يَقُوُلُ الشيخ مُحَمَّد الْغَزَالِيِ فِيِ كِتَابِهِ الْرَّائِعِ جَدِّدْ حَيَاتَكَ: «لَوْ أَنَّ أيْدِيِنَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَمْتَدَّ إِلَيَ الْمَاضِيِ لِتُمْسِكَ حَوَادِثَهُ الْمُدْبِرَة،فَتُغَيَّرَ مِنْهَا مَا تَكْرَه،وَتُحَوِّرَهَا عَلَيَ مَا تُحِبُّ، لَكَانَتْ الْعَوْدَةُ ِإلَيَ الْمَاضِيِ وَاجِبَةٌ، وَلَهَرَعْنَا جَمِيِعَاً إِلَيْهِ، نَمْحُوَ مَا نَدِمْنَا عَلَيَ فِعْلِهِ، ونضاعف مَا قَلَّتْ اَنْصِبَتُنَا مِنْهُ. أَمَا وَذَلِكَ مُسْتَحِيِلٌ، فَخَيْرٌ لَنا أَنْ نُكَرِّسَ الْجُهُودَ لِمَا نَسْتَأنِفَ مِنْ أَيَّامٍ وَلَيَالٍ، فَفِيِهَا وَحْدَهَا الْعِوَضُ». وأقول: لو كانت هناك آلة زمان كما تخيلها الروائي الإنجليزي ه . ج. ويلز (Time Machine) ندخل فيها وبزرٍّ واحد ندوس عليه تنقلنا إلى الماضي والعهود السحيقة أو إلى المستقبل فنتأمل حوادثه بعين الحاضر لاستطعنا أن نغير كثيراً من حوادث التاريخ. تلك قصة من قصص الخيال العلمي التي لا تحدث إلا في الخيال. وقد أدرك السودانيون بفطرتهم هذه الحقيقة فقالوا «الفاتك فوتو» وهذا يعني أن نتعامل مع الحاضر بواقعية. لقد لاحظت أن الناس في الآونة الأخيرة يعيشون في «نوستالجيا» أي الحنين إلى الماضي، فيتكلمون وهم يتنهدون عن «الزمن الجميل» وما دروا أن كل زمن نتجاوزه بسنوات يصبح زمناً جميلاً «ويا حليل زمن الجهل، ورتوع الظبا في السهل» . طبعاً كلمة «الجهل» هنا تعني زمن الطفولة والأطفال يسمون «جهال». أما قصة رتوع الظبا في السهل إن كانت تعني الفتيات الجميلات فلا رتوع لهن اليوم. لقد تأبطن «شنيطاتهن» وانطلقن من حافلة لحافلة ومن ركشا لركشا ومن أمجاد لأمجاد أو سيارات لسيارات أو راجلات، سابلات سائحات ثيبات وأبكارا. وكما قال شاعر حلمنتيش المتكبكب الودكي: يلوحن لي كريماتن، بشوفا جوّه شنيطاتن، بريدن شوقي ... إلخ إالخ. وإما إن كانت الظباء هي الظباء فقد قضت عليهن شراذم الأمم التي تداعت على حياتنا البرية إبادة وتقتيلاً دون هوادة. وعليه فيجب أن نخرج من «محفظة» الإحباط والانكسار «طبعاً كل شيء جعلنا له محفظة». أن نخرج إلى حال نتعامل معها بكل واقعية. وأن نجذب نحونا الأفكار البناءة المتفائلة وأنه بالإمكان أحسن مما كان. إن قوة الجذب Power of Attraction تقول إنك إذا فكرت في كل المسائل السالبة فإنك ستجذبها إليك وكذلك إذا فكرت في كل المسائل الإيجابية فإنك أيضاً ستجذبها إليك وهذا هو الفرق الذي يجعل بعض الناس ينجحون فيحققون تطلعاتهم وبين الذين يركنون إلى الاكتئاب والإحباط والأفكار السوداء التي تجذبهم إلى قاعها. فالمتفائل هو الذي يعتقد أن الغد سيكون أحسن من اليوم، والمتشائم يخشى أن يكون ذلك صحيحاً. صحيح أن المنغِّصات كثيرة ومتعددة ولكن يجب أن تكون لنا رؤية واضحة فيما يجب علينا أن نفعله ولا يجوز أن نستسلم كالرمل للريح تحركنا أنّى شاءت. نحن أكثر الناس ضيقاً وتبرماً بالواقع وتشريحاً له ولكننا أقل الناس أفعالاً لتغييره عملاً بحكمة أكرهها على كافة أشكالها تقول «إن العين بصيرة واليد قصيرة» ولم نقف يوماً لنفكر كيف نجعل تلك اليد طويلة. وكأننا نتوقع أن يتغير الواقع من تلقاء نفسه. وإذا كان السودان الآن تمر به كارثة فمن رحمة الله وتدبيره أن الكوارث مهما كانت فداحتها لا تدوم. ولذلك دعونا نترك البكاء على ماض أخطأنا فيه أو لم نخطئ لن نستطيع تغييره، ونفكر في مستقبل مشرق يليق بنا يمكن أن نحققه بعمل دؤوب إستراتيجياتنا فيه واضحة. اللهم أنِر لنا دربنا الذي فيه نجاحنا الذي ارتضيته لنا، وأرضنا به. آخر الكلام: دل على وعيك البيئي.. لا تقطع شجرة ولا تقبل ولا تشتر ولا تهد هدية مصنوعة من جلد النمر أو التمساح أو الورل أو الأصلة أو سن الفيل وليكن شعارك الحياة لنا ولسوانا. ولكي تحافظ على تلك الحياة الغالية لا تتكلم في الموبايل وأنت تقود السيارة أوتعبر الشارع.