السياسية التي تمحورت حول طلب الحركات المتمردة منصب نائب رئيس الجمهورية «الذي سيتم التعيين له على أساس سياسي وليس جهوياً»، وأن طبيعة دستورنا ليست لنائب الرئيس فيه صلاحيات إلا حق الاعتراض على قرارات رئاسية محددة، وإن تعللوا بسلفا أقول لهم إنه لم تكن لديه أية سلطة على الجيش أو المفاوضات أو ما قد يؤثر على سير الاتفاقيات، وأن ما تطرحه من أرقام جديدة لتنمية الإقليم غير منطقية وموضوعية، ثم تناول محور الإقليم الذي تم الاتفاق على قيام استفتاء فيه العام المقبل، وأن قرار قيامه كان إحدى آليات الضغط على الحركات. ولكنهم عبروا عن أن التنازل لفكرته أمر مقبول لديهم، أما الترتيبات الأمنية فقد أعلن أمين رفضهم لها لتغير الأوضاع السياسية بعد انفصال الجنوب، وختم حديثه بأنه قد تم إنشاء لجنة لتقييم ومتابعة الاتفاقية مكونة من الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة يحكمها جدول تنفيذي لتحديد الجهة المنفذة والممولة. واتسم النقاش بالحدة حول أطروحات الحكومة بما تضمنته الوثيقة من بنود يراها البعض ليست في صالح الإقليم وأهله، ومدى قابلية تطبيقه على أرض الواقع، وأسباب الصراع الموجود التي يرى الأستاذ عبد الله آدم خاطر المختص في الشأن الدارفوري أنها تعود إلى الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي ودورهما في تأجيج الصراع، إضافة إلى اللغة غير العادلة التي يتحدث بها قيادات الوطني، مؤكداً على ضرورة أن تكون الوثيقة شراكة بين كل الأطراف، وأن تكون قاعدة لكل الإقاليم المشابهة لمعالجة القضايا الأمنية والتنموية، والمساهمة في صناعة المركز وليكون شراكة بين الجميع .أما د. يوسف بخيت فقد طرح مجموعة من التساؤلات حول مدى إمكانية الدولة المالية لتنفيذ الوثيقة، وما هي أهم المطلوبات لدعمها سواء من أهل دارفور أو السودانيين عامة، وهل من الممكن توسيع النشاط في الملف وتهويته ليسع أكبر عدد من أهل الإقليم. وخرج النقاش بضرورة عدم التسرع في تنفيذ الوثيقة، إلا بعد الجلوس مع من لم يوقع، وأن القضية بحاجة إلى إرادة سياسية شاملة ومنهج جديد من قبِل أبناء دارفور. والوثيقة خاطبت كل القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، وأن هناك عدم إرادة من جانب حركة العدل والمساواة لتحقيق السلام لارتباطها بأجندة دولية، ودعوة الحكومة للالتزام بالمصداقية في تنفيذ الاتفاقية حتى لا ترجع للمربع الأول.