إن معظم النظم البرلمانية والقوانين الدستورية وثقافة الوعي العام والفكر في إدارة الحوار داخل أروقة البرلمان بأسلوب نزيه ذكي، من جملة المعلومات والإفادات التي حدثنا عنها الزعيم الوطني خالد الذكر السيد إسماعيل الأزهري في كتابه: «الطريق إلى البرلمان» الصادر عن دار الثقافة ببيروت. ومن موضوعات الكتاب نذكر الآتي: الانتخابات واللجان والمجالس، وجدول الأعمال أو الأجندة، والنصاب العددي أو العدد القانوني، واجتماع المحاضرة والمناظرة، والاقتراحات في البرلمان، واقتراح تعديل الدستور أو اللائحة أو .. القوانين، والاقتراحات الفرعية الإدارية، وقراءة أوراق عمل في البرلمان وما يتبعها من نقاش وتصويت. ويقول المؤلف الزعيم اسماعيل الأزهري في مقدمة كتابه: يسود النظام البرلماني حول العالم اليوم، ولهذا النظام قواعد وقوانين وتقاليد يجب اتباعها ومراعاتها. وهذا النظام البرلماني بتلك النظم والقواعد، جديد على أمم الشرق، سواء التي أخذت به، أو التي تريد تأسيسه مستقبلاً. وقد يواجه الجيل الحاضر «وقتئذ» ذلك النوع من النظم البرلمانية بدون تدريب سابق، فلا يستفيد منه الفائدة المرجوة! ويقول الزعيم اسماعيل الأزهري في هذا الصدد: من رأيي أن يعد أبناء هذا الجيل والأجيال القادمة في المدارس إعداداً يتماشى مع النظم البرلمانية حتى تختلط بالدم، وتمتزج بالروح، وتصبح جزءاً من النفس لا يتجزأ، فتنشأ بالتالي، مجبولة على احترام القوانين، ومفطورة على حب النظام، ولهذا أرى لزاماً على رجال الشرق أن يعملوا على نشر وشرح الأساليب البرلمانية بين النشء والكبار إعداداً لهم حتى يتأصلوا فيها، ويستفيدوا منها الفائدة المطلوبة. وعن الدستور كأساس للحكم البرلماني، قال السيد اسماعيل الأزهري: إن الحكم البرلماني لا يقوم إلا على دستور به قوانين تبيّّن الحقوق والواجبات على الحاكم والمحكوم، وتوضّح تشكيل السلطات واختصاصاتها وقواعدها وسير الأعمال فيها.. وقد يكون الدستور مسطوراً أو غير مسطور، وفي كلتا الحالتين تجبُ صيانته من العبث، وخير كفيل لذلك، تربية الأمة الدستورية التي اذا رسخت وتوطّدت، كانت الحافز لها لتهب في وجه العابث لتصده عن حماقاته البغيضة.. ولا ضير في تعديل الدستور بالطرق المنصوص عنها فيه ليلائم تطورات الأمة ومقتضيات الزمن! وما ذكرناه آنفاً من نظم وقوانين سليمة عادلة للاهتداء بها في العمل السياسي الوطني النزيه، قد اتخذها الزعيم الراحل المقيم اسماعيل الأزهري رسالة وطنية ونبراساً فكرياً، ومنهجاً سياسياً في البرلمان حتى استطاع مع كوكبة نيّرة من أبناء الوطن الأوفياء المخلصين تحرير البلاد من الحكم الاستعماري البغيض وإعلان الاستقلال في أول يناير 1956م. وهذه ملامح من سيرة الزعيم إسماعيل الأزهري الزعيم الوطني اسماعيل الأزهري ولد بمدينة ام درمان في عام 1900م، ودرس الوسطى وعمره ثلاث عشرة سنة، وكان أول دفعته، وتخرج في كلية غردون بالخرطوم قسم المعلمين في عام 1923م.. وسافر في أول بعثة للمعلمين السودانيين للدراسة بالجامعة الأمريكية ببيروت في عام 1927م، وعاد إلى الوطن، متخصصاً في مادة الرياضيات. وعمل مدرساً في مدينة عطبرة، ثم كلية غردون ومدرسة وادي سيدنا.. وفي عام 1946م تقدم باستقالته من مهنة التدريس بعد أن رفض النقل إلى مدرسة حنتوب الثانوية، وقرر التفرغ للعمل السياسي من أجل الوطن. وكان الزعيم الوطني اسماعيل الأزهري منذ تخرجه، قد انتخب عضواً في لجنة نادي الخريجين، ثم سكرتيراً ورئيساً لعدة دورات، وكان من أكثر أعضاء النادي مواظبة على الحضور اليومي.. وهو من مؤسسي مؤتمر الخريجين، وانتخب عضواً في الهيئة الستينية للمؤتمر في جميع دوراته الانتخابية الخمس عشرة.. وتمّ انتخابه أول سكرتير عام لمؤتمر الخريجين، ثم رئيساً لدورات كاملة منذ عام 1941م، بعد أن كانت الرئاسة متداولة بين أعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر بمعدل شهر واحد لكل منهم.. وفي عهده تقرر مقاطعة المجلس الاستشاري لشمال السودان. وقاد الزعيم اسماعيل الازهري وفد السودان الممثّل لجميع الأحزاب إلى مصر في عام 1946م لعرض وجهة النظر السودانية أثناء مفاوضات «صدقي بيفن» حول مستقبل السودان في ذلك الحين. وفي تاريخ جهاده الوطني معارضته للجمعية التشريعية في عام 1948م في مظاهرة ضد الاستعمار وتمّ اعتقاله وحوكم بثلاثة اشهر سجناً! وعندما توحّدت الأحزاب الاتحادية اختير رئيساً للحزب الوطني الاتحادي في عام 1952م.. وفاز هذا الحزب بأغلبية مقاعد البرلمان في الانتخابات النيابية الأولى في عام 1953.. وانتخب السيد اسماعيل الأزهري رئيساً لأول حكومة وطنية للسودان بعد الحاكم الاستعماري لانجاز مهام الاستقلال المتمثلة في سودنة الوظائف وجلاء القوات الأجنبية من أرض الوطن العزيز واعلان الاستقلال. المرجع «معجم شخصيات مؤتمر الخريجين د. المعتصم أحمد الحاج اغاريد حب للوطن لقد عبّر المفكر الشاعر الدكتور كامل الباقر عن حبه للوطن العزيز «السودان» ويقول إنه مهما يلاقي من معاناة.. وشقاء في سبيل عزّته ومجده، سيظلُ دائماً في حياته عاشقاً متيماً بحسن الطبيعة وبديع مشاهدها فيه، قائلاً: وطني وإن قست الحياة في سبيلك حبذا.. الآلامُ.. والأتعاب وطني وإن تمنعّت المنى ذهب، ومافي جانبيك تراب نيل من الفردوس جاء كأنه فيض من السحر الحلال مذاب واد نضير الظل في شطآنه تسبي القلوب وتسحر الألباب! {والشاعر الوطني الكبير محمد أحمد محجوب خاطب الشباب، مناشداً إياهم مواصلة النضال ضد الحكم الاستعماري في السودان آنذاك، قائلاً: لا تخش إن سالت دماك سخيّة إن الدماء شعار كل مظفّر اقدم فأنت اخو القواضب والقنا ولأنت في الهيجا قريع غضنفر تبنى الشعوب على الفداء وشعبنا أولى الشعوب بكل جلد مجتري كونوا الفداء له وردوا حقه وابنوا بناءً خالداً في الأعصر! وعندما ارتفع علم السودان الحبيب عالياً خفاقاً في شموخ وازدهاء في يوم الاستقلال المجيد: «أول يناير عام 1956م» نظم الشاعر محمد خير علي قصيدة عبّر فيها عن فرحته الكبرى بذلك اليوم الخالد في تاريخ السودان قائلاً : هذا دمي من غير من، حارس يحمي حماك وفي ثراك يراق ولدتك «شيكان» على صم القنا وغذّاك من «كرري» دم مهراق سنصون مجدك بالدماء سخيّة قسماً.. بوجهك.. إنه ميثاق! وفي قصيدة وطنية رائعة انشدها الشاعر الاستاذ الطيب محمد سعيد العباسي في النادي الثقافي الاجتماعي السوداني بأبوظبي، تألّقت المعاني وتضمّخت بأريج الحب والوفاء للوطن في الأبيات الشعرية التالية: وحيّي في الجهاد رجال صدق عنت لهم الحواضر والبوادي أقاموا مجد دين.. مجد علم وصانوا المجد بالصم الحداد مصطفى عوض الله بشارة